الكبتاجون.. ما سر هذا الدواء الذي تحوّل إلى مخدّر محظور؟
شاع صيته في السنوات الأخيرة في الشرق الأوسط والوطن العربي على أنه نوع من أنواع المخدرات، وكثر الحديث عن مخاطره في ظل انتشاره بين الشباب. حبوب الكبتاجون، وهي أحد المنبهات شائعة الاستخدام في بعض البلدان المتاخمة للاتحاد الأوروبي.
وفيما تشير مضبوطات المخدرات إلى أنّ بعض الدول الأوروبية تكون أحياناً هي مصدر حبوب الكبتاجون المستهلكة حول العالم، سنشرح لك أكثر ما هي هذه الحبوب، ما فوائدها ومخاطرها، وما الأعراض التي تظهر على مدمنيها وكيف يمكن العلاج منها.
ما هو الكبتاجون وكيف يعمل؟
كان Captagon الاسم التجاري لدواءٍ ذي تأثير نفسي أنتجته الشركة الألمانية Degussa Pharma Gruppe عام 1961، وتمّ بيعه على شكل أقراص بيضاء اللون عليها شعار مميّز يشتمل على نصفي قمر.
يوصف هذا الدواء بشكلٍ رئيسي علاجاً لاضطراب نقص الانتباه، ومنشطاً للجهاز العصبي المركزي. وكان السوقان الرئيسيان له هما أوروبا والشرق الأوسط. وتحتوي أقراص الكبتاجون على 50 ملليغراماً من الفينيتيلين، وهو عقار اصطناعي لعائلة الفينيثيلامين التي ينتمي إليها الأمفيتامين أيضاً.
يُدرج الكبتاجون في عائلة الأدوية المعروفة باسم الأمفيتامينات. وهذه الأدوية مرتبطة كيميائياً بالناقلات العصبية الطبيعية مثل الدوبامين والإيبينيفرين (المعروف أيضاً باسم الأدرينالين).
عندما يتناول الشخص الكبتاجون، فإنّ عملية التمثيل الغذائي عنده تقطع الدواء إلى الأمفيتامين نفسه، وكذلك الثيوفيلين، وهو جزيء يحدث بشكل طبيعي بكميات صغيرة في الشاي وله نشاط محفّز للقلب.
تحفز أدوية الأمفيتامين الجهاز العصبي المركزي، وتزيد من اليقظة، وتزيد من التركيز والأداء البدني، وتوفر الشعور بالراحة.
في فيلم وثائقي لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) وصف المستخدمون شدة الكبتاجون بعباراتٍ لا لبس فيها: «شعرت كأنني أملك العالم». وقال أحدهم: «أشعر كأنني أملك قوة لا أحد يملكها. شعور لطيف حقاً». وآخر قال: «لم يعد هناك خوف بعد أن أخذت الكبتاجون».
يشعر متعاطيه بالسعادة والحيوية لكنّه يتحوّل لإدمان
يجعل الكبتاجون متعاطيه يشعر بالحيوية والسعادة ولهذا السبب يطلق عليه اسم «الشجاعة الكيميائية«. وقد نقلت صحيفة The Guardian البريطانية عن الطبيب النفسي اللبناني رمزي حداد قوله إن الدواء ينتج نوعاً من النشوة ويرغب متناوله في الكلام بكثرة ويبقي المستخدمين مستيقظين لفترات طويلة من الزمن مع انعدام الرغبة في الأكل.
وعلى عكس الأمفيتامينات، لا يزيد الكبتاجون من ضغط دم المريض مما يعني أنه يمكن استخدامه لعلاج المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية.
في المقابل، هو دواء يجعل متناوله مدمناً للغاية ولذا أصبح غير قانوني في معظم البلدان عام 1986، وفق ما ذكرت صحيفة The Sun البريطانية.
الآثار السريرية، التي تتميّز بزيادة الطاقة والإنتاجية، وقمع الشهية، والشعور بالنشوة، وتعزيز الثقة بالنفس والكلام ، لا تظهر إلا بعد دقائق قليلة من الابتلاع بحد أقصى بعد 15 دقيقة، وتستمر لمدة 10 إلى 12 ساعة.
وبالتالي، تحت تأثير الكبتاجون، يشعر المستخدمون بالحيوية وأنهم أقلّ عرضة للضغط والتعب. وتشمل الآثار الجانبية للكبتاجون جفاف الفم وصعوبة التبوُّل والأرق أو الصداع أو الارتعاش أو الإسهال أو الإمساك والغثيان وغالباً ما يحدث ألم في الصدر.
ويمكن لمستخدمي الأمفيتامين على المدى الطويل أن يعانوا من الآثار الجانبية مثل الاكتئاب الشديد، والحرمان من النوم، وتسمم القلب والأوعية الدموية، وسوء التغذية، وفقاً للخدمة الوطنية للعدالة الجنائية المرجعية الأمريكية.
زيادة التعرّق وشحوب البشرة من أعراضه المباشرة
تظهر العديد من الأعراض التي يمكن ملاحظتها على متعاطي الكبتاجون، ومنها: شرب الشاي بكثرة، والإقبال على التدخين، ووجود رائحة كريهة في الفم، وزيادة التعرّق، واتّساع حدقة العين، وارتفاع تسارع دقات القلب، وشحوب البشرة، والعضّ على الأسنان بشكل مستمر، وبعد وقت تظهر متآكلة بشكل واضح، ورجف اليدين وحك الأنف بصور متكرّرة، وانخفاض الشهيّة.
كما يصبح متعاطيه متقلب المزاج. يمكن الكشف بسهولة عن وجوده في الجسم من خلال تحليل للبول، فيظهر أثره فيه حتى بعد ستّة أيام من آخر جرعة تمّ تعاطيها.
أمّا عن علاج إدمانه فيكون من خلال 4 مراحل:
أولاً التخلّص من السموم: يتخلّص الجسم من السموم في وضعه الطبيعي، ولكن تلزمه بعض المساعدة في هذه الحالة، وسيعاني المتعاطي من أعراض الانسحاب الناتجة عن التوقّف عن تعاطي الكبتاجون، لهذا يحتاج الشخص المساعدة لتخطّي هذه المرحلة الصعبة نسبيّاً.
ثانياً مرحلة العلاج النفسي: هذا العلاج يتمّ قبل البدء في مرحلة العلاج المتمثلة في التوقُّف عن تعاطي الكبتاجون، وخلالها، وبعدها، وذلك من أجل زيادة إرادة المتعاطي على تركه، وقدرته على تحمّل أعراض الانسحاب والصبر عليها، وتلزم بعد العلاج، كيّ تردع المتعاطي عن العودة لهذا الإدمان.
ثالثاً العلاج الاجتماعي: يعاني المتعاطون بشكل عام من مشاكل أسريّة، وذلك لرفض ذويهم وضعهم، وتسبّب المتعاطي للعديد من المشاكل لهم، وبالتّالي تقوم هيئات متخصصة بإعادة المتعاطي لأهله وأسرته، وأصدقائه، وإرشاده لكيفيّة التّعامل معهم، كما يتمّ عمل دورات وجلسات إرشاديّة لهم أيضاً.
رابعاً الوقاية من النكسات: قد يتعرّض المتعاطي بعد شفائه ومعالجته تماماً إلى نكساتٍ صحيّة بسبب هذا الإدمان، وتستمر الفترة المتوقع حدوث انتكاسات فيها من ستّة أشهر إلى سنتين وبالتّالي يتمّ توضيح الأعراض للمتعاطي، ولمن حوله كالأسرة، والأصدقاء، وعن كيفيّة التصرف في حال وقوعها، لتفادي حدوث أي مخاطر، كما ويتمّ توضيح الأسباب وراءها؛ لتفاديها.
متى بدأت إساءة استخدام حبوب الكبتاجون؟
يعود تاريخ صناعة الأمفيتامين لعام 1887م في ألمانيا، وهي المكوّن الرئيسي الذي اشتقّ منه الكبتاجون، وذلك بغرض مكافحة الجوع. استخدم خلال عشرينيات القرن الماضي في علاج الصرع، والانفصام، والإدمان على المسكرات، والصداع النصفيّ.
كما استخدم خلال عام 1935 في علاج نوبات النعاس. وأنتج لأوّل مرّة على شكل حبوب عام 1937، وخلال الحرب العالميّة الثانية استخدمها الجنود اليابانيّون ليبقوا متيقظين.
وساد خلال ستينيات القرن الماضي سوء استخدام لهذه الحبوب بين الشباب والمراهقين في السويد، وانتقلت هذه الظاهرة بسرعة إلى كلّ من بريطانيا، وأمريكا وكان ذلك بعد حرب كوريا مباشرة أي خلال حرب فيتنام.
تشير التقارير الإعلامية إلى أنّ إساءة استخدام الكبتاجون ربما حدثت في أوروبا خلال الفترة 1970-1990، وخاصة في مجال الرياضة باعتبارها مادة تعزز الأداء.
وعلى سبيل المثال، تم ربط الكبتاجون في فرنسا بحالة منشطات مهمة لركوب الدراجات في عام 1987 وتم الإبلاغ أيضاً عن استخدامه في الرياضات الأخرى، بما في ذلك كرة القدم الاحترافية خلال التسعينيات.
كما تم الإبلاغ عن استخدام المنشطات، وخاصة الكبتاجون، على أنه «شائع» في لعبة كرة الركبي الفرنسية خلال الثمانينيات والتسعينيات.
وقد أدرجتها أمريكا عام 1981 ومنظمة الصحة العالمية عام 1986 كمادة خاضعة للرقابة، مما يجعلها غير قانونية للشراء أو البيع في معظم البلدان.