بعد الموته ”عصة محافظة “.. حتى القبور VIP أرقاها الدحداح ..وأدناها الجبل!
وردت الى صاحبة الجلالة شكاوى عدة من مواطنين مالكي القبور في دمشق، فوجئوا بمصادرتها من قبل مكتب الدفن الذي أُسِّس عام 1952، ويحمل على عاتقه صيانة القبور، والإشراف على المقابر الواقعة ضمن الحيِّز الجغرافي لمدينة دمشق، وتغسيل وتكفين الوفيات، وتشييعها إلى مثواها الأخير، إضافة لقرار المكتب التنفيذي لمحافظة دمشق رقم 1020بتاريخ 19/11/2018 والذي يقضي بتقاضي رسوم تصل إلى 4 ملايين ليرة من أي شخص يحصل على قبر من غير ذوي القربى وفق حكم قضائي تبعاً للغرامة التي قُسِّمت على درجات حسب تصنيف المقابر التي باتت هي الأخرى تُصنَّف بالنجوم، ففي مقبرة الدحداح وباب الصغير يجب دفع مبلغ أربعة ملايين ليرة في حال الحصول على قبر بالتنازل وفق حكم قضائي، في حين يجب دفع مبلغ 3.5 مليون ليرة في باقي مقابر العاصمة، باستثناء مقبرة الجبل في ركن الدين والمهاجرين؛ حيث يصل المبلغ إلى ثلاثة ملايين ليرة فقط .
محمد بسام قلعجي عضو مجلس محافظة سابق أحد المتضررين يقول: توفّيت والدتي منذ فترة، وبعد إتمام الإجراءات لدفنها في القبور التي نملكها فوجئنا بأننا لا نستطيع دفنها في القبر المخصّص لها من قبلنا، حيث اضطررنا لدفنها مع والدي المتوفّى منذ عام 1998 وذلك بعد أن حاولنا بشتّى الوسائل دفنها في القبر المخصّص لها إلا أن محاولاتنا ذهبت أدراج الرياح نتيجة التّعسّفيّة من قبل مكتب الدفن، والتي صدمتنا.
أما المواطن أحمد أبو الجدي يؤكد أنه لدى توجهه الى مكتب الدفن _محافظة دمشق بغية الحصول على الموافقة للقبر الذي في اسمه، بهدف تنفيذ طابق ثان للقبر رقم ١١١٥/١، المدون عليه “خاص أحمد ياسين أبو الجدي” صُدم بمصادرة القبر من قِبل مكتب الدفن بذريعة عدم امتلاك الوثائق الكافية لملكيته رغم امتلاكه له منذ عشرات السنين لتعود ملكيته للمحافظة ومكتب الدفن متابعاً بالقول: رغم التقدّم للسيد محافظ دمشق بطلب رقم ٣٢٨٦/ ٣ بتاريخ ١٥/١/٢٠١٩ كانت حاشية السيد المحافظ للبيان والمقترح لمكتب الدفن، الا أن الأخير لم يبن للسيد المحافظ أن مالكه حصل على رخصة ترميم وأن ملكية القبر تعود لعام 1997.
من جهته أوضح المواطن عبد الله حسني أنه منذ فترة توفي والده، ولديه قبر باسم آل حسني رقم القبر ٩٧/١ حفلة يسار في مقبرة الحقلة في الميدان، وهو خاص بالعائلة منذ عام ٢٠٠٣ ولدى مراجعته مكتب الدفن لاتخاذ الإجراءات اللازمة بدفن والده، رفض مكتب الدفن فتح القبر، بحجة أنه مصادر لصالح المكتب، وعندما حاول أن يحصل على موافقة بفتح القبر بطريقة أو بأخرى كون والده توفّي والجثة تنتظر دفنها، يفاجأ بأنه إن دفع مبلغ مليونين ونصف سيُفتَح القبر خلال دقائق، وتُدفن الوفية، إلا أن “عبد الله” لا يملك ولو جزءاً بسيطاً من هذا المبلغ، الأمر الذي اضطرّه إلى دفنه في ركن الدين مدفن الشيخ عبد الرحمن بوسعيد حيث تم دفن والده مع والدته المتوفاة قبل سنوات !!
المواطن (محمد . ز ) يقول هو الآخر في معرض اعتراضه على ما يمارسه مكتب الدفن: عندما يقرأ الزائر لمقابر دمشق كلمة “ضيف” على إحدى الشواهد، فهي تدلّ على كرم أهل الميت الذين استقبلوا في تربتهم ضيفاً، لكن مكتب الدفن يرفض حالياً عملية استضافة الموتى من غير صلة القربى في القبور رغم تقديم كل الأوراق اللازمة لذلك معلِّلاً قراره بأن ذلك غير جائز شرعياً، فهل نعتبر أن كل الضيوف من الموتى الذين استقبلتهم قبور كثيرة في مختلف مقابر دمشق أن دفنهم كان مخالفاً للشرع؟!
ولمعرفة قانونية التكاليف التي يتم تحصيلها من مالكي القبور من قبل المحافظة يبين المحامي شريف قلعجي وعضو مجلس محافظة دمشق سابقاً لصاحبة الجلالة أن القرار الإداري1020 الصادر عن المكتب التنفيذي للمحافظة بتاريخ 19 /11/2018 والذي يفرض غرامات مالية ضخمة على من يحصل على قبر بالتنازل وفق حكم قضائي فيه مخالفات صارخة للأصول والشريعة وللقانون، فملكية الأراضي التي تقام عليها مقابر المسلمين هي ملكية أوقاف؛ أي تبقى ملكيتها للدولة، وينتفع بها شاغلوها في دفن موتاهم ضمنها، ويسري عليها ما يسري على الأراضي الأميرية وفق أحكام القانون المدني، مشيراً إلى أن القرار المذكور آنفاً يُشكِّل مخالفة صارخة للقوانين المرعية في الجمهورية العربية السورية؛ حيث تقتضي الضرورة إقامة دعوى أمام القضاء الإداري لإبطاله وإبطال مفاعيله كافة، إذ أنه لا يستند في نهجه إلى أي أساس قانوني أو شرعي، كما أنه من الضروري رفع دعوى قضائية ضد المحافظة ممثلة بمكتب الدفن لتحميلها المواطن مبالغ باهظة لا تصدَّق عند دفن الوفية ،وليست موجودة في قاموس أي مكان آخر في العالم، كما لفت قلعجي لضرورة العمل على تنظيم آلية مكتب الدفن بما يتوافق مع الأصول والقوانين نظراً لـ اللغط الكبير الذي بات يلف آلية عمله، وطريقة تعامله مع المواطن في أصعب مواقف الحياة “الموت” وترحيل الوفية في كل دول العالم مسؤولية الدولة بالدرجة الأولى، ومن المفترض أن تساعد المواطن، لا أن تُكبِّله بما تمليه من قرارات وفتاوى تصل إلى حدّ التعجيز.
الخبير القضائي محمد خير أبو جيب نوه الى مصادرة أكثر من 500 قبر من قبل مكتب الدفن ذات الأرقام على واحد بعد عام 1994، وهذا كلام مدير المكتب الدفن، وهي منذ أكثر من عشرين عاماً قائمة، ويوجد بها موافقة من مديرية أوقاف دمشق وموافقة مدير مكتب الدفن، والآن يُمنَع أصحاب تلك القبور من الدفن فيها إلا بموافقة السيد محافظ دمشق، مؤكدا أن مكتب الدفن يرى أن هذه القبور يجب أن تبقى لصالح المكتب متناسين أن المقابر في دمشق هي ملك لمديرية الأوقاف؛ أي ملك أميري مضيفاً أن هناك خللاً كبيراً في الآلية التي تنتهجها المحافظة في دفن موتاها، وظلماً كبيراً لمواطنيها عندما تقوم بتحميل ذوي الوفيات الجديدة مبالغ باهظة وكبيرة، يعجز عن تسديدها غالبية المواطنين، وقد حصلت حالات كثيرة ومتعددة بأن بقيت الوفية من دون دفن نتيجة رفض مكتب الدفن القيام بواجبه في ترحيل ودفن تلك الوفية إلا بعد تسديد ذوي الوفية للمبالغ الباهظة، كما يرفض القيام بإرسال ورشات الدفن إلا بعد قيام ذوي الوفية بتقديم الوثائق والثبوتيات بأن هذه الوفية تربطها علاقة إرثية للجهة المذكورة في دوّامةتشغل ذوي الوفية، وكأن ما أصابهم من حزن وفجيعة الفقد لا يكفي!! داعياً مكتب الدفن أن يحيط محكمة القضاء الإداري لدى إقامة الدعوى ضده بماهية السند القانوني الذي استند إليه في نهجه الحالي في مصادرة القبور التي يملك المنتفعون بها جميع الثبوتيات والأوراق الرسمية، مؤكداً حسب رأيه أن تلك الجهة الإدارية سوف تعجز عن القيام بتأمين ذلك السند القانوني؛ لأنه قد تم اعتماده لذلك النهج وفق أهواء ومصالح شخصية، عادت بالنفع عليهم، وبالضرر الفادح على المواطن، وجعل الخلل الفاضح الذي تنتهجه المحافظة من خلال مكتب الدفن التابع لها تفريطاً واضحاً بأبسط الحقوق التي يضمنها القانون والمجتمع في دفن الوفية الجديدة في المقابر.
يردف الخبير القضائي “ان رد مدير مكتب الدفن محمد حمامية على شكاوى المواطنين من تساؤلات حول مصادرة قبور من قبل المكتب؛ جاءت مقتضبة وغير واضحة بأن هذه القضايا ستُطرح على النقاش قريباً للوصول إلى حلول ناجعة لها، مُبيِّناً أن المكتب لا يصادر أي قبر تثبت الوثائق أنه لشخص ما، فالقبر وَقْف لما خُصِّص له، ولا يجوز التنازل عنه لغير صلة القرابة، وإن المبالغ الكبيرة التي فُرضت على من يتم له التنازل، وحصل على حكم قضائي، كانت بهدف الحدّ من عمليات الفساد في بيع وشراء القبور، معللاً بوجود فتوى شرعية تمنع استضافة الموتى من غير صلة ذوي القربى حيث كان سابقاً يتمّ الدفن دون ترقيم لكن في عام 1994 رقّمت محافظة دمشق كافة المقابر الموجودة ضمن الحيّز الجغرافي لمدينة دمشق ضمن سجلات تحفظ القبور بأرقامها الخاصة حيث تولت لجان مختصة أمر تدوين المعلومات المكتوبة على شواهد القبور.
الشكاوى التي ترشح كل يوم عن القضايا المتعلّقة بوضع المقابر في دمشق في ازدياد، والمواطن يشكو لا سيّما في ظلّ الظروف المعيشية الصعبة نتيجة حرب ظالمة، أرهقت كاهل المواطن السوري حتى بات الموت هو الآخر منفذاً للفساد والمتاجرة بالضمائر .. فهل نتأمل بأن تُقلّب هذه الصفحة قريباً مع قرارات منصفة من قبل محافظة دمشق، ومراعاة ظروف مواطني وسكّان العاصمة لتسهيل الإجراءات بحيث يحصل كل طرف على حقّه؟!
صاحبة الجلالة
Notice: Trying to get property 'post_excerpt' of non-object in /home/shaamtimes/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73