هل من المعقول أن يقرض بنك سورية الدولي الإسلامي تسعة أضعاف رأس ماله لعميل واحد؟
تتناقل الأوساط التجارية والمصرفية معلومات شبه مؤكدة عن أن عملاء محددين يتقاسمون إيداعات البنوك لتمويل مشاريعهم واستثماراتهم، في الوقت الذي يعاني الكثير من المودعين عدم القدرة حتى على سحب قسم من إيداعاتهم التي ادخروها لتمويل أعمالهم أو لشراء ما يحتاجون في معرض حياتهم اليومية، كما يعاني الكثير من الصناعيين وأصحاب المشاريع صعوبة في الحصول على قروض لتمويل مشاريعهم، خلافاً لما تعلنه السلطات النقدية عن دعم الإقراض وتوسيعه لدعم تدوير عجلة الإنتاج.
المعلومات التي وصلت إلى «الوطن» تفيد بأن جهة استثمارية واحدة اقترضت من مصرف سورية الدولي الإسلامي من خلال عدد من الشركات التي تتبع لذات الجهة ما يقارب تسعة أضعاف رأسماله (البالغ 15 مليار ليرة) ونحو 36.87 بالمئة من إجمالي موجودات البنك في نهاية عام 2018، حيث بلغت 366.17 مليار ليرة سورية، علماً بأنه وفق قرار مصرف سورية المركزي رقم 395 للعام 2008، يجب ألا يتعدى الحدّ الأقصى للتسهيلات والتمويلات التي يمكن منحها لشخص واحد طبيعي أو اعتباري أو إلى مجموعة مترابطة «ذات علاقة» من الأشخاص نسبة 25% من مجموع الأموال الخاصة الصافية، فما بالكم وعميل البنك حصل على قروض بأكثر من ثلث موجوداته أو أصوله!!
أمام هذا الواقع المثير للاستغراب لجهة التهاون من زيادة درجات مخاطر التركز في التمويلات ومخالفة القوانين، نسأل: أين هي الجهة المشرفة على التمويل والإقراض من هذا الواقع؟ أليس هناك قواعد وأنظمة مصرفية تمنع تمويل أشخاص بحدّ ذاتهم؟ ولو أنهم ظهروا بشركات مختلفة إلا أن مرجعهم واحد وهو شخص بذاته؟ ما رأي الجهات التي تشرف على المصارف والتي سمحت بهكذا تجاوزات في المخاطر وهي الحريصة على أموال المودعين الذين وضعوا خلاصة وجني عمرهم في هذه البنوك رغبة منهم في تحصين أنفسهم من أيام صعبة.
ونسأل أيضاً: ما موقف البنك المركزي المسؤول عن هذه التجاوزات في المخاطر في حالة إعلان إفلاس هذا الشخص الذي شعب العلاقة بين مقترض من هنا ومشتر من هناك وكفالة من هناك لدرجة تجعل الوقوف على مركز مالي محدد أمراً بالغ الصعوبة ويصل لحد الاستحالة؟
ما الذي تعمله إدارة المخاطر في البنك المركزي؟ أليس هناك إدارة حكيمة توقف التهور في عملية الإقراض الذي يستند إلى كفالات مصرفية تصل حد اللامعقول؟ وكيف يسمح بكهذا إقراضات؟ ما الملف القضائي للعميل؟ ألم يكن هناك دراسة معمقة عن تاريخه المصرفي وعن تاريخه القضائي وملفه المالي والضريبي؟ ألا يوجد من يسأل عن مصدر الدخل وكيف سيتم التغطية والتسديد والضمانات وقيمتها الحقيقية؟
هل يمكن القول إن أموال الناس في مهب الإقراض المتهور؟ أم أن لدى المعنيين أجوبة لأسئلتها هذه وما يتم تداوله في الأوساط التجارية.
نترك ذلك في عهدة البنك المركزي والحكومة حرصاً على سلامة القطاع المصرفي الذي صمد طوال سنوات الحرب، فلا مبرر ليدفع 14 مصرفاً خاصاً و6 عامة ثمن تهور مصرف وحيد وإدارة مخاطر غير آبهة بمستقبل العمل المصرفي والمال المودع في المصارف الوطنية.
الوطن