رحلة السمّ الزعاف إلى بطون السوريين الأبرياء..الفروج النافق والأسماك الملوثة!
مفاجأة من الصنف الثقيل حتى إرهاق من يحاول التحمّل والاستيعاب..فجّرها “شاهد عيان” لمجريات تفخيخ الأغذية المعدّة للتصدير تهريباً من تركيا إلى سورية، في مستودعات التجميع في بلدة سرمدا التابعة إدارياً لناحية الدانا منطقة حارم في محافظة ادلب.
أما المفاجأة فهي أن نعلم حجم الكوارث التي اجتاحت أسواقنا وموائدنا من لحوم الفروج والأسماك التركيّة الفاسدة.. و دعونا نصرّ على وصف ما يجري بـ”الكارثة” لأننا كنّا هدفاً لحالة استهداف قذرة تتعدّى مجرّد اللعبة التجارية ونزعات الربح، والجشع الذي يستحكم باللاعبين على خطوط التهريب الواصلة بين “منطقة الريبة والشك” هناك والعمق السوري.
فقد حدث في بداية الصيف الماضي، أن وقعت جائحة عصفت بمداجن تربية الفروج في مناطق واسعة من المدن التركيّة، حيث كثافة المجمعات الخاصّة بهذا الاستثمار الذي تشتهر به بلاد الأتراك، والتي تصدّر منتجاتها إلى 65 بلد في العالم..الجائحة تكفّلت بنفوق أعداد هائلة من قطعان الفروج، ما استدعى استدراك الموقف هناك بإعدام “ذبح” كل قطعان الفروج..ولأنّ ثمة استحالة في تصدير الدجاج النافق والمذبوح على أثر المرض “النيوكاسل” إلى أي بلد بشكل نظامي بسبب الفحوصات المخبريّة التقليديّة، و أيضاً بسبب صعوبة العبور بهذه الكمّيات الهائلة تهريباً، كان الخيار بالتصدير تهريباً إلى سورية، ولكامل الكميّات التي كانت تُصدّر إلى 65 بلداً ..أي استهلكت أسواقنا ما كان يفترض أن تستهلكه البلدان الـ 65 حول العالم..؟!!!
يجيب “الشاهد” عن سبب اللون المائل إلى الاحمرار في لحم الفروج التركي خصوصاً “الثفن” وكان أشبه باللغز الذي لم يكترث المأخوذون برخص الثمن بإيجاد الإجابة عليه، فالسبب أن لحم الدجاج النّافق يتحوّل إلى اللون الأحمر بسبب بقاء الدم فيه، ومع وضعه في مادة الصودا المحلولة بالماء، يتحوّل اللون إلى وردي، وهذا سبب تفتت اللحم أثناء غسله و إعداده للطبخ.
الكمّيات كانت كبيرة جداً ..أما عمليات المعالجة هذه فكانت تتم هناك داخل المناطق الساخنة ” خصوصاً سرمدا” حيث تجمعات المستودعات و البرادات التي تكفّلت بإمدادات الفروج ” الفاسد” إلى موائد السوريين على مدار عام كامل وما زالت كميات كبيرة تنتظر الفرصة بالعبور إلى سورية.
أسماك نافقة
بعد الفروج تأتي الأسماك المهرّبة من تركيا باتجاه الأسواق السوريّة..والتي تركت تساؤلات حائرة لدينا جميعاً نحن السوريين، تستفسر عن السرّ الذي يجعل تركيا مصدر كل هذه الكميات الهائلة من الأسماك..ولماذا تأتي رخيصة الثمن إلى هذا الحدّ ؟؟
لتأتي الإجابة من “الشاهد” ذاته فيوضح: من المعروف أن تركيا غنيّة بالشواطئ والبحار بأسمائها الكثيرة ” المتوسط ،الأسود ، مرمرة ، قزوين، إيجة ” وهذا يعني أن ثمة كثافة مائية كبيرة تحيط بتركيا، ونظراً لكثافة المنشآت الصناعية والسياحية، فقد تدهورت البيئة البحريّة هناك، ما أدى إلى النفوق المستمر للأسماك التي تقترب من الشواطئ، وهي غالباً الأسماك الصغيرة “دون 1 كغ” وقد شهدت تركيا تحذيرات كبيرة من جيرانها الأوروبيين بسبب خطورة وضع البيئة البحرية هناك، فكان خيار تصريف الأسماك النافقة والمريضة والملوّثة ، هو التهريب باتجاه السوق السورية، حيث المنفذ الواسع لحركة التهريب، و المهربون خلال السنوات الثماني ” سنوات الحرب” هم ذاتهم ” أبو قتادة و أبو القعقاع اليماني والداغستاني والايغوري” وسلسلة ألقاب قادة الفصائل المسلّحة الذين لم يكتفوا بقتل الشعب السوري ليكملوا المهمة بـ “مصّ دمائه”…أي صنعوا لنا مناخات الموت و الآن يرسلون لنا وجبات السمّ الزعاف، على ظهور مهرّبين مرتكبين بكل معنى كلمة الارتكاب ؟؟!!
و للسلع الأخرى منتهية الصلاحية، والإرساليات المرفوضة والعائدة من هنا وهناك لسبب أو آخر، لها حديث آخر..إذ يتولّى “الشطّار” في بلدة سرمدا مهمة تزوير زمن الصلاحية وتجديده لمدى زمني طويل..لتدخل إلى سورية بفترة صلاحية مديدة يحتفي بها السوريون، ومنتجات بلدهم تنتظر من يكترث بها على رفوف صالات البيع..حتى تنتهي صلاحيتها فيكون مصيرها الإتلاف، فيما يكون بديلها السلعة التركية منتهية الصلاحية، والممددة الأجل تزويراً.
إنها حكاية استهداف خطيرة..ابتلع معظمنا الطعم..بسبب مهرّب آثم، وتاجر جشع، ومستهلك لا يكترث إلا بالسعر، فقد فعلت غواية تهاود الكلفة فعلها في اتجاهات الاستهلاك في أسواقنا، أما لماذا تهاودت الكلفة..فهذا ما قد بتنا على دراية كاملة به..والسؤال من يجرؤ على استهلاك البضائع التركية بعد اليوم..
وتبدو الجمارك السورية بعد هذه المعلومات أمام مسؤولية تاريخيّة ..وطنيّة و أخلاقيّة من الآن فصاعداً..وحسناً فعلت – الجمارك – أنها أعلنت “نفيرها” من أجل المكافحة الفاعلة لآفة التهريب والمهرّبين.
Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73