“واشنطن بوست”: كيف أوقفت أمريكا تطبيع العلاقات العربية مع سوريا؟
توقفت عجلة تطبيع العلاقات العربية مع سوريا، بعدما تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية، وطلبت من حلفائها إيقاف إحياء العلاقات مع سوريا، مهددة إياهم في حال استمروا بالتطبيع، بحسب ما ذكره تقرير لصحيفة “واشنطن بوست”.
وأشارت الصحيفة في تقرير نشرته، أول أمس، إلى أن الجهود الأمريكية أوقفت الجهود المبذولة لإعادة التطبيع مع الأسد، والتي بدأت بزيارة الرئيس السوداني عمر البشير لدمشق، وإعادة الإمارات والبحرين فتح سفارتيهما فيها.
ضغط أمريكي وروسي
وكان من المتوقع عقب هذه التحركات أن تستمر إعادة العلاقات مع الرئيس الأسد، إلا أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضغطت على حلفائها للتراجع عن أي خطوة للمشاركة في إعادة “إعمار سوريا”، محذرة إياهم بأن هذا الفعل قد يترتب عليه عقوبات أميركية، بحسب ما قاله مسؤولون للصحيفة.
ونتيجة لذلك، فإن العديد من الدول العربية في هذه الأثناء ليست واثقة حالياً ما إذا كانت تريد إعادة العلاقات مع سوريا الحليف القريب لإيران والذي تربطها بها علاقات قوية، إذ كان لطهران تأثير كبير في سوريا في “كسب الحرب لصالح حكومتها”.
وقال مسؤول أمريكي بارزٌ، تحدث إلى وسائل الإعلام شرط عدم ذكر اسمه، إن موقف الولايات المتحدة من الدور الإيراني هو “أن العزلة السياسية والضغط السياسي يُمثِّلان التوجُّه الأمثل في هذه الحالة”، مضيفاً أن الأهداف تشمل خروج كافة القوات التي تقودها إيران من سوريا.
في المقابل، تضغط روسيا من جانبها على حكومات عربية بهدف دفعها إلى إعادة بناء العلاقات مع سوريا، محاولة إقناعها بأن ذلك سيحد من النفوذ الإيراني في سوريا.
وتأمل الحكومة السورية من الدول العربية أن تقوم بتمويل الجزء الأكبر من عملية “إعادة الإعمار”، والتي تُقدر كلفتها بـ 400 مليار دولار.
موقف الإمارات من الرئيس الأسد
وكانت الإمارات سباقة في إعادة افتتاح سفارتها في دمشق، وتلتها في ذلك البحرين، وبرر وزير دولة الإمارات للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، قرار بلده في إعادة العلاقات مع سوريا، بقوله: “لا يمتلك العرب أي نفوذٍ داخل دمشق، على الإطلاق, لأننا هدمنا كل جسور التواصل عام 2011، مما سمح للأطراف الإقليمية مثل تركيا وإيران أن تُصبح الدول صاحبة القرار, مما قتل النفوذ العربي داخل سوريا”.
ومن المتوقع أن يتم طرح عضوية سوريا المُجمدة مجدداً في الجامعة العربية خلال الشهر الجاري، ضمن قمة الدول العربية المنعقدة في تونس، وتدعم بعض الدول عودة سوريا مثل تونس والعراق.
لكن حتى الآن لا يوجد إجماع في الجامعة العربية على عودة سوريا إليها، حيث قال الأمين العام للجامعة إنه “ينبغي أن يكون هنالك إجماع عربي يقود إلى فكرة إعادة طرح عضوية سوريا في اللجنة”.
وقال دبلوماسيون إن كلا من المملكة العربية السعودية، ومصر، اللتان تعتبران من اللاعبين المؤثرين في الشرق الأوسط، ما تزالان تصران على عدم التحرك لإعادة إحياء عضوية سوريا في الجامعة العربية.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي – طلب عدم الافصاح عن اسمه – قوله إنه “من الواضح أن مصر والسعودية مُتمسكتان بموقفهما، ولن تكون خطوات الدول الخليجية الأخرى حاسمةً في إعادة مقعد سوريا في حال حفاظهما على هذا الموقف”.
وقال قرقاش أيضاً إن الإمارات تتبنى موقف عدم المشاركة في الجهود المبذولة في “إعادة إعمار سوريا” قبل البدء بعملية الانتقال للسلطة، مضيفا أن أن المشاركة ينبغي أن تكون جزءاً لا يتجزأ من عملية الحل السياسي.
من جانبه، قال السيد حس حسن من معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، في واشنطن، إن “زيارة الرئيس الأسد لطهران خلال الأسبوع الماضي والتي تعتبر الأولى منذ بداية الحرب في سوريا، ستُقوِّض على الأرجح فكرة إمكانية ابعاد الأسد عن إيران، مما سيردع الخطوات العربية الرامية لتطبيع العلاقات معه أكثر فأكثر”.
وأضاف أنه “كان هنالك تردد بالمضي قدماً في إعادة التصالح مع سوريا والتي تم إيقافها أو إبطائها من أمريكا، لكن احتضان طهران لدمشق الآن سيكبح تلك المساعي تماماً».
ورأى الوزير الإماراتي قرقاش، أن بلاده ترى بأنه على الرغم من الزيارة الأخيرة للأسد إلى طهران، فإنه “من الضروري إعادة العلاقات مع دمشق عوضا عن الوقوف جانباً”، بحسب تعبيره.
وأضاف قائلاً: “من السذاجة الاعتقاد بأننا سنكون بديلاً لإيران بعد مُضي أسبوعٍ أو شهر أو عامٍ على افتتاح سفارتنا. ولكننا نعتقد أنه من الضروري أن تمتلك دمشق بعض الجسور العربية التي يُمكنها الاعتماد عليها. ولا نعتقد أن الإمارات العربية المتحدة ستصنع الفارق، لكننا نرى أن ذلك سيكون جزءاً لا يتجزَّأ من قرارٍ عربي أكثر إجماعاً بشأن سوريا، ونحن واثقون من حدوث ذلك”.
وكالات