الإثنين , ديسمبر 23 2024
شام تايمز

Notice: Trying to get property 'post_excerpt' of non-object in /home/shaamtimes/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

الحكومة لا تنفّذ التوجيهات الرئاسية!

شام تايمز

الحكومة لا تنفّذ التوجيهات الرئاسية!
قد لا يلزم الأمر سوى اتصال واحد مع أحد أقربائك أو معارفك من المسؤولين، ليتم تعيينك في المكان الذي ترغب فيه دون الاهتمام بشهادتك الجامعية أو تحصيلك العلمي أو كفاءتك في إدارة وظيفتك، هذا كلّه باستثناءٍ قد يكون شفهيا أو خطيا، وأحيانا بقرار رسمي يصدر عن المسؤول، متجاوزاً كل القوانين في سبيل ملء جيوبه أو تسيير مصالحه ومصالح أقربائه.
تشريعات متطورة وإدارة متخلّفة
إذا كان علينا إعادة النظر في النصوص القانونية وإلغاء كل استثناء فيها، وتعديلها بما ينسجم مع الرؤية الصحيحة إدارياً حتى نضمن تجسيد منعكسات التشريعات على أرض الواقع، لابد من الإشارة بأنه لا يمكن الوصول إلى نتائج للتشريعات المتطورة في ظل إدارة متخلفة، لأنها تحبط أي تشريع، كونها وببساطة هي الأداة التي تقوم بصياغة أو تطبيق التشريعات، وبالتالي فإنها تعيق وتعرقل أي تطور تشريعي، لذا فنحن بحاجة إلى إدارة كفؤة مهنية مدربة تطبق هذه التشريعات كما يجب، لأن هناك علاقة حتمية جدلية واضحة بين تطور الإدارة وتطور التشريعات.
الحكومة لا تنفذ التوجيهات الرئاسية!
شدد الرئيس بشار الأسد خلال أداء اليمين للوزراء الجدد على أولوية وضرورة الإصلاحات الإدارية، وإلغاء كل الاستثناءات ومحاربة الفساد وتقديم شيء ملموس للسوريين، قائلاً إن «قصور الإدارة لدينا هو من أهم العوائق التي تعترض مسيرة التنمية والبناء، والتي تؤثر بشكل سلبي في كل القطاعات دون استثناء، وعلينا أن نبدأ بالسرعة القصوى بإجراء الدراسات الكفيلة بتغيير هذا الواقع للأفضل من خلال تطوير الأنظمة الإدارية وهيكلياتها ورفع كفاءة الكوادر الإدارية والمهنية وإنهاء حالة الاستثناءات والوساطات، والتسيب واللامبالاة، والتهرب من أداء الواجب، ولابد من محاربة المقصرين والمسيئين والمهملين والمفسدين».‏
الرئيس الأسد أكد أيضاً في خطابه في مجلس الشعب، على ضرورة تعزيز أداء القطاع العام واعتماد منهجيات جديدة ومبدعة، وعلى تعزيز الدور المحوري للشفافية، والمحاسبة، وعلى إشراك المواطنين في عملية الإصلاح وتحسين الإدارة، كما وجّه بإعادة تقييم تجربة المعهد الوطني للإدارة واستثمار خريجيه. لكن الحكومة لم تنفذ التوجيه الرئاسي، كما أنها وبأغلب أعضائها، لا تنفذ الرؤى الرئاسية حسب وصف الخبير والباحث في علم الإدارة عبد الرحمن تيشوري، مضيفاً أنه لا يوجد في العالم شيء اسمه استثناء إلا في سورية حتى أصبحنا من أكثر دول العالم فسادا، في حين أن الحكومة تقول إنها مجرد اختناقات وهو كلام غير مقنع للسوريين.
الوضع غير مقبول على الإطلاق
في سورية تأثرت الوظيفة العامة بطرق المحاباة والاستثناء والمحسوبية، لكن هذه الأساليب أصبحت غير مقبولة على الإطلاق لما وصلت إليه من جمود وترهل، وفقدان الخدمات وفشل إداري انعكس سلباً على تحقيق أهداف السياسة العامة للدولة، بعد نتائج الحرب الكارثية، لذا كان لا بد من إعادة النظر بطرق الانتقاء وسياسات التعيين والرقابة، بحيث نصل الى طرق حديثة وفعالة والتي أصبحت معتمدة في أكثر دول عالمنا المعاصر لاسيما الروسي والصيني والهندي، لذلك يرى تيشوري أنه يجب العمل على مبدأ الانتقاء على أساس الاستحقاق والكفاءة، من دون القبول باستثناء لفلان أو فلان، حيث يتم تطبيق هذا المبدأ في أكثر دول العالم المعاصر إما بواسطة نصوص دستورية أو قانونية أو تنظيمية، وقد يكون تنفيذ هذا المبدأ موكول إلى هيئة مستقلة مؤلفة من كبار الشخصيات الإدارية، بحيث يمكنها أن تتمتع بالضمانات اللازمة كافةً لاختيار كوادر للإدارة العامة على أسس ومعايير الاستحقاق .
عشق السكرتيرات الجميلات!!
تشير الإحصاءات في سورية بحسب الخبير تيشوري إلى أن 75% من العاملين في الدولة يحملون تأهيل منخفض المستوى وما دون، وهؤلاء لا يمكن أن يكونوا عقل الدولة المفكر والمدبر، ولا يمكن أن يكونوا أداة إصلاح وتطوير وتحديث، في عصر العولمة والاقتصاد المعرفي وعصر الإنترنت والمعلوماتية وعصر الشركات وتشابك الأمم والاقتصادات والشعوب، لذا لا بد من تغيير بنية القوى العاملة، بحيث نستقطب الكفاءات والتخصصات العالية والهندسة التقنية وإدارة الأعمال لنستفيد من هؤلاء بدل منخفضي التأهيل.
ويضيف الخبير في الإدارة أنه «إذا لم نفعل ذلك فلن نستطيع إصلاح الإدارة وإصلاح الاقتصاد وإعادة الإعمار وتقليل الفساد، وبالتالي لن نستطيع أن نحقق شعار إصلاح وتحديث وتطوير سورية. وعلى الرغم من أن سورية اخذت بمبدأ الاختيار على أساس الاستحقاق أي بطريقة المسابقة، إلا أن هذه الطريقة قد اعتراها الكثير من الاستثناءات، والاختراقات حيث وصل أشخاص إلى مواقع المسؤولية لا يقدرون معنى المسؤولية وخدمة الناس، ولم يأخذوا من المنصب سوى السلطة والمكاسب وتبديد المال العام، واقتناء السيارات الفخمة وعشق «السكرتيرات الجميلات»!
مزاجية الوزراء وراء الاستثناءات
يبيّن وزير العدل هشام الشعار في تصريح سابق له أن اللجنة المعنية بإدارة ملف تطوير التشريعات الناظمة لعمل الوزارات لتعديلها، كلفت الوزراء بموافاتها بالاستثناءات الموجودة، وبعد دراستها تبين أن الخلل الأساسي يكمن في مزاجية التطبيق للسلطة التقديرية بالنسبة للوزراء، ولذلك أعيد تكليف الوزراء بالدراسة الثانية للاستثناءات التي تشكل خللاً في مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، ودراسة السلطة التقديرية في التشريعات مع التأكيد على أنه عند اتخاذ أي قرار إداري يجب أن يكون معلَّلاً بالأسباب وضمن سقف زمني، ومن هذا المنطلق يتبين أن نجاح الإدارة يتوقف على التطوير المناسب في الوقت المناسب، ولقد أثبتت التجارب بأن إصلاح النصوص مهما كان لا يصل إلى درجة الكمال بل يبقى ناقصاً إذا لم يرافقه إصلاح في الإدارة والأشخاص والمديرين، التي يمكن أن يتم بها نقل النصوص إلى الواقع العملي، وهذا يعني الإصلاح في عملية صنع القرارات الإدارية لأنها الأداة الرئيسية التي يتم بها تغيير الواقع نحو الأفضل وحل المشاكل عبر تغيير الذهنية والطريقة والأسلوب.
مجلس الوزراء وافق على اقتراح العدل… بانتظار النتائج!
وافق مجلس الوزراء على الآلية المقدمة من قبل وزارة العدل بخصوص إلغاء استثناءات التشريعات، والتي تتضمن إلغاء كافة جوازات القوانين التي تقع ضمن صلاحية الوزير، وإلغاء استثناءات النظام الداخلي للوزارات، والطلب من كل وزارة أعدت تشريعا أن تكون هي المسؤولة عن تعديله، وإلغاء استثناءاته بهدف تحديد المرجعية في التعديل. وتم منح الوزارات مهلة /15/ يوما لتقديم تصور واضح لجهة إلغاء الاستثناءات، كما قرر مجلس الوزراء البدء بخطة تطوير وتحديث التشريعات الناظمة، لعمل الدولة لجهة تبسيطها وتوحيدها وإلغاء الاستثناءات. وقرر مجلس الوزراء أن تكون التشريعات «بسيطة ومرنة وواضحة لا تحتمل التأويل بما يتناسب مع متطلبات مرحلة ما بعد الحرب في القطاعات الخدمية والتنموية، مع الأخذ بعين الاعتبار إلغاء المواد المتعلقة بجواز إعطاء استثناءات، عند تطبيق الأنظمة والقوانين». كما شكل المجلس مجموعة عمل من وزارات العدل والمالية والتنمية الإدارية وهيئة التخطيط والتعاون الدولي والأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء، لوضع الآليات التنفيذية لتطوير وتحديث التشريعات.
عهد الاستثناءات ولى في وزارة التربية!!
في الأول من الشهر الجاري أصدر وزير التربية قراراً حدد فيه الشروط الواجب توافرها لنقل العاملين، بهدف الحد من الاستثناءات والعمل على إلغائها تماماً من الوزارة، بعد دراسة مختلف الاستثناءات المقدمة، تقول إحدى المعلّمات في حديثها مع «الأيام» إنّها قدّمت طلب نقل من حلب إلى مكان إقامتها في اللاذقية وعلى الرغم من أنها متزوجة وزوجها عسكري في الجيش السوري منذ ست سنوات، ومكان خدمته في اللاذقية، أي مستوفاة لشروط النقل من دون أية استثناءات، إلا أنّ طلبها قوبل بالرفض، علماً أن هذا العام هو آخر عام لتحديد مركز العمل، وإذا لم تنقل سيتم تثبيت مكان دوامها في حلب.
القرارات لن تجدي نفعاً
المعارض منذر خدام، الأستاذ في جامعة تشرين بين أنّه لو أصدر أمر إداري أو حتى مرسوم يقضي بمنع منح الاستثناءات فهي لن تتوقف قبل تكوين إنسان جديد وثقافة جديدة وإحساس عال بالمسؤولية، عندها من الممكن معالجة الأمر، أما في النظام الإداري الحالي فلن يتم ضبط الاستثناءات خاصةً أنها باتت تشكل مصدر رزق لكثيرين.
ولفت خدام إلى أنه ما أن يُكتشف فساد الاستثناءات في الدول المتقدمة سرعان ما يعاقب الفاسد عقوبة شديدة، على عكس ما يحصل في بلادنا حيث أنه بات من الملاحظ أن الفساد يُكافأ، ضارباً المثل بمدير استلم التجارة الخارجية في اللاذقية خلال عام 2002 بشهادة مزوّرة من كلية الاقتصاد بدمشق، وبعد التحرّي عن الموضوع والحصول على جميع الوثائق التي تدين المدير، لم تستطع هيئة الرقابة والتفتيش عمل أي شيء ولا النيابة العامة، إلى أن أصبح عضواً في لجنة لمكافحة الفساد سمّيت يومها «من أين لك هذا!»
متنفِّذون في صف الفساد
«بعض المسؤولين يقيدون الموافقات بكثير من الشروط والطلبات، حتى يزهق المواطن فيبحث صاغراً عن بوابة ذاك المسؤول، أي سمسرة، فيدفع
(المعلوم) ويحصل على حقه» كما يقول النائب في البرلمان نبيل صالح لـ «الأيام»، مضيفاً: إذا حصل أن وقَع السمسار بيد العدالة فإنه يقع وحده، وعندما تفوح رائحة المسؤول ويتم تبديله بآخر جديد، فإن عصابة المسؤول السابق من موظفي المؤسسة سوف تعمل على ترويض المدير الجديد بالإغراءات المالية والجنسية، فإذا أبدى مناعته فإن لديهم تحالفاتهم مع جهات وصائية تقبض منهم وسرعان ما يتم «زحلقته» بطرق يعجز إبليس عنها.
ومن هنا يرى صالح أن مكافحة الفساد تكون بتغيير الآلية وليس بتغيير الموظفين الذين جاءت بهم آلية التعيينات المتبعة، ولهذا دعمنا قانون وزارة التنمية الإدارية الجديد في الوقت الذي وقف ضده المتنفذون لأنه يجردهم من سلطاتهم التي كانوا يستثمرونها في التعيينات.
حلول ومقترحات: فعّلوا دَور الإعلام
يرى د. منذر خدام أن منح الإعلام حرية أكبر لتسليط الضوء على قضايا الفساد، ومن بينها الاستثناءات غير القانونية له دور فعّال لمنعها، خاصة أننا نفتقر للآليات التي تضبط المسألة، مؤكداً أن هذه الظواهر لا تضبطها أية أوامر إدارية. أما الخبير تيشوري فيشير ضمن الدراسة التي نفذها لتخليص الإدارة من الاستثناءات والعوائق وصولاً إلى إدارة تحقق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فيرى أنه من الضرورة إزالة التعارض والتضارب بين القوانين، وإلغاء كل استثناء فيها، ووضع نظام رقابة شامل فعّال قادر على تقييم وقياس الأهداف الشاملة والمحددة، وتفعيل دور الأجهزة المركزية ودعم وزارة التنمية الإدارية مالياً ولوجستياً وسياسياً ومحاسبتها على أساس النتائج.
ويبقى السؤال: هل يتخلص المواطن السوري من أعباء الفساد، المتمثل في استثناءات جائرة تُمنَح لغير مستحقيها عبر دراسات وخطط تضعها حكومته؟ أم سيبقى أسير الوعد الخلبيّ بالإصلاح الإداري وغيره؟
رمّاح زوان – الأيام

شام تايمز
شام تايمز
شام تايمز