على ماذا يختلف الروس و الأتراك حول شرق الفرات؟
كشف المؤتمر الصحافي المشترك للوزيرين الروسي سيرغي لافروف ونظيره التركي ومولود جاويش أوغلو في أنطاليا، أمس عن توافق الطرفين على “وحدة” الأراضي السورية، والتمسك بمسار “آستانا”، والتنديد باعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل، وفي المقابل ظهر اختلاف حول منبج وشرق الفرات.
ومع إشارته إلى صعوبة الأوضاع في إدلب أكد لافروف حصول تقدم في تنفيذ اتفاق “سوتشي” حول إدلب والذي توصل إليها رئيسا البلدين في أيلول/ سبتمبر2018، وفيما شدد الوزير الروسي على ضرورة عودة منطقة شرق الفرات وشمال سوريا كاملة للحكومة السورية، قال جاويش أوغلو إن أنقرة تواصل بحث المنطقة الآمنة مع واشنطن وتنسق مع روسيا.
ومع تزايد خروقات الهدنة في إدلب، أكد لافروف التزام موسكو باتفاقها مع أنقرة حول إدلب، مشيراً إلى أن “هناك تواصلاً مستمراً بين العسكريين (الروس والأتراك)، وأنا على ثقة، أننا سنتقدم خطوة خطوة، بل لقد بدأنا نتقدم نحو تحقيق الهدف الذي حدده الرئيسان (الروسي والتركي)، وهذا يشمل إقامة ثلاث مناطق لتسيير دوريات كخطوة أولى”.
وشدد الوزير الروسي على “ضرورة العمل على وقف الاستفزازات والهجمات التي تنفذها الجماعات الإرهابية انطلاقاً من مناطق سيطرتها في المحافظة”.
التسوية السياسية
وفي خصوص التسوية السياسية قال لافروف: “اتفقنا على الإسراع في تشكيل اللجنة الدستورية بالتعاون مع زملائنا من الأمم المتحدة، وبالطبع بالاتصالات مع الحكومة السورية والمعارضة”، معرباً عن ثقته أن “تشكيل اللجنة الدستورية سيساعد على بدء عملية جنيف، التي كثيراً ما يتحدث عنها زملاؤنا الغربيون وغيرهم”.
وشدد جاويش أوغلو على أهمية استمرار موسكو وأنقرة في العمل المشترك لتسوية الوضع في إدلب، الذي يعدّ “مسؤولية مشتركة” للطرفين، لافتاً إلى زيادة عدد الاعتداءات وحالات إطلاق النار في إدلب، ما ينعكس سلباً على حياة المواطنين هناك.
وأجمع الوزيران على أن صيغة آستانا بمشاركة إيران تبقى الآلية الوحيدة الفعالة “رغم محاولات لعرقلتها”، والتي لا يمكن تحقيق التسوية في سوريا من دونها.
وجدد لافروف تنديد موسكو بقرار ترامب الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، وزاد: “أشعر بأن هذا دليل متعمد على عدم المساءلة. وهو إلى جانب التهديدات والإنذارات والعقوبات، يشكل عموماً جميع الأدوات التي تستخدمها الولايات المتحدة في السياسة الخارجية هذا أمر محزن”.
من جانبه أكد جاويش أوغلو أن بلاده تدعم وحدة الأراضي السورية بما فيها الجولان رغم الخلافات مع القيادة السورية.
تباينات حول شرق الفرات
وفي مقابل التوافق على الحل السياسي، والتمسك بمسار “آستانا”، والمضي في تنفيذ اتفاق “سوتشي” حول إدلب، برزت تباينات في موضوع شرق الفرات وشمال سوريا.
فمن جانبه قال جاويش أوغلو إنه “طالما أن تنظيمي حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب ينشطان في هذه المنطقة، فإنه لا يمكننا الحديث عن إرساء الأمن في روسيا وتركيا والدول المجاورة وخصوصاً سوريا”، وزاد أن “وحدة سوريا مهددة لأن هدف التنظيمين تقسيمها”.
وذكر الوزير التركي أن أنقرة “تواصل محادثاتها مع الولايات المتحدة حول إقامة منطقة آمنة شمال سوريا، بالتوازي مع التنسيق مع الشركاء الروس”، كاشفاً أن جزءاً من محادثاته مع نظيره الروسي كانت حول المنطقة الآمنة على الحدود مع سورية.
ومع إشارته إلى أنه “بعد قرار الانسحاب الأميركي من سوريا، نرى أن الولايات المتحدة لا تمتلك استراتيجية أو خطة عمل (بالمنطقة)، ما عدا التصريحات المتضاربة الصادرة عنها”، قال جاويش أوغلو إن “ما يهمنا هو عدم استغلال التنظيمات الإرهابية الفراغ الذي سيتشكل بعد الانسحاب، لأن هذا يشكل أهمية بالنسبة الى أمن بلادنا وسوريا معاً”.
وخلص إلى أن إعلان منطقة آمنة في الشمال السوري مسألة مهمة لضمان الأمن القومي التركي و “وضع حد للفوضى والتوتر” هناك.
أما لافروف فأشار إلى أن “روسيا وتركيا تتبنيّان موقفاً مشتركاً من قضية شرق الفرات “ينطلق من ضرورة الحل على أساس احترام السيادة السورية والمحافظة على وحدة الأراضي السورية مع مراعاة مصالح تركيا الأمنية في شكل كامل”، لافتاً إلى أن موضوع شرق الفرات يبحث على مستوى وزارتي الخارجية والدفاع وأجهزة الاستخبارات في البلدين.
وشدد الوزير الروسي على ضرورة خروج الولايات المتحدة بالفعل من شرق الفرات، وعاود التأكيد على أن “اتفاق أضنة بين تركيا وسوريا يعدّ أساساً جيداً من أجل تأمين الحدود في المنطقة”.
يشار أن لقاء الوزيرين يأتي قبل عشرة أيام على قمة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، لبحث ملفات أبرزها القضية السورية.
الحياة