كيف سيبدو العمل في المستقبل؟
في ظل التطور التكنولوجي الهائل الذي يشهده العالم اليوم، يجزم العديد أننا وصلنا إلى مرحلة لم يعد بإمكاننا فيها التخلي عن التكنولوجيا سواءً في حياتنا الشخصية أو العملية على حدٍ سواء. فقد أحدثت التكنولوجيا ثورة في طريقة العمل سواءً في عملية التوظيف أو في خلق وظائف ومجالات جديدة حتى أن النسبة الأكبر من المؤسسات والشركات حول العالم أصبحت تقوم بإعادة تشكيل أساليبها كي تناسب التطور التكنولوجي الذي وصلنا إليه.
لكن التطور لا يخلو من العيوب، فهناك الكثير من الآراء التي تهاجم كثرة الاعتماد على التكنولوجيا نظراً لكونها قد تحل محل العديد من الوظائف التي يقوم بها البشر في المستقبل، إلا أنه من ناحية أخرى، يشير الخبراء إلى أنها ستخلق مجالات جديدة يمكن للبشر العمل بها كما فعلت صناعة السيارات في الماضي.
على كلٍ، فإن التطور أصبح واقعاً، لذا معرفة كيف سيبدو العمل في المستقبل سيجعل البشر أكثر استعداداً للعمل من خلال تعلم كيفية استغلال الفرص وفقاً لأساليب العمل المستقبلية. لذا نقدم إليكم في هذا التقرير أهم التوقعات التي يتم الإشارة إليها حول شكل وأسلوب العمل في المستقبل كما يلي.
1- لا مزيد من العمل في مكانٍ واحد لفترة طويلة
بالعودة إلى فترة الثمانينيات والتسعينيات، كانت تستمر فترة عمل معظم الموظفين في الشركات ما بين 25 إلى 30 سنة، ولم يكن من الغريب أن يتقاعد الموظف من نفس مكان العمل الذي انضم إليه كمتدرب. لكن الآن، هل يمكننا تصور سيناريو مماثل في عصر العمل اليوم؟
وفقاً لإحصائية أصدرتها منظمة «Work Generations» المهتمة بمستقبل العمل، فإن 91٪ من أبناء الجيل الحالي، لن يبقوا في وظيفة لمدة تزيد عن ثلاث سنوات، وهذا يعني أنه من المحتمل أن يكون لديهم أكثر من خمس عشرة وظيفة على مدار حياتهم العملية.
الوظائف طويلة الأجل هي الآن قصة من الماضي، وبالفعل بدأت بعض المنظمات في المعاناة من هذا الأمر، حيث لا يستمر الموظفون بها لمدة أكثر من سنتين أو ثلاثة مما يجعلها تستثمر الكثير من الموارد والأموال في عمليات التدريب وبرامج المكافآت حتى تضمن استمرار الموظفين لفترةٍ أطول.
2- إفساح المجال للأصغر سناً
تشهد ساحة الوظائف ثورة كبيرة مؤخراً في الأدوار القيادية، فهناك المزيد من القادة الشباب الذين يعيدون تشكيل مفهوم القيادة والذين تتراوح أعمارهم بين 30 إلى 40 عاماً، حيث يستطيعون اتخاذ قرارات أكثر جرأة، كما يعيدون تحديد سمات ومظاهر القائد في بيئة العمل.
في هذا العصر، لا يمكن للشركة أن تنمو دون الابتكار، والشباب هم المواد الخام للابتكار المطلوب لهذا النوع من العمل، لذا أصبحوا أساس الأعمال في الحاضر وسيزداد الاعتماد عليهم بشكلٍ تدريجي وملحوظ في المستقبل. الجدير بالذكر أيضاً أن معظم الشباب الذين لديهم المقدار المطلوب من الشجاعة، يريدون أكثر من مجرد وظيفة ثابتة وهادفة تساعدهم على صعود السلم الوظيفي بسرعة، فنجدهم يحاولون تأسيس شركاتهم الخاصة ومشاريعهم الناشئة، والكثير منهم ينجح في تحويل هذه الأفكار والمشاريع إلى مؤسسات وشركات عالمية.
3- التطلع إلى ما وراء الجدران الأربعة
هل تعلم أن أن شركة “ووردبريس” الشهيرة والتي يعتمد عليها حوالي 25% من مواقع الإنترنت، وبها موظفين من أكثر من 40 دولة، لا يوجد بها أي مكاتب عمل! يعتمد فريق العمل بموقع ووردبريس بشكل شبه كلي على منصة داخلية للتواصل والتعاون عبر الإنترنت ما يمنحهم فرصة الحصول على خبرات وظيفية دون حدود المكان والزمان.
لذا، يمكن للعالم أن يوّدع قريباً الشكل المتعارف عليه للشركات، فمع تطور التكنولوجيا وأساليب التواصل، يمكن لأي فرد العمل من المنزل، وهو ما يتيح فوائد كبيرة لأصحاب الأعمال والموظفين على حد سواء، كما أن هناك نماذج لشركات ويب عربية رائدة تعتمد العمل عن بعد بشكل كامل مثل “شركة حسوب” حيث يعمل جميع فريق عملها عن بُعد من دون مكاتب.
ما يميز تلك الطريقة في العمل، أنها تسمح لأصحاب الأعمال بالحصول على الخبرات والكفاءات التي يبحثون عنها من أي مكان وتوظيف مستقلين عن بُعد من منصات العمل الحر مثل “منصة مستقل” أو “موقع خمسات” مما يُمكّنهم من الحصول على الأشخاص المناسبين للقيام بالمهام بالأجر المناسب ووفق الميزانية المتاحة.
4- التخلص من نصف الوظائف تقريباً
استحواذ الآلات على وظائف البشر هو الهاجس الأكبر المرتبط بتطور التكنولوجيا والذي يطارد أفكار الناس بشكلٍ مستمر، حيث تقوم الشركات بجميع أحجامها بمحاولة الاعتماد على الآلات والذكاء الاصطناعي بدلًا من البشر، ووفقاً لبعض التقارير فإن ما يصل إلى 47% من الوظائف الحالية سيتم التخلص منها تلقائياً وتحولها إلى النظام الآلي خلال السنوات الخمس والعشرين القادمة.
هذه الحقيقة ستؤدي في نهاية المطاف إلى استبدال مئات الآلاف من الوظائف التي يقوم بها البشر وتحويلها إلى أنظمة آلية تقوم بها أجهزة الكمبيوتر أو الروبوت، إلا أن هذا التطور سيؤدي أيضاً بالتزامن إلى فتح أسواق وفرص جديدة للبشر يمكنهم العمل بها بدلاً من الوظائف التي تم استبدالها.
5- التعلم هو سبيل النجاة الوحيد
لقد كان التعلم وسيظل دائماً جزءاً لا يتجزأ من حياتنا في المستقبل، حيث يدرك الأفراد بالفعل أنّ هناك حاجة إلى استثمار الوقت والجهد في الارتقاء والتقدم، خصوصاً أن احتمالية استبدال وظائفهم بأنظمة الذكاء الاصطناعي أصبحت وشيكة جداً إن لم يقوموا بتطوير أنفسهم.
ينطبق هذا الأمر على أصحاب الأعمال والموظفين على حدٍ سواء، ومن حسن الحظ، فإنّ هناك كثير من المواقع التعليمية توفر العديد من الدورات التدريبية المهمة التي تجعل من السهل لأي فرد أن يطور من نفسه ويكتسب مهارات جديدة قد تكون مفيدة له في الحاضر أو المستقبل.
6- العمل بأكثر من مجال
لماذا يعد إيلون ماسك أحد رواد الأعمال الأكثر نجاحاً اليوم؟ فمع ثلاثة شركات مختلفة في مجال الطاقة، والنقل الفضائي، والسيارات الكهربائية، والعديد من المشاريع الأخرى، نجح ماسك في إنشاء أعمال مستدامة في المجالات التي لم تكن لديه خبرة غنية سابقة بها.
يتناقض ذلك بعض الشيء بعلمنا أنه ينبغي إتقان مجال واحد للحفاظ على قوة معرفتنا به، أو التركيز على عمل واحد في حال أردنا نمواً مستمراً للأعمال التجارية والاستثمارية.
لكن ليس بعد الآن. فقد يكمن فن اختيار العمل اليوم في تحديد المجالات الصحيحة التي تتمتع بإمكانيات كبيرة ومستقبلية للازدهار، فلن يكون مستقبل رواد الأعمال متعلقاً بمجال واحد معين فقط، بل إنه سوف يتعلق بكيفية تغذية أفكار الأعمال في مجالات جديدة، وبناء نماذج أعمال ناجحة.
كذلك بالنسبة للموظفين، سيصبح الاعتماد أكثر على الأشخاص الذين يمتلكون مهارات مختلفة، حيث يمكن الاستعانة بهم للقيام بأكثر من مهمة في أقسامٍ مختلفة داخل الشركة ذاتها ما يوفر على الشركة إنفاق المزيد من الوقت والمال في عمليات التعيين لأفراد بمهارات متخصصة.
7- أين هم الموظفون؟
مع زيادة العمل حسب الطلب، ظهر مجتمع جديد تماماً يتم فيه تعيين أشخاص يستطيعون إنجاز المشاريع في بيئات عمل غير تقليدية لمرة واحدة أو لعدة مرات، وتم إطلاق لقب “المستقلين” عليهم. وفقاً للإحصائيات، فإن عدد المستقلين في أمريكا على سبيل المثال يتعدى 36% من إجمالي القوى العاملة.
بداية من مدراء المشاريع عن بُعد، وصولاً إلى سائقي سيارات أوبر، يمكن أن يعمل المستقل في وظيفة محددة أثناء اليوم، وفي وظيفة مختلفة تماماً عن بُعد بشكلٍ مستقل أثناء الليل. فلم يعد مستقبل العمل مرتبطاً ضمن حدود تأسيس الشركات، أو داخل أربعة جدران، بل أصبح هناك مواقع كثيرة يمكن من خلالها توظيف المستقلين، واختيار أكثرهم كفاءة، ومع توجه الكثير من الأشخاص إلى امتلاك عملهم الخاص أو تأسيس شركة صغيرة، سوف يصبح الشكل الأمثل للعمل في المستقبل منحصر في أصحاب أعمال ومستقلين.
Notice: Trying to get property 'post_excerpt' of non-object in /home/shaamtimes/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73