أكاديمي يؤكد: ضريبة الدخل المقطوع تشرعن الفساد..وسورية جنة ضريبية
يصف رئيس قسم المحاسبة في كلية الاقتصاد الدكتور إبراهيم العدي سورية بأنها جنة ضريبية للفعاليات الاقتصادية، وسورية من أكثر الدول في العالم التي تعاني من التهرب الضريبي، ولذا من الطبيعي والضروري البحث عن مطارح ضريبية في الأزمة، ويؤكد د. العدي أن الأطباء من أكثر فئات التهرب الضريبي، وكذلك الصيادلة والمهندسون والمحامون، وهؤلاء جميعهم يدفعون مبالغ زهيدة، ففي إحصاءات 2010 مثلا يحدد الدخل اليومي لطبيب عيادته في الحمرا في دمشق بنحو 900 ليرة، وأيام عمله السنوي بنحو 170 يوماً ، أي إن ضريبته لا تتجاوز 10- 15 ألف ليرة، وهذه ضرائب كاذبة، ويصف ضرائب الدخل المقطوع بأنها تشرعن الفساد في سورية، وتعود لنظام ضريبي فاسد وبال، وأن ضريبة الدخل المقطوع التي تشمل الأطباء والمهندسين والمحامين ليست لهم أصلاً، وإنما للبسطاء الأميين الذين لا يقرؤون ولا يكتبون وليست لهم دفاتر، فعندما يفرض على الصيادلة والمهندسين والأطباء وأصحاب البقاليات ضريبة الدخل المقطوع من دون وجود دفاتر ضريبية حقيقية عندها ما الطريقة لتحقيق الضريبة عليهم، هل يطلبون منهم حلف اليمين؟
ولذلك من الطبيعي أن يشعروا بالاستياء، فمن كان يدفع ضريبة لا تتجاوز قيمتها عشرة آلاف ليرة، ومن ثم يطلب منه دفع 100 ألف ليرة سيحتج، ولكن هذا المبلغ الجديد طبيعي في ظل التضخم الحالي، وعملياً يصعب تحديد حجم التهرب الضريبي الحالي، والمؤشرات المعتمدة تعود لعام 2011، فهناك شيء اسمه العبء الضريبي وهو نسبه الضريبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، وهذا المؤشر كان في سورية 11%، بينما في مصر 22 % أي إن التهرب في سورية ضعف مصر، وأساس المشكلة وجود نظام ضريبي بال وبعض مراقبي الدخل الفاسدين الذين يرتشون لتصبح النتيجة لا أموال ضرائب في خزينة الدولة.
يضيف د. العدي أن الجميع يتهربون من الضرائب باستثناء الموظفين فالأستاذ الجامعي مثلاً يدفع نحو 200 ألف ليرة سنوياً، بينما الحيتان التي تحقق أرباحاً ضخمة تتهرب، وكثير من الأطباء والمهندسين لا يدفعون مبالغ كهذه مع أن دخولهم أضعاف دخل الموظف والأستاذ الجامعي، وعند محاولة المالية إنقاذ ما يمكن إنقاذه من خلال إيجاد مطارح ضريبية جديدة أو توسيع القديمة ظهرت احتجاجات الكثير من أصحاب الفعاليات، وكل أصحاب المهن يتهربون من الضرائب فجميعنا يعلم بالدخول الكبيرة لصالونات قص الشعر ولكنهم لا يدفعون ضرائب، والجميع يتهرب بطريقة أو بأخرى باستثناء الموظفين، لكل هذا نرى ضرورة إيجاد نظام ضريبي جديد يعتمد على مطارح حقيقية، والمشكلة أن ما يسوغ الاحتجاجات الحالية أنه ليست لدى المالية معلومات حقيقية، والفعاليات لا تقدم معلومات حقيقية، وهذا يفرض العمل بطريقة «الكبسة» أو ما يسمى «الطريقة الجنائية»، والخلاصة أن النظام المتخلف للتحصيل الضريبي الذي انقرض عالمياً بعدما أصبح عمره أكثر من 70 عاماً يفرض طريقة عمل متخلفة كالتي تحصل الآن وتثير استياء المكلفين، فالقصة أن التاجر السوري في حالة خصام دائم مع وزارة المالية، ويعتمد تقديم البيانات المزورة، فكانت هذه الطرق هي السبيل لأن آخر طرق العلاج «الكي»، فالجميع اعتادوا أن تقدم الدولة كل شي، دون أي التزام تجاهها.
وعن رأيه في أصل المشكلة في قضية التهرب الضريبي قال العدي: إن المشكلة اعتماد نظام ضريبي لم يعد موجوداً في العالم، وأن عدم تطويره ربما يعود لعدم رغبة، أو بسبب قوة وسلطة أصحاب المصالح الاقتصادية التي تعرقل تطوير التشريعات، وأن المالية تتحدث باستمرار عن أهمية الضريبة وعن ضرورة دفع الضرائب، والحقيقة أن الضريبة ليست خياراً بل يجب فرضها عليهم، لأن خزينة الدولة هي جيوب رعاياها، إذ ليست هناك دولة فقيرة وشعب غني، والحقيقة، مهما كانت الضرائب إلا أنها لا تمثل إلا جزءاً بسيطاً من حق الدولة على الفعاليات، المالية تسعى للحصول على جزء من حق الدولة قد تكون الطريقة التي تتم بها جباية الضرائب تشبه الأمن الجنائي أي طريقة جنائية لكن لا أحد منهم يقدم بيانات صادقة، بل يقدمون دفاتر مزدوجة أحدها مزور للمالية، والآخر لهم ويتضمن الأرباح الحقيقية!
ويرى أن بعض دول العالم تعتمد على «البوليس المالي» إذ كيف تتحقق المالية من تحصيل حقوقها؟
تشرين