الجمعة , نوفمبر 22 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

خطوط " إسرائيل " الحمر في لبنان وسوريا

خطوط ” إسرائيل ” الحمر في لبنان وسوريا
ترجمة عبد الله محمد
حملة إسرائيل العسكرية ضد المحور ” الشيعي – الإيراني ” في سوريا مستمرة بالرغم من تغيّرات في البيئة الجيو استراتيجية. ولكن استخدام سلاح الجو الإسرائيلي لمنع العدو من إنشاء قوّته يجب أن يجتاز أيضاً الحدود إلى لبنان. من الممكن أن تؤدّي هكذا خطوة إلى تصعيد اقليمي في المستقبل القريب.
“حرب بين الحروب” هو جهد إسرائيلي عسكري واستخباري جارٍ لمنع قيام المحور “الإيراني – الشيعي” في الشرق الأوسط. هذه الحملة، التي تطوّرت إلى عقيدة قتالية، شهدت توظيف المؤسّسة العسكرية الإسرائيلية لمُقاربة تميّز بين سوريا ولبنان.
في سوريا، تشنّ إسرائيل العديد من الغارات الجوية بالاستناد إلى معلومات استخبارية وتستهدف مواقع عسكرية إيرانية. الغارات تُدمّر أيضاً عمليات نقل السلاح الإيراني عبر سوريا إلى قواعد حزب الله في لبنان.
إن نطاق الحملة الإسرائيلية الوقائية الجوية في سوريا ضخم، كما أوضح مؤخّراً رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي الأسبق غادي إيزنكوت. وقال إيزنكوت لصحيفة نيويورك تايمز إن الطائرات الإسرائيلية أطلقت 2000 ذخيرة أرش – جو على أهدافٍ في سوريا في عام 2018 وحده.
وقد أدّى هذا إلى تعطيل خطط إيران لبناء جيش شيعي في سوريا تحت قيادتها، يتألّف من 100،000 عضو من المليشيات. كما كانت إيران تخطّط لبناء مصانع الصواريخ ، ومواقع الإطلاق، ومرافق تخزين الأسلحة، وشبكة من مواقع الهجوم عبر الحدود على طول الحدود السورية مع إسرائيل.
إن الغارة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت مطار دمشق الدولي في 12 يناير 2019، والتي تستهدف على ما يبدو مستودعاً يضمّ صواريخ فجر 5 الإيرانية وغيرها من المقذوفات الإيرانية، هي أحدث مؤشّر على عزم إسرائيل على فرض خطوطها الحمر في سوريا ضد ترسيخ محور شيعي راديكالي.
نعى المعلّقون “الحرب بين الحروب”، مدّعين أنه لا يمكن أن تصمد أمام الضغوط الروسية والمخاطر المتزايدة للصراع مع الدولة السورية المُعاد تشكيلها. هؤلاء يُقلّلون من الصرامة الإسرائيلية.
تلتزم القيادة العسكرية العليا والحكومة في إسرائيل بشكل كامل بهدف حِرمان إيران من موطئ قدم عسكري في سوريا. ووفقاً لمنطق ذلك الهدف ، فإن التكلفة طويلة الأمد لإتاحة الفرصة أمام إيران لبناء جبهة حرب ثانية على حدود إسرائيل ، إلى جانب قاعدة الهجوم الإيرانية الموجودة بالفعل في لبنان ، ستكون أعلى من أية تداعيات من ضربات ‘حرب بين الحروب’.
لكن في لبنان ، تستخدم إسرائيل نهجاً مختلفاً للغاية. حزب الله ، وكيل إيران الرئيسي في المنطقة، يتمتّع باحتكار السلطة السياسية والعسكرية في لبنان، بمساعدة قوّة القدس الإيرانية. لقد استورد محور حزب الله-إيران حوالى 130.000 قذيفة صاروخية إلى لبنان، ليحوّل البلاد إلى قاعدة إطلاق صواريخ كبيرة واحدة موجّهة إلى إسرائيل. وهذا يمثل قفزة هائلة مقارنة بالصواريخ العشرة آلاف التي كانت في ترسانة حزب الله عشيّة حرب لبنان الثانية في عام 2006.
إن معظم المقذوفات الموجودة في مخزون حزب الله غير دقيقة التوجيه، وقد قامت إيران بدفع جديد في الأشهر الأخيرة لتوفير أنظمة التوجيه للحزب. ومن شأن هذا الأمر أن يمكّن حزب الله من تحويل بعض مقذوفاته إلى صواريخ موجّهة بدقّة، والتي يمكن استخدامها للتهديد الاستراتيجي للأهداف الإسرائيلية الحيوية مثل المطارات والموانئ البحرية ومحطّات الطاقة والقواعد العسكرية والمباني البارزة.
يمكن التأكّد من عزم إسرائيل على منع حزب الله من رفع قوّته النارية بهذه الطريقة في 17 سبتمبر ، عندما قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية شحنة إيرانية من مكوّنات عدّة التوجيه بالقرب من اللاذقية على الساحل السوري. تسبّبت تلك الضربة في ردّ الدفاعات الجوية السورية بكثافة، ما أدّى إلى إسقاط طائرة استطلاع روسية ومقتل 15 من أفراد الطاقم. أثار هذا الحادث أزمة كبيرة بين روسيا وإسرائيل لم يتمّ حلها بعد.
وبدا أن الإيرانيين قاموا بعد ذلك بتبديل التكتيكات ، وإرسال معدّات التوجيه في رحلات الشحن مباشرة إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت.
في نهاية سبتمبر من العام الماضي، كشف رئيس الوزراء نتنياهو ووحدة المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي عن وجود عدّة مواقع سرّية لتحويل الصواريخ غير الموجّهة إلى صواريخ دقيقة. كان أحد المواقع مُجاوراً للمطار.
‘قام أعضاء حزب الله الكبار بقرار مدروس لتحويل مركز مشروع الصواريخ الدقيقة ، الذي يعملون عليه منذ فترة ، إلى المنطقة المدنية في قلب بيروت’ ، كما ذكر الجيش الإسرائيلي في 27 سبتمبر.
بعد ثلاثة أشهر من هذه التحذيرات، قال نتنياهو في نهاية ديسمبر 2018 إن حزب الله قد أغلق هذه المراكز، مُضيفاً إن المنظمة لديها “على الأكثر ، بضع عشرات من الصواريخ الموجّهة بدقّة” في هذا الوقت.
وقال نتنياهو إن قوات الأمن الإسرائيلية قد منعت حزب الله من امتلاك آلاف من هذه الصواريخ. توضح هذه التطوّرات حقيقة أن إسرائيل ، خلافاً لسوريا ، مُتردّدة بشدّة في استخدام القوّة الجوية في لبنان لفرض خطوطها الحمراء، وتفضّل الاعتماد على الرسائل والردع من خلال الخطابات ووسائل الإعلام، وكذلك من خلال الأنشطة المزعومة المُحتملة التي تكون أكثر سرّية من القوّة الجوية.
هذا مؤشّر على أن الردع المُتبادَل بين إسرائيل وحزب الله لا يزال ساري المفعول.
بدأ يتبلور اتفاق غير مكتوب بين إسرائيل وحزب الله في عام 2014 ، بعد أن قيل أن إسرائيل ضربت قافلة أسلحة تابعة لحزب الله على الحدود السورية اللبنانية ، وأطلق حزب الله قذائف استهدفت قافلة تابعة للجيش الإسرائيلي في “هار دوف”، ما تسبّب في حدوث أضرار ولكن لم تقع إصابات.
في أعقاب الحادث، قال السيّد نصر الله في مقابلة إن الهجمات الإسرائيلية في لبنان أو بالقرب منه ستجلب انتقاماً سريعاً ، ملمّحاً إلى أن هذا لم يكن هو الحال في الضربات في سوريا.
سوف يصبح هذا التفهّم الهادئ غير ذي أهمية إذا أصبح لبنان موقع عمليات تحويل صاروخية دقيقة. إن التحذيرات العديدة التي وجّهتها إسرائيل إلى نصر الله وداعميه الإيرانيين قد وصلت.
من جانبه ، شعر حزب الله بالحاجة إلى تجديد ردعه الخاص ضد إسرائيل من خلال إطلاق مقطع فيديو في بداية ديسمبر باستخدام صوَر الأقمار الصناعية لـ Google Earth وإحداثيات لأهداف حسّاسة في جميع أنحاء إسرائيل ، وتهديده بقصفها. تضمّن الفيديو مُقتطفًا من خطاب نصر الله حذّر فيه من أن منظمته ‘سترد’ إذا ضربت إسرائيل أهدافًا في لبنان.
إن قدرة إسرائيل وحزب الله على نزع فتيل ‘أزمة الصواريخ اللبنانية [الدقيقة]’ عام 2018 من دون اللجوء إلى الحرب لا يشكّلان ضماناً بأنهما سيكرّران نزع الفتيل هذا العام.
يبدو أمامنا أن نفترض أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي المُعيّن حديثاً “آفوف كوخافي” ، الذي راقب قوّة ‘حزب الله’ كقائد في القيادة الشمالية وقائد للمخابرات العسكرية ، سيبقى مشغولاً بهذه القضية خلال عهده.
في الوقت الحالي، تمكّنت إسرائيل من فرض خطوطها الحمر على إنتاج الصواريخ الدقيقة في لبنان من خلال استخدام الردع والرسائل. ويبقى من غير الواضح ما إذا كانت تلك التكتيكات ذاتها ستكون فعّالة في المرة القادمة التي يحاول فيها المحور الإيراني إقامة مصانع صواريخ دقيقة على الأرض اللبنانية.
مركز بيغن – السادات
الميادين