شاب سوري يدّعي ’الألوهة‘ وآخر يوزع الحقائب الوزارية باعتباره ’رئيساً‘!
لطالما سمعنا عن أمراض نفسية شهيرة وشائعة في مجتمعاتنا العربية، مثل القلق والفصام والوسواس القهري والهوس والإدمان وغيرها من الأمراض. لكن تمظهر هذه الأمراض يبدو اليوم أكثر غرابةً، إذ زادت أعداد من يدّعي الألوهة فيما آخرون يسلمون أنفسهم مناصب رفيعة المستوى ليس آخرها “الرئاسة” !.
في مدينة اللاذقية، يدّعي شاب جامعي عمره 26 عاماً الألوهة، معتبراً أنه “الله” وخالق هذا الكون، مضيفاً أن بيده وهب الحياة للبشر وأخدها منهم، ومبيناً أنه يمتلك غرفة في منزله يجتمع فيها مع الأنبياء، ويروي لذويه تفاصيل الاجتماع وقصص عن الأنبياء الذين يجلسون بجواره، ليصل الأمر به إلى حد ترك جامعته لعدم تصديق زملائه لما يدعيه، بالإضافة إلى محاولته التهجم على طبيبه النفسي الذي وصّف حالته بأنها نوع من أنواع الفصام.
ولا يختلف وضع هذا الشاب عن وضع سليمان ابن محافظة طرطوس، الذي عرف في مدينته باسم “الرئيس”، والذي يدعي بأنه رئيس البلاد، وأنه لا يتهاون بتوزيع الوزرات على جيرانه، فكلما شاهد منهم شخصاً ناجحاً في مجال ما، يخبره بأنه سيسلمه وزارة معينة لتحسين عملها والنهوض بها.
ويؤكد أحد جيران سليمان لـ”هاشتاغ سوريا” أن من عادات سليمان قراءة الجرائد يومياً ومتابعة كافة الأخبار السياسية و المحلية والاقتصادية وتحليلها وإيجاد حلولٍ للمشكلات منها، بينما يضيف أقرباءه أنه يعيش حياة كاملة طبيعية جداً عدا إصابته بهذا المرض، مضيفين أنهم لم يحاولوا عرضه على أي طبيب نفسي كون أغلب سكان الحي اعتادوا عليه وعلى مرضه وادعاءاته.
من جهته، يوضح الدكتور جميل ركاب، الاستشاري في الطب النفسي لـ “هاشتاغ سوريا” أن هؤلاء الأشخاص يعانون غالباً من اضطراب ذهاني، أو أنهم يعانون من الفصام الزوراني أو حالات هوسية أو حالات مشتركة بين الحالتين السابقتين نسميها “الفصام الوجداني”.
وأشار ركاب إلى أن هؤلاء الأشخاص يعتقدون بأنهم المخلّصين للبشرية وبأنهم عظماء وأنهم آلهة أو الأنبياء المرسلون منه، أو أنهم من الأولياء الصالحين، مبيناً أنهم مع العظمة التي يشعرون فيها وعدم وجود ما يدعمها على أرض الواقع يعتقدون بأن الاخرين يتأمرون عليهم ليفشلوهم في مسعاهم، مضيفاً أنهم قد يسمعون أصواتاً تؤكد هذه الاعتقادات أو يتوهمون بأن هؤلاء الأخرين يقومون بالتجسس أو التآمر عليهم وأنهم يضمرون لهم الشر وقد يسعون للتخلص منهم.
وعن أسباب الإصابة بهذا المرض يوضح ركاب أن الأسباب غير محددة بدقة حتى الآن ومتعددة، وقد يشكل العامل الوراثي أهمها، وكذلك قد تسبب هذه الحالات خللاً في النواقل العصبية في الدماغ، وقد تؤثر مصاعب الحياة على زيادتها أيضا، مبيناً أن هذا المرض ليس نادراً، حيث تحتوي المشافي النفسية السورية على العديد من الحالات سنوياً.
وختم ركاب أن العلاج بشكل أساسي في هذه الحالات يكون دوائي يقدمه الطبيب النفسي أو على الأقل المدرب على مقاربة هذا النوع من الحالات، مضيفاً أنه قلما تنفع العلاجات الأخرى في الحالات الحادة، ولكن يمكن أن يكون لها دور ما بعد التحسن المبدئي في العلاج التبصيري وإعادة توجيه الحياة باتجاه أهداف منطقية ودعم نمو الأشخاص واستقرارهم الشخصي والأسري.
هاشتاغ سوريا