ماذا يعني إسقاط صفة ”الاحتلال“ عن الجولان في تقرير حقوقي أمريكي؟
في الوقت الذي أثنى فيه اليمين الإسرائيلي على الموقف الأمريكي الخاص بإسقاط صفة الاحتلال عن الأراضي الفلسطينية والجولان السوري، في التقرير السنوي العالمي لحقوق الإنسان، والصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية، وهو التقرير الذي خصص 113 صفحة عن إسرائيل، ترى مصادر إسرائيلية أن التقرير الذي يعج بالانتقادات الموجهه لإسرائيل في ملفات عديدة، لا يمكنه أن يتجاوز الموقف الدولي وقرارات مجلس الأمن بشأن الأراضي المحتلة منذ عام 1967.
وخصص التقرير الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية 133 صفحة عن دولة الاحتلال الإسرائيلي، تطرق خلالها للتحقيقات مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والاعتقالات الإدارية بحق الفلسطينيين، وطبيعة التعاطي الإسرائيلي مع قضية اللاجئين الأفارقة، فيما تجاوز الإعلام العبري كل ذلك ليركز على اسقاط كلمة ”احتلال“، وهي إشارة تبدو رمزية، مع أنها تحمل دلالة محددة بشأن الخطوات الأمريكية المحتملة عقب الانتخابات الإسرائيلية الشهر المقبل.
اليمين الإسرائيلي يرحب
وأصدر ”اتحاد أحزاب اليمين“ الإسرائيلي، وهو التحالف الذي يضم أربعة أحزاب يمينية متطرفة برئاسة رافي بيرتس، رئيس حزب ”البيت اليهودي“، بيانًا للتعقيب على الموقف الأمريكي، الخاص بالاعتراف بالجولان والضفة الغربية وقطاع غزة كمناطق ”تحت السيطرة“ الإسرائيلية، أثنى فيه على هذا التغيير، لكنه مع ذلك أبدى تحفظًا على الخطوة.
وذكر البيان، أنه من المحظور أن يؤثر الموقف الأمريكي على موقف إسرائيل بشأن ”صفقة القرن“ التي يفترض أن يتم الإعلان عنها عقب انتخابات التاسع من نيسان/ أبريل المقبل.
وورد في البيان ”نثمن الرئيس ترامب على اعترافه التاريخي بسيادة دولة إسرائيل على الجولان، إلى جانب قوله الواضح: إنه لا يوجد شعب محتل في يهودا والسامرة“.
وأضاف ”يحظر أن يخدعنا هذا الموقف، حين يتم وضع صفقة القرن على الطاولة، وقتها سيكون أعضاء اتحاد أحزاب اليمين فقط هم الأكثر التزامًا بتأكيد أهمية عدم التنازل عن أرض الوطن، أو استئصال مستوطنات وآلاف العائلات من منازلهم“.
وذكر رئيس الاتحاد رافي بيرتس، والذي تحالف أخيرًا مع حزب ”الليكود“ برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حسب ما أورده موقع ”سيروغيم“ مساء أمس الأربعاء، أنه أصبح من الواضح أن وزارة الخارجية الأمريكية ”أدارت المحركات“ استعدادًا لنشر خطة ترامب، والتي قد تقود وابل صواريخ ”القسام“ إلى كفار سابا.. إن نتائج الانتخابات وحدها ستحدد الثمن الذي ستدفعه المستوطنات في يهودا والسامرة، علينا أن نشكل حكومة قوية كي ندرأ عن أنفسنا الخطر“.
انجاز لنتنياهو
وغرد نائب وزير الدفاع إيلي بن داهان، عبر حسابه على ”تويتر“ قائلًا ”أبارك قرار وزارة الخارجية الأمريكية بشأن الاعتراف بالجولان ويهودا والسامرة كجزء من أرض إسرائيل.. حين نتكاتف من أجل اقناع الآخرين بصدق قضيتنا فإننا نحصل على نتائج“، على حد زعمه.
ووجهت نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي تسيبي حوتوفيلي الشكر للإدارة الأمريكية، ووصفت الموقف الجديد بأنه ”دليل على عمق الصداقة بين البلدين“، زاعمة أن موقف واشنطن يعبر عن ”حقيقة تاريخية“.
وذكرت أن عدم الإشارة إلى الجولان والضفة كمناطق محتلة ”خطوة مهمة للعلاقات الخارجية الإسرائيلية ولمستقبل الاستيطان“، كما واعتبرت أن ما حدث ”انجاز لنتنياهو“.
مخطط أمريكي
وفي المقابل، ذكر الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينه، حسب وكالة ”معًا“ الفلسطينية، إن القرار الأمريكي المتعلق بإسقاط صفة الاحتلال عن الأراضي الفلسطينية والجولان ”هو استمرار لنهج الإدارة الأمريكية المعادي لشعبنا الفلسطيني، والمخالف لكل قرارات الشرعية الدولية“.
وأضاف مساء الأربعاء، إن هذه المسميات الأمريكية ”لن تغير من حقيقة أن الأرض الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967 والجولان العربي المحتل هي أراض تقع تحت الاحتلال الإسرائيلي، وفق قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي“. وأردف أن القرار الأخير ”يندرج ضمن المخطط الأمريكي لتمرير ما يسمى صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية“.
الجولان ليست إسرائيل
واستنكر موقع ”واللا“ العبري، اليوم الخميس، الضجة التي أحدثها اليمين الإسرائيلي حول التقرير الحقوقي الذي اكتظ بالانتقادات ضد إسرائيل، وقال إن تلك الضجة دليل أن أحدًا لم يدقق في التقرير، ودلل على أن الصفحة 34 الخاصة بإسرائيل تحمل عنوان ”الفساد وغياب الشفافية في حكومة إسرائيل“، ومضيفًا أن التقرير تطرق للتحقيقات ضد نتنياهو وأقاربه، وتلقيهم هدايا غير قانونية، ومحاولاته تقويض التنافس بين وسائل الإعلام مقابل حصوله على تغطيات مميزة.
وذكر الموقع أنه من غير الممكن أن تتغاضى الولايات المتحدة الأمريكية عن قرار مجلس الأمن رقم (242) لعام 1967، الذي طالب إسرائيل بالإنسحاب من الأراضي التي احتلتها، والذي يحظر أيضًا احتلال الأراضي بالقوة، مضيفًا أن التقرير لم يتغافل وضع 23 ألف درزي سوري بالجولان المحتل، يرفضون الانتماء لإسرائيل، وفضلوا البقاء دون هوية محددة، كما أن التقرير الأمريكي يميز بين شرق القدس وغربها، ويلوم السلطات الإسرائيلية بسبب تمييزها بحق الفلسطينيين.
ويؤكد الموقع -أيضًا- أن خريطة للمنطقة على موقع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، تظهر الجولان والقدس الشرقية كأرض محتلة، وتعتبر البلدات الواقعة خلف الخط الأخضر كمستوطنات، مضيفًا أن أحدًا لا يمكنه انكار أن إسرائيل كيان والجولان كيان آخر.
دلالة دبلوماسية
وعرضت صحيفة ”إسرائيل اليوم“ رؤية آخرى، وقالت إن الموقف الأمريكي، وإن كان غير مهم، ولا سيما بتغيير كلمة أو مصطلح في تقرير داخلي لوزارة الخارجية، لكن في عالم الدبلوماسية هذا الأمر يحمل دلالة.
وربطت الصحيفة بين الانتخابات وبين قيام سياسيين وصحف إسرائيلية بالمبالغة في هذا الصدد، والاحتفال بالموقف الأمريكي بشكل غير متناسب، مؤكدة أن ما حدث لا يعد إطلاقًا اعترافًا بالسيادة الإسرائيلية على الجولان.
وأكدت أن ترامب ما زال يدرس طلب نتنياهو بشأن الجولان، وأن المؤشرات تدل على أنه سيعترف بسيادة إسرائيل في النهاية، مضيفًا أن حزب ”الليكود“ ومنافسه حزب ”أزرق – أبيض“ لديهما الرؤية ذاتها بشأن الاعتراف الأمريكي بالسيادة الإسرائيلية على الجولان.
إرم