الخميس , ديسمبر 19 2024
شام تايمز

Notice: Trying to get property 'post_excerpt' of non-object in /home/shaamtimes/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

عندما تتماهى عقيدة الجيوش والمقاتلين

شام تايمز

عندما تتماهى عقيدة الجيوش والمقاتلين
فايز شناني
بقليل من المنطق والوعي والحكمة والموضوعية ، نستوعب ونفسر التشابه الكبير بين أحداث الأخوان المسلمين في نهاية السبعينات وبداية الثمانيات ، و ما سمي ” الثورة السورية ” في بداية 2011 ، التقاطعات أكثر من أن تحصى ، والأسماء والتسميات غير مهمة في عالم الإجرام الذي انغمس فيه الإسلاميون عن سابق قصد وتصميم ، و الشعارات مهما تنوعت فيها تعكس وحشيتهم وأحقادهم في تصفية من يكفرونه ، ويعتبرونه عدوهم الأول اللدود .
ذات الخطوات اتبعها ” الثوار ” في 2011 وما بعد ، هي التي اتبعتها ” الطليعة المقاتلة للجهاديين ” قبل ذلك ، اغتيال علماء ونخب ورجال دين ، اغتيال قادة عسكريين ومجازر ومفخخات ، عام 1977 أغتالوا الدكتور محمد الفاضل عميد كلية الحقوق بدمشق ، والأهم أنه كان محامي الدفاع الدولي عن المناضلين الفلسطينيين في جنيف ، وربما ذلك يفسر لماذا أشيع من اللحظات الأولى أن هناك قناصة ومقاتلين إيرانيين ولحزب الله في مدينة درعا ، واغتالوا عدد من الأطباء والعلماء المميزين ، وهذا يذكرنا بما فعلوه في بداية الأحداث في حمص ، حين اغتالوا الشاب المخترع عيسى عبود ، وللعلم إن اختراعه قد أرعب علماء ناسا الأمريكية ، حيث استطاع الوصول إلى عدة اختراعات أهمها ” تخزين المعلومات في الخلايا الحية ” و من اخترعاته التي كشف عنها، رجل آلي كامل مزود بذاكرة مع برمجة كاملة، و تخزين المعلومات (صورة وصوت) على خلايا دماغ الدجاجة، وجهاز يترجم أحاسيس وتصرفات الدجاجة، كالجوع والعطش والقلق والمرض، ويحولها إلى بيانات مقروءة . و اغتالوا الشيخ محمد الخطيب إمام الجامع الأموي ، تماماً كما فعل ” الثوار ” حين اغتالوا شهيد المحراب الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي ، واغتالوا العميد عبد الكريم رزوق قائد سلاح الصواريخ ، تماماً كما فعلوا في هجومهم على المطارات ووحدات الدفاع الجوي وباقي ثكنات ووحدات الجيش في كل المحافظات ، أما مجازرهم في مدرسة المدفعية والأزبكية والسبع بحرات وغيرهم ، فهي تكررت في جسر الشغور والعديد من أرياف المدن السورية وخاصة ريف اللاذقية.
في تلك الفترة أثبت تورط المخابرات الفرنسية والعراقية في العديد من المجازر وأهمها مجرزة الأزبكية بدمشق ، حيث راح ضحيتها أكثر من 350 شهيد وجريح ، و يوماً بعد يوم ظهرت القوى والدول الداعمة ” للثورة السورية ” فقد ثبت بما لايدع مجالاً للشك التورط الخليجي والتركي والأمريكي والإسرائيلي والغرب عموماً ، في تسليح وتدريب وتمويل المسلحين الاسلاميين في سوريا ، وزج آلاف من المرتزقة الاسلاميين الشيشان والأوزبك والتركستان في معظم الجبهات السورية.
ومما لاشك فيه أن ذلك تفطن له محور المقاومة منذ اللحظة الأولى ، وذلك ما استدعى الحضور الإيراني ومقاتلي حزب الله للمشاركة في القتال إلى جانب القوات المسلحة السورية ، وكان الصمود الأسطوري ومن ثم النصر وتحرير العديد من المدن والمواقع المغتصبة على امتداد الجغرافيا السورية ، بدءً من القصير وحمص والقلمون وحلب ودير الزور وريف اللاذقية ودرعا و غير ذلك . إن عقيدة الجيش الإيراني و مقاتلي حزب الله تماهت تماماً مع عقيدة الجيش العربي السوري ، فكانوا معاً وجنباً إلى جنب في أكثر الجبهات ، وجاء الدعم الروسي ليعزز الروح القتالية عندهم ، وليساهم كثيراً في قلب التوازانات على الأرض وفي الجو على حد سواء ، الجندي السوري الذي أنهكته سنوات الحرب لم يستسلم ولم تتغير عقيدته قيد أنملة ، وبرغم المناخات القاسية والظروف الصعبة كانت البطولات أعظم من أن تترجم بقصائد أو أفلاماً سينمائية أو مسلسلات درامية ، الجندي الذي ثبت لأكثر من ثماني سنوات كان خيار القتال هو الخيار الوحيد والأسلم أمامه ، لأن البديل أسوأ طالما هو يدرك أنها حرب وجود لا خيار له فيها إلا الشهادة أو النصر ، وهو يدرك في عقله الباطن أن أولئك المقاتلين الذين حضروا لمساندته ، هم مثله مشروع شهادة ، وبالفطرة والمنطق والعقل لابد وأن يسابقهم للدفاع عن أرضه وعرضه ، صحيح أنه يعرف كم هناك متخاذلون تركوا البلد وهاجروا ، وكثير أيضاً ممن احتالوا على القوانين والقرارات ولم يلتحقوا إلى جانبه ، رغم أنها حربهم أيضاً ، وكثير ممن هربوا وفروا في أصعب الظروف والمعارك ثم استفادوا من مراسيم عفو ، وعادوا لحضن الوطن مثلهم مثل العديد من المسلحين الذين قاتلهم يوماً ما . ذلك الجندي لابد وأنه يتذكر أو يعرف من أحاديث ذويه كم فظع الأخوان في الثمانيات بأهله ووطنه ، ويعرف أن هناك من خدم لسنتين أو زيادة فوق خدمته العسكرية ، التي كانت ثلاثة سنوات يومئذ ، و أن الحصار لم يتوقف يوماً عن بلده ولن يتوقف ، مع فارق أنه في تلك الأيام أغلب المواد الأساسية مفقودة ، أما اليوم فهي موجودة ولكن بعضها يحتاج لمعارك جانبية للحصول عليها ، وذلك بسبب فساد أو إهمال هنا أو هناك ، أما الرواتب أو الدخل فلم يكونا يوماً متناسبان مع المصروف أو الخرج ، وربما يقنع نفسه كغيره أن الأمور لا بد وأن تتحسن فيما بعد ، والأهم الآن كيف نطهر البلاد من رجس أولئك الشياطين والمرتزقة .
في بلدي قسمان ، القسم الأول يريد كل شيء على الجاهز ، فلا يريد أن يحارب ولا أن يضحي أو يموت في سبيل عزة وطنه وحماية شرفه وعرضه ، ويعتبر أن الحرب الدائرة هي حرب الآخرين على أرضنا ، و أن السوريين مجرد أرقام لاقيمة لها وهم وقود لتلك الحرب العبثية والمدمرة ، وأن التقسيم أو الفدرلة أنسب لجميع الطوائف والمذاهب والأعراق ، وأن روسيا وإيران كما تركيا وأمريكا واسرائيل كلهم أصدقاء يتقاتلون فقط على الحصص النفطية والغازية وباقي الثروات الباطنية في سوريا ، وهذه الحرب ليست إلا مسرحية هزلية ندفع نحن ثمنها . و القسم الثاني وهو الذي مازال يعانق البندقية كحبيبته ، و يتنقل في دبابته ومجنزرته بحثاً عن مواقع الارهابين لدكها ، و يحمل الصاروخ على كتفه بحثاً عن هدف معاد ثمين ، ورجال ساهرون ليتصيدوا طائرات وصواريخ اسرائيل واسقاطها كالدمى البلاستيكية ، وأهالي شهداء قدموا الشهيد تلو الشهيد وما بخلوا ولم يتذمروا ، لأن الوطن في عيونهم وقلوبهم ووجدانهم ، ولأن قرروا أن يسلكوا الطريق الذي سلكه أهلهم وأبنائهم في الدفاع عن وجودهم حتى آخر نقطة دم في عروقهم . ما أجمل هذي البلاد التي فيها مثل هؤلاء الرجال الأوفياء والأنقياء ، و ماأجمل هذي البلاد التي تتزين شوارعها وبيوتها بصور الشهداء الأولياء . طوبى لفقراء بلادي… طوبى للأشراف…. طوبى لجرحانا البواسل ……. طوبى لكم حماة الديار .

شام تايمز
شام تايمز
شام تايمز