باحث اقتصادي: من دخله أقل من 142 ألف ليرة شهريا.. “فقير”
هل سنصحو نعود لنؤكد على ضرورة وجود مكاتب اتصال مع المهاجرين السورين في أصقاع الارض .
كنت بجوله مع أحدهم بشوارع دمشق فقال لي انظر كيف المقاهي والمطاعم مزدحمة وعليك ان تحجز قبل حضورك للمطعم مما يشير الى ان القدرة الشرائية للمواطن جيدة .. فلماذا كل هذا النق من المواطنين… فأجبته بسؤال وهل تعتقد أن هذا المشهد أو ما تصفه بالوضع الجيد للمواطن هو نتاج سياسات ماليه واقتصادية ونقديه جيدة ؟ فأجابني ـكيد نتاج هذه السياسات ؟ فقلت له أانت شخص بموقع المسؤولية ولديك هذه القناعة قال نعم.. فضحكت وقلت له منذ متى لم تأكل سندويشة فلافل قال منذ أكثر من ستة سنوات ؟طلبت منه ان يدعوني لنأكل سندويشة فلافل عالماشي على حسابه .. فقبل وذهبنا لاحدى محلات الفلافل وقف الرجل على الصندوق وأنا بعيد عنه أراقبه اخرج من جيبه قطعه فئة ٥٠٠ ليرة ودفعها للصندوق فاعطاه المحاسب فيش.. فظل واقفا مكانه فطلب منه المحاسب ان يذهب الى مكان استلام السندويش..ليفسح المجال لغيره لقطع الفيش.. فقال للمحاسب لم تعيد لي باقي ٥٠٠ ليره فضحك المحاسب وقال له انت طلبت سندويشتين قيمة الواحده ٢٥٠ ليرة والاثنان ٥٠٠ .
بدت علائم الدهشة على وجهه.. رغم ان صاحبي ليس ببخيل.. تناول السندويشتين فورا حيث عرفه البائع فتجاوز الدور ليلبي طلبه فورا… فقلت له هل أنت مقتنع الآن ان وضع المواطن جيد. فأجابني وهو يتلذذ بأكل السندويشة الدمشقية .يا رجل قل لي من أين تأتي الناس بالمال.. بالله عليك صدقني صدمت بسعر السندويشة وهي فلافل أكلة شعبية . قلت له لا تشغل بالك تمتع بما تأكل فأكيد من زمن بعيد لم تأكل وانت تسير بشوارع دمشق.. فقال صدقت مر أكثر من ١٢ سنة لم أسير بشوارع دمشق وأكثر من ٢٠ عام لم أتناول طعام وانا اسير بالشارع .
إلا انه عاد وقال لي باصرار انه يريد ان يعرف سر ما يحدث.. فقلت له الموضوع ليس سر بقدر ما هو واجب يفرض اهتمامكم كمسؤولين.. وفي مقدمتكم من يرسمون السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية.. شعرت ان كلامي خلق لديه حالة من الفضول ممزوجة بالاستفزاز . فطلب مني ان نذهب لمكتبه.. وكان الوقت يقترب من منتصف الليل.. قال لن استطيع النوم يجب ان اعرف . ذهبنا للمكتب.. فأخرج دفتر وقال لي قل لي كيف .
أجبته اكتب ما سأقوله وأرسله لأي وسيلة إعلاميه للنشر .
هل تعلم يا سيدي وبشفافية اقول إن الفساد والدعارة اصبحت تساهم في اجمالي الناتج المحلي . وانا لن ادخل بهذا الموضوع إلا انه من إحدى الجوانب التي اصبحت تدعم القوة الشرائية لنسبة من المجتمع .
وهل تعلم ان دعم القوة الشرائية للمواطن هي من احدى النتائج الايجابية اللازمة في سورية . فقال لي نتائج ايجابية للأزمة ؟ قلت له نعم فالازمة لها سلبياتها ولها ايجابياتها . ومثال تراجع الرعي نتيجة الأزمة أدى الى عودة ظهور نباتات علفية في البادية .كانت قد انقرضت منذ سنوات.. و تراجع الصيد بالأزمة أدى ألى تكاثر الكثير من الطيور وبعض الحيوانات البرية.. وزيادة في أوزان الأسماك في بعض المساحات المائيه .رغم تراجعها في بعضها الآخر نتيجة جفافها .
وهل تعلم ان من نتائج الأزمة هجرت ستة ملايين مواطن سوري من أصل ٢٣.٥ مليون انتشروا في أوروبا ودول مجاورة هذا العدد تمت اضافته الى المغتربين السوريين في دول مختلف حول العالم اغترابهم كان قبل الأزمة واستمر لتاريخه . وهل تعلم ان الناتج الاجمالي المحلي في سورية بحسب ما أعلنه المكتب المركزي للاحصاء اصبح ١١.٩ مليار دولار بعد ان كان قبل الأزمة ٦٠.٢ مليار دولار أي ان الناتج المحلي قد فقد ٨٠% من قيمته المسجلة بسعر صرف الدولار بين عامي ٢٠١١ و ٢٠١٦ وهل تعلم ان تقديرات التحويلات الخارجية من مغتربين ومهاجرين في عام ٢٠١٦ بلغت ١،٦٢ مليار دولار سنويا اي ٤،٥ مليون دولار يوميا . وهي اكثر من ذلك بكثير . على اعتبار ان هناك صعوبات كبيرة في تقدير اجمالي الحوالات عبر الطرق الرسمية وغير الرسمية.. لنقوم بقياس حجم الحولات الى رقم الدعم الاجتماعي من قبل الحكومة.. . وستلحظ كم هذا الدعم ضعيف .
عدد الأسر في سورية ٤.٦ مليون اسرة عام ٢٠١٦ وهو في الواقع أقل بمقدار مليون اسره بسبب الهجره . اجمالي تحويلات المغتربين عام ٢٠١٦ للاسرة سنويا ما يقارب ٣٥٠ دولار للاسرة اي ما يقارب ٣٠ دولار شهريا . اي ١٥٠٠٠ ليرة سورية على اساس سعر الدولار ٥٠٠ ليرة سورية . وهذا يعتبر بادنى الحدود نظرا لعدم احتساب قيمة الحوالات الداخله الى سورية بطرق غير رسمية .
استنادا لتقرير صندوق النقد الدولي عام ٢٠١٦ ما تحتاجه الاسرة السورية المكونة من ٥ أشخاص لتبقى على خط الفقر العالمي هو ٩،٥ دولار في اليوم وهذا ما اعتمده الصندوق عام ٢٠١٦ حيث أصبح رقم خط الفقر العالمي الجديد ١،٩ دولار للفرد الواحد في اليوم بدلا من ١،٢٥ دولار . ويمكننا اعتماد عام ٢٠١٦ على اعتبار ان الدولار لم يتجاوز ٥٠٠ الى ٥٢٥ حتى بداية ٢٠١٩ .
لنحسبها ١،٩ دولار ×٥٠٠ = ٩٥٠ ليرة مصروف الفرد اليومي أي الأسرة السورية بحاجه الى ٤٧٥٠ ليرة يوميا وشهريا ١٤٢٥٠٠ ليرة سورية حتى تعيش على خط الفقر العالمي .
بهذه الحاله نجد ان الحكومة تساهم وسطيا ب ٣٠% فقط من حاجة الاسرة لتعيش على خط الفقر العالمي.. والسؤال من أين تأتي الأسرة ب ٧٠% الباقية ؟
ان التحويلات الخارجية الى سورية من المغتربين بالطرق الرسمية ١،٦٢ مليار دولار سنويا يضاف اليها ما يقارب ٤ مليار دولار تحويلات عبر الطرق غير الرسميه يصبح المبلغ ٥،٦٢٠ مليار دولار وفق المكتب المركزي للاحصاء الناتج الاجمالي المحلي عام ٢٠١٦ يساوي ١١،٩ مليار دولار هذا يعني ان التحويلات الخارجيه تساوي ما يقارب ٥٠% من الناتج المحلي .
إن التحويلات الخارجية تساهم في ٥٠% من الدخل اللازم لابقاء الاسرة السورية تعيش على خط الفقر العالمي.. ما يعني ان هذه التحويلات لها دور كبير جدا في موضوع الدعم الاجتماعي يتفوق على الدعم الحكومي نظرا لتراجع الناتج المحلي بنسبة ٨٠% بين عامي ٢٠١٠ و ٢٠١٦ تغطي التحويلات.
من الصفحة الشخصية للخبير الاقتصادي الأستاذ عامر شهدا.