مخترع سوري يحيي الأمل لملايين المصابين (فيديو وصور)
شهدت سوريا مؤخراً تركيب أول كف اصطناعي إلكتروني مصمم ومنفذ بالكامل بخبرات محلية.
ويتميز الكف الذي ابتكره أحد طلبة الجامعات بأنه يشبه اليد الطبيعية بنسبة 80% بالإضافة لسهولة تركيبه، فبمجرد أن يضع المستخدم الحساس على عضلة الساعد والكف يصبح قادراً على التحكم به بكل أريحية، كما فترة التدريب على الكف تقدر بساعتين وهي لا تذكر مقارنة مع الفترة المطلوبة لباقي الكفوف الصناعية التي تقدر ما بين أسبوع إلى شهر.
“سبوتنيك” التقت المخترع السوري الشاب علي محمد الباكير الذي ابتكر الكف الاصطناعي الإلكتروني حيث أوضح أن وزن الكف مع إضافات التركيب يقدر بـ 450 غ وهو الوزن بالنسبة للكبار، مع مساع لتصميم كف للصغار بوزن أقل، مضيفاً أنه أول طرف صناعي الكتروني مقاوم للماء بشكل كامل في العالم، ويساعد الشخص باستخدامه تحت الماء، كما أنه يوفر حركة سهلة حيث تتحرك الأصابع الخمسة مع بعضها ضمن حركة فتح وإغلاق وهي حركة مصممة لتلبي احتياجات كثيرة مثل إمساك القلم وفرشاة الأسنان والملعقة وتساعد في قيادة السيارة، وهو أمر مهم بشكل كبير لمبتوري الكفين وعند تركيب هذين الكفين يصبحون بغنى عن الحاجة لمساعدة الآخرين.
الشاب الباكير، الطالب في السنة الثانية فرع الهندسة الطبية، أوضح لـ “سبوتنيك” أن استشهاد أخيه خلال الحرب الدائرة على الإرهاب في سورية كان له أثر كبير على تحصيله العلمي خلال دراسته الثانية، فلم يتمكن من تحصيل المجموع المطلوب لدراسة الطب، ولكن هذا الأمر دفعه لاكتشاف إمكاناته في الهندسة الطبية، وفور دخوله الجامعة سعى لدمج موهبته بالدراسة وتميز من خلال مشاركته في المعارض الخاصة بطلاب سنوات الاختصاص والتخرج رغم أنه طالب في السنة الثانية.
الغاية من المشروع
يقول الباكير الذي يتحدر من قرية الربيعة بريف حماة: الحرب الإرهابية على سورية تسببت بإصابات كبيرة وخطيرة للناس، والعديد منهم خسروا أطرافا من أجسادهم، وبشكل خاص، جنود الجيش العربي السوري، وهو ما دفعه للمبادرة والعمل على ابتكار كف اصطناعي إلكتروني لتعويض جزء بسيط من الجميل الذي قدمه الجنود للوطن والشعب.
مراحل التصنيع والمشاكل
ويوضح الباكير: كانت البداية بصناعة الكف الاصطناعي الذي يعمل بالإشارات الدماغية، وبعد الوصول لمرحلة شراء القطع تبين أن تكلفتها غالية جداً، ويضيف: أن نصيحة والده بأنه حتى لو صنع هذه الكف فإن المحتاجين لها لن يتمكنوا من شرائها لتكلفتها العالية، جعلته يبدأ العمل على بحث جديد، وتوصل بعد جهود وأبحاث إلى طريقة مكنته من صناعة حساس هو الأول من نوعه عالمياً يسمح بصنع الكف بتكلفة مادية قليلة جداً.
ويشرح علي الباكير اختراعه بالقول: عبارة عن كف اصطناعي يركب لثلاث حالات بطرق مختلفة وهي: “مبتوري الكف أو الأصابع والذين يعانون من تشوهات ولادية في الكف، ومشلولي الكف”، ويركب الحساس على عضلة الساعد أو عضلة البايسيبس، ومهمة الحساس التمييز بين حركتين للعضلة المركب عليها بحيث لا يقرأ حركة العضلة الناتجة عن مد أو ثني الكوع بل يقرأ الحركة الناتجة عن شد العضلة الناتج عن إطباق الكف الشبحي للمبتوري الكف واحتمال الخطأ هنا معدوم نوعا ما، فعند إطباق الكف الشبحي الذي يشعر بوجوده المصاب (يمكنه مساعدة حتى الذين لا يشعرون بوجوده) ويقوم الكف بالإطباق.
ويتابع بالقول: إنه أضاف ميزات لمساعدة المصاب لعيش حياة طبيعية بعيداً عن مساعدة الناس له مثل الإمساك بالقلم والملعقة وبالإضافة إلى أن الكف هذه تمكنه من القيادة، ومقاومتها للماء تسمح له بأن يغتسل بنفسه.
التكلفة بسيطة
الباكير توجه بالشكر للسيدة أسماء الأسد، عقيلة الرئيس السوري بشار الأسد، التي التقت به وتعرفت منه على اختراعه ودعمته كما أن توجه بالشكر لبرنامج (جريح وطن) الذي أطلقته منظمة (الأمانة السورية للتنمية)، وذلك لمساعدتهم في تطوير الاختراع من مشروع إلى منتج نهائي لمحتاجيه، وقد تم تركيب ثلاثة كفوف قدمت نتائج إيجابية، موضحا أنه حالياً ينتظر التراخيص لافتتاح المركز الخاص بإنتاج هذه الكفوف الذي سيقيمه في قريته الربيعة، على أمل التعاون مع مراكز في دمشق واللاذقية.
ولفت الباكير إلى وجود 300 طلب لمصابين بانتظار تركيب هذه الأطراف، حيث تكفلت جمعية (جريح وطن) بتكلفة تصنيع هذه الكف لبعض الأشخاص، وحيث أن تكلفة تصنيعه وبيعه تبلغ 100 ألف ليرة سورية، وبالمحصلة هي تكلفة بسيطة لا تقارن بما يتم استيراده من منتجات مماثلة ولكنها بجودة أقل وسعر أعلى.
وأضاف الباكير بأنه حالياً بانتظار الحصول على براءة الاختراع بشكل رسمي، وهو يعكف حالياً لتركيب قفازات تقويمية لمشلولي الكف وذراع الكترونية لمبتوري الذراع.
اختراعات جديدة
أنه يعمل الشاب الباكير على عدة اختراعات منها كرسي للمشلولين يمكن التحكم بها بإشارات من اليد بطريقة لا سلكية وأيضاً يعمل على أطراف اصطناعية أخرى منها تطوير الكف لتصبح يدا لمساعدة مبتوري اليد من فوق الكوع وبالإضافة للقدم الاصطناعية التي ستكون أيضا إنجازا سوريا جديدا على المستوى العالمي.
وختم المخترع علي الباكير حديثه بالقول: إنه يرى في هذا الإنجاز مساهمة في إعادة إعمار سوريا، لكونه يسهم في إعمار الجسد، موجهاً رسالته لجميع الجرحى والمصابين في الجيش العربي السوري بألا يفقدوا الأمل.
مصابة حرب تقتني أول كف
“سبوتنيك” التقت الآنسة منيفة زيدان وهي مصابة حرب وهي أول من قام بتركيب الكف الاصطناعي الإلكتروني، حيث تعرضت لقذيفة هاون في حي جرمانا بمدينة دمشق في العام 2014 تسببت لها ببتر كف يدها اليسرى.
منيفة تحدثت بأنها عانت طوال السنوات الخمس الماضية وهي تبحث عن حل وقد استخدمت في البداية كفا صناعيا بلاستيكيا عانت بسببه من التهاب في الأعصاب نتيجة وزنه البالغ 2 كغ وهو لا يساعدها بأية حركات سوى وجوده كمنظر لليد المبتورة، وكان بتكلفة 175 ألف ليرة سورية، ومن بعده حصلت على كف صناعي ثان عن طريق جمعية خيرية تكلفته 200 ألف ليرة سورية وللأسف لم تستفد منه أيضاً لوزنه الزائد وصعوبة الحركة به.
وأشارت إلى أنه عندما أطلعت على ما قدمه المخترع علي الباكير تواصلت معه في جامعة تشرين وقام بتقديم الكف الاصطناعي الإلكتروني هدية لها وهي تستخدمه منذ أكثر من شهر، وقالت بأنه سهل الاستخدام وخفيف الوزن ويساعدها في الكثير من الحركات كحمل الأشياء، وحتى إنها تستخدمه في ممارسة الرياضة ورفع الأوزان، ويمكن استخدامه ضمن الماء، وقد ساعدها في تقوية عضلات يدها بعدما كانت تعاني ضمورا في عضلات اليد المصابة، بالإضافة إلى سهولة شحنه بالكهرباء واستخدامه لفترة ساعتين أو أكثر قبل إعادة شحنه.