أسرار “الحرملك”.. بيت الغموض والمتعة في البلاط العثماني
عندما تذكر كلمة “الحرملك”، فإنها تثير في العقول تلك الصورة الذهنية بالغة الترفيه، حيث الفراش الوثير، والستائر المتلألئة، ونسائم البخور الراقصة على أضواء الشموع الخافتة، إلى جانب كؤوس الشراب الشهي، وحبيبات العنب الأحمر المرصوصة في شكل بديع، والأهم من هذا كله هو الفاتنات الجالسات بكل أنوثة إلى جانب السلطان ذي اللحية البيضاء والعمر الذي يؤهله ليكون والدا لكل منهن.
ولكن هل هذا كل ما في الأمر؟ وهل اقتصر “الحرملك” في بلاط السلطان العثماني على اللهو والترف، أم كان له دور كبير في تسيير أمور الدولة؟.. هذا ما سنعرفه خلال جولة صغيرة داخل هذا العالم الغامض.
ما هو “الحرملك”.. وماذا يعني؟
تعبر كلمة الحرملك عن المكان المخصص للحريم، وهي كلمة تأتي من الكلمة العربية “حرام” أي مكان يتمتع بالحماية، وهو الشيء الذي حرم فلا ينتهك.
وارتبطت هذه الكلمة بالجناح الضخم الملحق بقصر السلطان إبان الحكم العثماني، والذي يضم والدته وزوجاته وجواريه، وبناته.
كان الحرم السلطاني في الباب العالي يأخذ مساحة كبيرة تضم ما يزيد على 400 غرفة، وإضافة إلى أسرة السلطان وجواريه، كان يضم أيضًا الخدم والموظفين من النساء، للاهتمام بأعضاء الجناح ومرافقه المتعددة التي تضم مطابخ وحمامات وصالونات ومكتبات وحدائق، فكان هذا الجزء بمثابة عالم أخر منفصل.
تميز “الحرملك” بالخصوصية الشديدة، وكان محجوب الرؤية، ولم يكن مسموحا لأي شخص دخول هذا المكان الذي لم يكن له مخرج مباشر، ولا يمكن الوصول إليه إلا لمن يعرف الطريق، وهذا المكان الغامض ألهم ما وراءه خيال الأدباء والرسامين، وارتبط بالأساطير على مر التاريخ.
“السلطانة الأم” داخل الحرملك ونفوذها
والدة السلطان، أو السلطانة الأم، هي المسؤولة الأولى في “الحرملك”، وتمارس سلطة مطلقة في اختيار عضوات الحرم، وتوزيع أدوارهن، ولا يضاهي سلطتها هذه سوى السلطان نفسه، وكانت هي أكثر سيدات القصر اتصالاًبالعالم الخارجي.
وكان يطلق على السلطانة الأم في البداية اسم “خاتون” حتى القرن الـ16، فكانت السلطانة “حفصة” زوجة “سليم الأول” ووالدة “سليمان القانوني” أول أميرة عثمانية تحصل على لقب والدة السلطان وذلك في عهد ابنها، وهو لقب لم تحصل عليه سوى 23 سلطانة من أصل 36 أما للسلاطين.
ورغم أن دور السلطانة الأم كان إطلاع ابنها على الأمور الداخلية للقصر، ومساندته في الإلمام بشؤونه، إلا أن والدات سلاطين كثير اتجهن إلى السياسة، واستخدمن نفوذهن بما جلب الضرر، خاصة وأن أمهات السلاطين كان منهن من كانت في الأصل من الجواري، فلم يحظين على الأغلب بتعليم كاف، فقط إتقان بعض المشغولات اليدوية والموسيقى بحكم تربيتهن في الحرملك، الذي يعد مفرخة السلطة.
“الحرملك” منبع الحكم ومستقر لمجموعة من المحظيات
كانت الغالبية العظمى من بيوت المسلمين في الإمبراطورية العثمانية، تمتلك الحرملك، حتى لو كان مجرد غرفة واحدة، لذلك كانت لنساء العائلة مساحة خاصة بهن.
وكان الحرملك السلطاني كدولة داخل الأسرة، ولم يكن لدى نسائه أي اتصال بالسلطان على الإطلاق، فالنساء النبيلات تقمن بالأشياء التي تقوم بها المرأة النبيلة، والخادمات تخدمن، وبنات السلطان كن بمثابة قطع شطرنج مفيدة في جذب الحلفاء السياسيين.
وكان يسمح للسلطان بأن يمارس العلاقة الجنسية، مع أي من الخادمات باعتبارهن جواريه، لكن “الحرملك” عرف أيضا وجود المحظيات، وهذا في الحقيقة وراء الأسطورة الشريرة التي تقول إن السلاطين العثمانيين احتفظوا بمجموعات كبيرة من المحظيات في حريم قصر توبكابي.
والمحظية، كانت هناك في المقام الأول لممارسة الجنس، وكانت أغلبهن من القوقاز وإفريقيا وبلاد فارس، ودورها في الأساس هو تلبية جميع ملذات السلطان، بما في ذلك قراءة الشعر والموسيقى.
المصدر: روتانا
Notice: Trying to get property 'post_excerpt' of non-object in /home/shaamtimes/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73