الجولان.. والحبل السرّي بين الليرة التركية ولسان أردوغان
تراجعت الليرة التركية مقابل الدولار اليوم، مع استمرار القلق بشأن تأثير رئيس البلاد رجب طيب أردوغان وتصريحاته السياسية، على السياسة الاقتصادية للبلاد وسعر العملة المحلية ومناعتها.
وهبط سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار خلال تعاملات الجمعة، بعد تصريحات للرئيس التركي انتقد فيها إعلان نظيره الأمريكي دونالد ترامب عزمه الاعتراف بتبعية هضبة الجولان لإسرائيل.
وأظهرت بيانات موقع “بلومبرغ” الاقتصادي، أنه جرى تداول العملة التركية بعد ظهر اليوم، عند 5.5893 ليرة للدولار، وبذلك يكون الدولار الأمريكي قد صعد بنسبة 2.27% عن سعر التسوية السابق.
وجاء الانخفاض بعدما اعتبر أردوغان في تصريحاته، أن دعوة ترامب للاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان تضع المنطقة كلها على شفا أزمة جديدة.
والغريب اللافت في سعر صرف الليرة التركية هو حساسيته البالغة تجاه تصريحات أردوغان. فالليرة واصلت انخفاضها سابقا لتصل إلى مستويات قياسية جديدة مقابل الدولار واليورو وسط الخلاف الدبلوماسي مع الولايات المتحدة بشأن طائفة واسعة من المواضيع.
فأواخر أغسطس الماضي تراجعت العملة التركية، في ظل الضبابية، التي تكتنف أي تقدم فيما يتعلق بالخلاف بين تركيا والولايات المتحدة حول مسألة احتجاز أنقرة لقس أمريكي بتهمة الإرهاب.
وكانت الليرة فقدت قبل ذلك ربع قيمتها تقريبا أمام الدولار، منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو العام 2016، وذلك بسبب قلق المستثمرين وتخوفهم من المستقبل السياسي والاضطرابات الأمنية في البلاد.
كما انخفضت الليرة التركية مطلع العام الجاري، بعدما حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أن الولايات المتحدة ستدمر تركيا اقتصاديا، إذا هاجمت أنقرة مقاتلين أكرادا في سوريا تدعمهم واشنطن. وتراجعت الليرة، التي خسرت نحو 30% من قيمتها مقابل الدولار في العام الماضي، إلى 5.53 مقابل العملة الأمريكية.
وعلى الرغم من الإجراءات التركية التي تراوحت بين تمديد العمل بقرار يلزم المصدرين بتحويل 80 بالمئة من إيراداتهم الأجنبية إلى الليرة في غضون 180 يوما من تسلمها، وكذلك اللجوء إلى رفع أسعار الفائدة على الإيداعات المصرفية بالعملة التركية، ودعت المواطنين الأتراك لتحويل كل مدخراتهم إلى الليرة، إلا أن العملة الوطنية بقيت مربوطة بترموميتر تصريحات أردوغان، ومدى برودة أو سخونة أو حميمية علاقاته بأمريكا وإدارتها في البيت الأبيض.
وقال بيوتر ماتيس، الخبير الاستراتيجي لدى “رابوبنك”، وهي شركة ألمانية للخدمات المالية والمصرفية، إن “انهيار العملة التركية العام الماضي قوض الثقة في الليرة، وبمجرد أن تفقد الثقة فإن استعادتها ستستغرق الكثير من الوقت والجهد”.
وحاول الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تجاوز أزمة العملة الوطنية داعيا مواطنيه إلى تحويل ما بحوزتهم من عملات أجنبية إلى ذهب أو ليرة، لدعم العملة التركية، وبالرغم من استجابة عدد كبير من الأتراك لطلب أردوغان، إلا أن ذلك لم ينجح بتعزيز قيمة العملة الوطنية حسبما أظهرته مؤشرات البورصة التركية.
ويقترب الاقتصاد التركي، بعد انخفاض قيمة الليرة العام الماضي، ومواصلتها الهبوط هذا العام من الوقوع في شرك النمو المنخفض. وسيكون من الصعب جدا تسريعه بطريقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المألوفة، بمساعدة القروض الرخيصة والإعانات.
وكان القيادي البارز في جماعة “أنصار الله” محمد علي الحوثي، قد وجه نصيحة، للرئيس التركي أردوغان بخصوص كيفية التعامل مع انهيار الليرة التركية. وقال له عبر تغريدة على موقعه في “تويتر”: “قلناها قبل، والآن يصرح بها الرئيس التركي، ما يحدث لليرة فعل أمريكي باشتراك الوكلاء له بالمنطقة”.
لذلك يبرز السؤال البديهي: هل سيضطر أردوغان مجددا لتغيير موقفه من مسألة الجولان من أجل الحفاظ على استقرار الليرة، على غرار ما فعله عندما خضع لطلب واشنطن بعد ممانعة وأطلق سراح القس الذي كان يحتجزه ويتهمه بالإرهاب؟
أردوغان صرح أكثر من مرة بأن ترامب لا يمكنه أن يدير العالم من خلال تغريداته على تويتر، لكن الليرة التركية أبت هذه المرة أيضا إلا أن تنصاع لتغريدات ترامب وتتأثر بها.
المصدر: RT