الجمعة , نوفمبر 22 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

دور الإعلام في تسويغ الاحتلال

دور الإعلام في تسويغ الاحتلال

نور الهدى صالح

هذه الأساطير والأكاذيب ساهمت في كَسْب وجدان بعض الشعوب، وشدّت اليهود في العالم للهجرة نحو فلسطين.

استطاعت إسرائيل منذُ تأسيسها أن تتلاعب بالحقائق والأحداث، هادِفةً التأثير على الرأي العام العالمي لدعم سياستها الصهيونية. ومُبرّرة احتلالها فلسطين بشتّى الوسائل الدعائية والإعلامية. فكوّنت العديد من البِدَع والأساطير ونشرتها عبر هذه الوسائل للهدف نفسه.

ولا شكّ أن هذه الأساطير والأكاذيب ساهمت في كَسْب وجدان بعض الشعوب، وشدّت اليهود في العالم للهجرة نحو فلسطين.

الأساطير المؤسِّسة للسياسة الإسرائيلية

ولا يمكننا خلال الحديث عن السياسة الصهيونية تلك إلا الإشارة إلى المعلومات البالغة الأهمية التي وثّقها الكاتب الفرنسي “روجيه غارودي” في كتابه “الأساطير المؤسِّسة للسياسة الصهيونية” (الطبعة العربية من تقديم الأستاذ محمّد حسنين هيكل/ دار الشروق)؛ لاسيما ما بيَّنهُ من وقائع ضمن الكتاب حول دور الإعلام في ترسيخ هذه البِدَع والتمهيد لخطوات إسرائيل الاستعمارية. والجدير بالذكر أن الأساطير التي ابتدعت تعتمد بشكل أساسي على جعل الدين أداة للسياسة. بل والسموّ بالسياسة على حساب الدين بهدف التطهير العرقي والاستيلاء على حقوق الشعب الفلسطيني. وكدليلٍ على ذلك ما ذكره الحاخام اليهودي “إيزاك مايروايز” حسبما وثّق غارودي، والذي قال “هناك تناقض بين هدف الصهيونية والقراءة الروحانية الكونية للأنبياء”.

ومن تلك الأساطير التي ذكرها الكاتب “الأرض الموعودة لليهود في فلسطين، اليهود شعب الله المختار، أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”. وروَّجت هذه الأكاذيب إعلامياً وعبر رجال الدين المُموَّلين بهدف استغلال العصبيّة الدينية اليهودية وتحقيقاً للمخطّط الصهيوني. وبالإضافة إلى تلك الأساطير تحدَّث غارودي عن بدعة المحرقة النازية مشيراً كيف طُرِحت إعلاميّاً على المجتمع العالمي.

الهولوكوست بِدعة “مُنكَّهة” إعلامياً

أشار غارودي إلى “كذبة الهولوكوست” مُظهِراً دور الحرب الإعلامية في التهويل، بدءاً من تسمية الهولوكوست “بالمذبحة” والادّعاءات “بحرق القربان بالكامل” إلى إصدار عدّة أفلام في هذا الإطار مثل “الخروج”، “الهولوكوست”، “شواه” الذي تمّ “تخصيص 850 ألف دولار لإنتاجه من قِبَل “مناحيم بيغن” حيثُ اعتُبر الفيلم مشروعاً ذا أهمية قوية؛ حسبما يذكر غارودي في كتابه. وليس الكاتب الفرنسي الذي عوقِب على ما نشر، وحده مَن حكى عن الذريعة الأيديولوجية لإنشاء دولة إسرائيل المزعومة، إذ بحث الصحافي “دوغلاس ريد” في موضوع المحرقة ذاته. حيثُ أظهر مبالغة المعنيين بالأرقام، مبيّناً أن عدد اليهود لم يتغيّر بعد الحرب العالمية الثانية، بعكس ما أثير عن وجود أعداد مهولة للضحايا. والجدير بالذكر أن “ريد” قد دُفِنَ حيّاً بعد إصداره كتاباً يوثّق الموضوع.

تاريخ ومستقبل إسرائيل يعيشُ على “أكاذيب”

ومن المعروف أن الصحافي ثيودور هرتزل، منظّم المؤتمر الصهيوني الأول في بازل سويسرا عام 1897، ورأس المنظمة الصهيونية العالمية التي انبثقت عنه، من أوائل العاملين على مستوى بناء إسرائيل انطلاقاً من الترويج الإعلامي لها. ويفسّر ذلك ما كتبه في افتتاحية العدد الأول من أسبوعية الحركة الصهيونية “دي وولت” في الثالث من يونيو / حزيران 1897 بأن “على هذه الصحيفة أن تكون درعاً للشعب اليهودي، وسلاحاً ضد أعداء الشعب”.

وهكذا عمل أولياء إسرائيل على تعزيز دور الإعلام قبل وبعد تأسيسها مُعتبرين هذه الوسائل الإعلامية من أهم أدوات بناء الدولة المزعومة. وقد تمّ إنشاء قبل عام 1948 إذاعة موجّهة للشعب اليهودي وأخذت تطبع 14 صحيفة بينها 4 ناطقة بالعربية مرتبطة بجهاز المخابرات الإسرائيلية.

الأنباء المُفبرَكة وصداها على العرب

لا تهدف الأنباء والأساطير المُفبرَكة اليوم إلى “مُجرّد خلق روايةٍ جديدة مُخالفة للحقيقة، بل إلى تبديد الحقيقة”. وهذا ما نلامسه مع تكرار الأكاذيب التي تتأصّل في العالم على خُطى مقولة وزير الدعاية النازية جوزيف غوبلز الشهيرة “اكذب اكذب حتى يصدقّك الناس”. ولا ريب أن العالم العربي تأثّر بتلك الأكاذيب وأساليب المبالغة لاسيما بتصوير إسرائيل على أنها “الجيش الذي لا يُقهَر”، فتقاعس مَن تقاعس.

كما وعمل الإعلام الإسرائيلي على نشر الحملات الدعائية النفسية التي عمدت إلى تثبيط الروح المعنوية والسياسية في فلسطين والعالم. وهذا ما أوجد مقاومة إعلامية مُضادّة نراها اليوم، تطوّرت حتى باتت توازي قدرة الإعلام الإسرائيلي في هذه الحرب الناعمة قبل أن تكون حرباً عسكرية حتى. وتظهر بشكلٍ جليّ أن إسرائيل التي تعيش على أكاذيب هشّة لن تصمد أمام رياح الحق العاتية.
الميادين