الحجز على ممتلكات «ابن زياد» بتهمة هدر المال العام..!
ورد في الأدبيات الاقتصاديـة الساخرة أنّ محاكمة إداريـة طالت القائد طارق بن زياد لتفريطه في عـهدة تابعـة للمال العـام لدى حرقه السفن أمام شاطئ الأندلس!(مع تعـبيره الشهير: العـدو من أمامكم؛ والبحر من ورائكم)!
ولو استخدمنا روتين الدواوين لانتهينا لنتائج مماثلة؛ تعـادل تلك من ناحية القبح,,لدى مناقشة الكثير من الأمور المؤسساتية.
هنالك سخافات شديدة تكلـف اقتصاد مؤسساتنا وسرعـة تجاوبها الشيء الكثير؛ وقد قرأت بنفسي تعـميما ًبمنع سفر أحدهم لأجل مبلغ «هايف»؛ حيث إن ّ تسديد المبلغ, وإزالة منع السفر يكلـفان أضعـافا ًمضاعـفة!
كلنا احتاج في فترة ما (لأجل استكمال أوراقه الثبوتية) إلى شهادة حسن سلوك من مختار المحلة التي يقيم بها؛ ونحن نعـرف من هو المختار ومؤهلاته؛ والكيفية التي يتم بها إعـطاء شهادة حسن السلوك الشهيرة. أحد أساتذتي العـظام في كلية الهندسة؛ فيما مضى: رفض استكمال تلك الوثيقة السخيفة؛ فاستدعـى الأمر تدخلاً شخصياً من رئيس الجامعـة لاستثنائه منها بغـية ترفيعـه – رحمهما المولى.
مفارقـة أخرى, نسمع عـن خدمات النافذة الواحدة؛ ونجتازها بسذاجة؛ لنفاجأ بألف نافذة ونافذة تنتظر أوراقا ً لانهاية لها؛ لتكتمل المعـاملة «الشاهانية»!
مؤسسات منها قطاع عـام؛ وأخرى قطاع خاص: تخترع نظام البصمة والتوقيع؛ لضبط ومحاسبة الموظف على دوامـه وانصرافه.. ولكنهم ينسون – في خضـّم متابعـتهم القشور- محاسبته عـلى الأهم: وهو أداؤه,! (كاريكاتير يبرز موظفاً واقفاً باستخذاء أمام مديره الجالس بعـنجهية خلف مكتب ضخم؛ مزود بسبعة أجهزة هاتف؛ والمدير بصوت مجلجل: أنا أعـلم أنك خلال 20 سنة أول من يداوم وآخر من ينصرف؛ ولكن, أما آن الأوان لك للقيام بعـمل ما؟؟؟).
لوحة لطالما رأيناها..«مغـلق للصلاة»؛ والموظف الذي وضعـها عـلى «كوّتـه»؛ وتسبب بعـرقلة مصالح عشرات المراجعـين: ألا يعـلم أنّ العـمل في حد ذاته: عـبادة..!
فاجأني خبر: عـميد كلية الحقوق في إحدى المحافظات، مهندس؛ ورئيس المناهج في وزارة التربية طبيب بيطري؛! {لدى محاكمة جاسوس ألماني غـربي تم زرعـه في ألمانيا الشرقية فيما مضى؛ وتدرّج بالمناصب حتى وصل أعـلاها.. ولكن نتساءل: ماهي أنشطته؟ هي ببساطة: «وضع الشخص في غـير مكـانه المناسب»}!
ونحن نهرول في طريقنا إلى الإصلاح؛ وضمن عـلم الإدارة نطرح التساؤل الأبدي: الحصان أولاً أم العـربة؟
وهناك تعـبير شهير نستخدمه «هل ينفع السوط لتحفيز الحصان الميـت»؟
هي معـضلة قديمة قدم التاريخ: استخدمها الإغـريق؛ وقبلهم فراعـنة مصر.. وبالنسبة للتعـبير الانجليزي (no use whip a dead horse) فيعـود للقرن السابع عـشر! وهي تعـرف باسم نظرية الحصان الميت!
وهنا قول لأحد الحكماء «إذا شعـرت أنك تمتطي جوادا ًميتا ً؛ فالحل الأفضل أن تترجل وتحصل عـلى جواد جديد». (بالطبع قد يكون «الجواد الجديد»: كناية عـن شركة ما؛ أو منتـج كان جديدا ً وأضحى موضة قديمة..الخ).
لدى المؤسسات المختلفة سياسات شتى للتعـامل مع «الجواد الميت» منها:
– أن تقتني سوطا ًأقوى
– تغـيـّر الفارس
– لجنة خاصة لتحليل الوضع (جيش من الاستشاريين)!
– تنظيم زيارة عـمل (سفر خمس نجوم) لدول أخرى لمعـرفة كيفية
تشكيل مجموعـة من الجياد الميتة؛ بغـية زيادة سرعـتها الكلية.!
– تخصيص ميزانية إضافية لتحفيز أداء الجواد الميت.
– تكريس دراسة لرؤية ما إذا كان فارس أخف وزناً بإمكانه تحسين الأداء.
لا ننسى أن لكل مسألة جانبها المضيء!!! فالجواد الميت ليس بحاجة لعـناية أو عـلف..
ولنتذكر دائما ً أنـّـه في إمكاننا نقل «الجواد الميت» من عـمله الميداني إلى مراكز إدارية!
ختاماً: سأل أحدهم فقيها ً أيهما أسلم: ارتداء الساعـة باليد اليسار أم اليمين؛ أجاب بهدوء: استفد من الوقت بشكل دقيق؛ و.. ضع الساعـة أينما شئت.. ولو برجلك..!
تشرين
Notice: Trying to get property 'post_excerpt' of non-object in /home/shaamtimes/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73