السبت , نوفمبر 23 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

هل يتدخّل ترامب عسكرياً ضد فنزويلا؟

هل يتدخّل ترامب عسكرياً ضد فنزويلا؟
ليلى نقولا
تأزّمت الأوضاع في فنزويلا على أثر قيام رئيس البرلمان الفنزويلي خوان غوايدو بإعلان نفسه رئيساً بالوكالة، وقيام الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية بالاعتراف به، في سابقةٍ دوليةٍ خطيرةٍ حيث تقوم دول بالاعتراف بشخصٍ رئيساً لدولة أخرى من دون انتخابات رئاسية ومن دون سياق قانوني ودستوري منطقي.
وبغضّ النظر عن الموقف من مادورو والأزمات الإقتصادية والإجتماعية في فنزويلا، والتي يُعيدها البعض إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة من الولايات المتحدة، وبالطبع نحن – كغير متخصّصين في شؤون فنزويلا – لا يمكننا إعطاء تقييم موضوعي في هذا الإطار… بغضّ النظر عن كل تلك الأسباب الداخلية للأزمة، يهمّنا أن نقيّم موقف الولايات المتحدة من الموضوع وإمكانية قيام ترامب بتدخّلٍ عسكري في البلاد؟
لتقييم الموقف لا بدّ من أن ننطلق من أهداف “الاستراتيجية الكبرى” الأميركية، والتي تعتمد على أركان عدّة أهمها الهدف الاستراتيجي المُتمثّل بالقيام بمهام “الشرطة الدولية” في نصف الكرة الغربي:
في رسالتيه السنويتين إلى الكونغرس الأميركي عام 1904 و1905، وسّع الرئيس الأميركي ثيودور روزفلت “مبدأ مونرو”، مُعتبراً أن “دول نصف الكرة الأرضية الغربي ليست مُغلقة أمام الاستعمار الأوروبي فحسب، بل على الولايات المتحدة مسؤولية الحفاظ على النظام وحماية الأرواح والممتلكات في تلك البلدان”. وكان قد أعلن في رسالته السنوية أمام الكونغرس في كانون الأول/ ديسمبر 1904، وبكل وضوح حق الولايات المتحدة في ممارسة مهام “الشرطة الدولية” قائلاً”… وفي نصف الكرة الأرضية الغربي، إن التزام الولايات المتحدة بمبدأ مونرو قد يُجبرها، على مَضَض، في حالاتٍ صارخةٍ، على مُمارسة دور الشرطة الدولية”.
ولقد ظهر التدخّل الأوروبي في أميركا اللاتينية كمسألةٍ أساسيةٍ في السياسة الخارجية في الولايات المتحدة، عندما بدأت الحكومات الأوروبية تستخدم القوّة للضغط على العديد من دول أميركا اللاتينية لتسديد ديونها. على سبيل المثال، حاصرت زوارق بريطانية وألمانية وإيطالية زوارق فنزويلا عام 1902 عندما تخلّفت الحكومة الفنزويلية عن سَداد ديونها لحاملي السندات الأجانب، ما أثار قلق العديد من الأميركيين من أن التدخّل الأوروبي في أميركا اللاتينية من شأنه أن يقوِّض الهيمنة التقليدية لبلدهم في تلك المنطقة.
تذرَّع روزفلت بأن سياسته – أي ممارسة سلطة الشرطة الدولية- هي تطبيق لمبدأ مونرو، وتتّفق مع سياسته الخارجية التي كانت بعنوان “إمشِ بهدوء، ولكن إحمل عصا غليظة.”
وتطبيقاً لسياسة “الشرطة في النصف الغربي من الكرة الأرضية” تدخّلت الولايات المتحدة بذريعة الديمقراطية في كلٍ من الدومينيكان عام 1965، غرينادا 1982وباناما 1989 الخ..
ولقد قام الرئيس الأميركي السابق بيل كلنتون باتّخاذ قرار التدخّل العسكري في هايتي في عام 1994 وإرسال 20 ألف جندي أميركي والسبب المُعلَن: استعادة الديمقراطية. عِلماً أن العديد من الباحثين يعزون السبب إلى منع تدفّق اللاجئين من هايتي إلى الولايات المتحدة، وقد وضعهم الأميركيون على عهد جورج بوش الأب في مخيمات في غوانتانامو، إلى أن قام الرئيس كلينتون باتّخاذ القرار بالتدخّل العسكري وفرض الاستقرار وإعادة اللاجئين إلى بيوتهم.
إذاً، انطلاقاً من أهمية هذا الهدف في “الاستراتيجية الكبرى” الأميركية، من الصعب أن يتراجع الأميركيون بسهولةٍ عن خططهم للتغيير في فنزويلا للإطاحة بمادورو، ولكن حماس ترامب للخيار العسكري، قد تُلجمه أمور عدّة أبرزها ما يلي:
– إلتزام الجيش الفنزويلي بالولاء لمادورو، ما يصعِّب ويزيد من كلفة الخيار العسكري الأميركي.
– موقف البنتاغون الأميركي والذي يبدو مُتردّداً في تطبيق الخيار العسكري المباشر.
– موقف الدول المجاورة التي قد لا ترغب في التورّط في حربٍ داخل فنزويلا بما يرتدّ سلباً عليها في الداخل.
– الموقف الروسي المُعارِض للتدخّل الأميركي والتحالف الطويل الأمد بين الروس والفنزويليين والممتد منذ عام 1999، خاصة بعد نجاح الثورة البوليفارية ووصول تشافيز إلى الحُكم في البلاد.
يُدرِك الأميركيون بعد التجربة السورية أن الروس لن يتأخّروا عن القتال إلى جانب حلفائهم، وكما شكّلت سوريا فرصة ذهبية لبوتين في الشرق ستشكّل فنزويلا فرصة ذهبية للروس لإقامة قاعدة عسكرية في أميركا اللاتينية وفي حديقة الولايات المتحدة الخلفية.
وعليه، وبما أن كلفة الخيار العسكري المباشر قد تكون عالية، فقد تعتمد إدارة ترامب التدخّل العسكري غير المباشر، أي دعم المعارضين وبعض مَن ينشقّ عن الجيش وإمدادهم بالسلاح والمال والتدريب… وهذا تقريباً وصفة تامة لحربٍ أهليةٍ في فنزويلا.
المشكلة في اندلاع حرب أهلية في فنزويلا تكمُن في انتشار اللاجئين في أميركا اللاتينية ووصولهم إلى الولايات المتحدة (وهو ما يُصعِّب موقف ترامب)، بالإضافة إلى انتشار المافيات والجريمة المنظّمة في أميركا اللاتينية ما يعني إمكانية استفادة المُجرمين والمافيات من عدم الاستقرار في المنطقة، بالإضافة إلى الكلفة العسكرية والبشرية والمادية لحربٍ قد يُعرَف كيف تبدأ ولا يُعرَف كيف تنتهي…
الميادين