ذبحة قلبية لشاب سوري بعد ان تركته حبيبته
أخبرته في الساعة الثانية عشرة ليلاً بأنها لم تعد تريده فأصيب بعد ساعتين بذبحة صدرية كادت تودي بحياته لولا قوة جسده الكبيرة؛ فصدق المثل القائل “ومن الحب ما قتل” ..هي قصة شاب بالثلاثين من عمره كان زميلي في غرفة العناية القلبية بمشفى السويداء العام التي نقلت إليها إثر إصابتي أيضاً بذبحة صدرية. قبل الدخول في تفاصيل العمل المشفى التي كغيرها من المشافي السورية لا تتمتع بشعبة خاصة للقثطرة القلبية على الرغم من وجود كوادر طبية متكاملة ومتخصصة، أورد لكم قصة وصلت لمسامعي من المرافقين والزوار حول قصة لا تخلو من الطرافة رغم قسوتها، تتعلق بحدث دخل المشفى مصاب أيضاً بجلطة قلبية جراء لعبة “بوبجي” المشهورة حيث لم يستطع الأطباء أخذ جواله من يده لمعالجته إلا “بطلوع الروح”. وتقتصر مهمة الطاقم الطبي المتخصص على المعالجة المبدئية والتحويل إلى العاصمة، ليبقي القسم محطة للحياة أو الموت، وهو الذي أخذ طوال سنوات الحرب الماضية النصيب الأكبر من سجلات الضحايا بسبب الضغوط المادية والسلاح العشوائي.
وعلى الرغم من تفاخر الجبليون بالقامات العلمية الباسقة، وخاصة الطبية منها، إلا أن عدداً كبيراً منهم اختار الهجرة نحو الشمال، أو الاستقرار في العاصمة لزيادة الخبرة ولسعة المدى أمامه، وهو ما جعل الأطباء الأخصائيين المتواجدين هنا بحالة مقارنة دائمة مع أطباء الشام، فتميل الكفة لغير صالحهم، ويتعرضون بشكل يومي للتجريح والتشكيك؛ الأمر الذي يجعل الهجرة أولى مقاصدهم.
ويدفع أهالي السويداء مئات الملايين سنوياً على قلوبهم، ومنهم من يجلس بانتظار الدور أو البحث عن واسطة توصله إلى الأمان، لكن ذلك لم يجعل الحلم يتلاشى في قلوب أطباء القلوب كما يقول الدكتور هشام حسون، فالمكان موجود في مشفى شهبا قيد التشغيل، والأخصائيين موجودين، ويمكن تدريب الفنيين في دمشق مدة كافية، ولكن القرار يحتاج لجهود مضاعفة وإرادة حديدية.
فيما رأى الدكتور مهند منذر أن قسم القلبية يضم سبعة أطباء واثنين مقيمين، وهم يعملون كل جهودهم لمعالجة المصابين والمرضى، ولكن عملهم يقتصر على الإسعاف والمعالجة الأولى، وإنقاذ حياة الناس، بعده يتم توجيههم لإجراء القثطرة القلبية في دمشق.
لا وجود لأرقام ووثائق عن عدد الإصابات والذين قضوا بالجلطات القلبية؛ على الرغم من محاولة أطباء من خارج القسم توثيق ذلك، لكنهما تركا العمل لعدم قدرتهما على إيجاد مساحة من الوقت، ولضغوط الحياة اليومية عليهما، وهو ما يجعل أي بحث قاصر طالما أن الأرقام غائبة، لكن بشكل عام ما زالت الجلطات القلبية والدماغية تأخذ الكثير من الجنسين، وهناك من يعتقد أنها نالت من السوريين أكثر مما أخذته الحرب.
الدكتور منذر تأسف لعدم توثيق وأرشفة المرضى نتيجة الضغوط الهائلة على القسم، لكنه أكد أن كل ذلك يصبح سهلاً طالما أن السجلات موجودة وتحتاج لمن يقوم بضبطها وفق منهجية علمية. مؤكداً بذات الوقت أن تقاريرهم ووصفاتهم الطبية ليس فيها أي شك، وعلى الذين يرجمونهم بالحجارة إثبات العكس.. فالمريض الذي يخرج من المشفى معافى وعلى قدميه تنتهي مع خروجه مهمة الأطباء وتبدأ المهمة الواقعة على المريض في إجراء القثطرة وتكملة العلاج. ولهذا طالب بشكل حثيث بإنشاء شعبة خاصة بالقثطرة القلبية في السويداء؛ والانتهاء من هذه العقدة.
هوامش:
- في ممرات قسم القلبية قد تجد العجب، فالسلاح الفردي ظاهر على خصور المراجعين والزائرين، ولا شيء يمكن منعه طالما أن العبثية والفوضى ما زالت تدب في شرايين الحياة الاجتماعية في المحافظة، وما زال السلاح العبثي هو البطل. وهو ما يجبر الأطباء على التعامل معه بعدم اكتراث رغم الخوف من العواقب.
- في بداية الأسبوع تهجم مسلحون على طاقم الإسعاف مهددين بالموت، وقاموا بإسعاف مصاب إلى قسم القلبية وسط تهديدات طالت الأطباء والممرضين في حال فشلوا بالعلاج، ومع الأسف كان حراس المشفى ينظرون كما باقي المراجعين إلى الحالة بالعجز وضرب اليد باليد.
- وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي يقوم بها الممرضون، إلا أن حساسية القسم وزواره تفرض إجراء تعديلات كثيرة في منهجية التعاطي مع الحالات، فما زالت الأصوات مرتفعة، وما زال الدخول إلى العناية القلبية يشكل فوضى كبيرة دون مراعاة لوضع مريض في حالة الخطر.
- نوعية الطعام دون المستوى المطلوب، وكثير من المرضى لا تقرب منه.
- عمال النظافة على مستوى عال من الاجتهاد رغم ضعف مدخولهم، لكن ما يعيبهم عدم التعاطي بحذر مع غرف وأسرة المرضى فالمهم بالنسبة لهم انتهاء العمل.
- ما زال مصطلح أنت بحاجتي يفرض وجوده على الجميع، فحارس الباب يصبح سيداً لا يمكن أن تطال رأسه إلا إذا أتيته من الأعلى أو من باب آخر، ومن خلاله بإمكانك الدخول والخروج متى تشاء. ويمكن لعامل عادي أو لممرضة أن تفرض القانون الذي تشاء وتمنحه أو تمنعه متى تشاء طالما أن العلاقات الاجتماعية ما زالت المتحكمة في ظل غياب نظام واضح ومحدد للدخول والخروج والمواعيد والأبواب المشرعة لكل ما تشتهي.
- رغم كل محاولاتنا لمعرفة قصة تهريب المرضى خارج القسم وكيف ولماذا إلا أن كل ذلك مجرد إشاعات واهية طالما أن المريض بحاجة للمشفى، وبعد ذلك بإمكانه الذهاب للطبيب الذي يريد.
- أحد الأطباء المعروفين علق على حالة هجرة الأطباء بالقول: نحن ننجب؛ نربي؛ نعلم؛ ندرس؛ نخصص؛ ندفع كلفة إنسان ٣٠ سنة، ونجهزه ليهاجر.. ثم يدرس خارج الوطن ليتمم علمه على حسابي وحسابك ومن أموالنا، والجميع لا يعود، ولن يعود.
صاحبة الجلالة