الأربعاء , نوفمبر 27 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

أسرار الليلة التي سقط فيها نظام صدام حسين

أسرار الليلة التي سقط فيها نظام صدام حسين

كأحجار الدومينو سقطت المدن العراقية في يد الاحتلال الأمريكي. المقاومة التي بدأت في بداية الحرب كانت تشير إلى أن شيئا ربما يحدث في هذه الحرب، لكن جاءت الأحداث لتقول بكل وضوح “لا لن يحدث أي شيء”.

بدأت الحرب على العراق في 19 مارس/ آذار 2003، وبعد أيام، وتحديدا في صباح التاسع من أبريل/ نيسان 2003، وصلت القوات الأمريكية إلى العاصمة العراقية بغداد.

سقطت بغداد دون أية مقاومة تذكر، انفرط الجيش العراقي، ودخلت القوات الأمريكية إلى قلب العاصمة وشاهد العالم كله جندي أمريكي يضع العلم الأمريكي على رأس تمثال صدام حسين، قبل إسقاط التمثال البرونزي الشاهق، الذي كان موجودا في ساحة الفردوس، وسط فرحة وتهليل مجموعة من العراقيين.

سقطت بغداد الرمز، وبعدها توالى سقوط المدن العراقية الكبرى، مع مقاومة في عدد من المناطق لكنها لم تصمد أمام الجيش الأمريكي المنظم والمدرب والمسلح بأحدث الأسلحة.

خرج الرئيس العراقي (وقتها) صدام حسين ليقول بأن خيانة تسببت في هذا السقوط السريع للعراق، وفي رسالته التي بعث بها من مخبئه فى 30 أبريل 2003 وأذاعتها القنوات الإخبارية العربية: “لم ينتصروا عليكم يا من ترفضون الاحتلال والذل ويا من في قلوبكم وعقولكم العروبة والإسلام إلا بالخيانة ووالله إنه ليس انتصارا طالما بقيت المقاومة في نفوسكم… وأصبح الآن ما كنا نقوله حقيقة، فلسنا نعيش بسلام وأمن طالما الكيان الصهيوني المسخ على أرضنا العربية، لهذا لا انفصال بين وحدة النضال العربي”.

الرسالة أكدت وقتها على أن صدام حسين حي ولم يقتل كما كان يردد وقتها، لكنه وقبل نهاية 2003 وتحديدا في 13 ديسمبر/ كانون الأول، تم القبض على صدام حسين. وظهر لأول مرة في المحكمة عام 2004، ووجهت له تهم تتعلق بغزو الكويت والهجوم على قرية الأكراد بالغاز السام، ولكنه رفض الاعتراف بالمحكمة باعتبارها محكمة “الاحتلال”.

وأدانته المحكمة في أول قضية جنائية ضده، وكانت خاصة بمجزرة قرية “الدجيل”، وحكم عليه بالإعدام، في 23 يوليو/ تموز 2006، وتم تنفيذ الحكم في 30 ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه.

هكذا عُرف مصير صدام حسين، لكن بقيت أسئلة محيرة كثيرة أهمها؛ ما الذي حدث في ليلة 9 أبريل؟ وكيف سقطت بغداد بهذه السهولة؟ وأين اختفى الجيش العراقي؟ وما هو دور صدام حسين في إدارة المعركة الأخيرة لبغداد؟

كتب الكثيرون عن تفاصيل هذه الليلة في محاولة للإجابة عن هذه الأسئلة التي أثارت حيرة الجميع خاصة وأن قرية صغيرة في الجنوب العراقي تسمى “أم القصر” قاومت الاحتلال الأمريكي بجسارة مدة أسبوعين بينما سقطت بغداد في ساعات.

ذهبت الابنة الكبرى لصدام حسين إلى نفس الرواية في لقاء حصري نشر على قناتي “العربية” والشبكة الإخبارية الأمريكية (سي. ان. ان.) مع ابنتي الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، في أغسطس 2003، إذ اتهمت فيه رغد مساعدين مقربين من والدها بخيانته ومساعدة القوات الأمريكية في الاستيلاء على بغداد.

وقالت رغد: “سقوط بغداد كان صدمة كبيرة جدا. كان واضحا للأسف أن الأشخاص الذين وضع فيهم ثقته بالمطلق كانت الخيانة الأساسية منهم. هذا تخاذل، الإنسان ممكن لا يحبك لكن لا أغدرك، الغدر ليس من شيم العرب”.

وأضافت:

“للأسف، فإن من وثق بهم والدي ووضع فيهم ثقته الكاملة واعتبرهم في صفه، كما أفهم من الجرائد هم الذين خانوه”.

لكنها لم تذكر أسماء من تعتقد أنهم خانوا والدها.

وقالت رغد إن والدها لم يتوقع استسلام بغداد أبدا، وأضافت: “لم يتوقع أبدا أبدا أي شيء. على العكس، كنت أنا أشعر بالضيق لكن عندما التقيت به استلهمت قوتي منه وشعرت أن مخاوفي أكبر مما يستحقها الواقع”.

وفي الذكرى الأولى لسقوط بغداد، قامت صحيفة “الشعب” اليومية الصينية بإجراء مقابلات مع عدد من القادة العسكرين في الجيش العراقي وقت الحرب، من بينهم اللواء الركن مزهر طه الغنام ضابط ركن في وزارة الدفاع العراقية خلال الحرب، وحاول تبرئة ساحة الجيش العراقي من الفشل في الدفاع عن بغداد وحمل القيادة السياسية (صدام حسين) المسؤولية كاملة، يقول الغنام: “لم يسمح لوزارة الدفاع ان تخطط للدفاع عن بغداد ولا أن تدير معركتها لذلك كان دور الوزارة ثانويا، وأوكلت هذه المهمة إلى الحرس الجمهوري وكان يشرف على الحرس الجمهوري ويقوده قصي نجل الرئيس السابق وهذا الرجل لم يكن عسكريا إنما هو خريج كلية القانون”.

وتابع الجنرال العراقي شهادته: “قبل اكثر من سنة من الحرب أعدت وزارة الدفاع العدة وحولت مدن العراق إلى وضع يسهل الدفاع عنه من ناحية التعبئة والإعداد على الأرض وتهيئة مواضع دفاعية متعاقبة وتوزيع أكداس العتاد ومواد تموين القتال ووضعت الخطط الدفاعية للدفاع عن جميع مدن العراق وحسبت حسابات كثيرة من ضمنها التخلي عن بعض المدن ذات الأهمية الثانوية والتركيز على الدفاع عن المواقع ذات الأهمية الاستراتيجية المهمة وحسب أهمية هذه المدن وقسم العراق إلى مناطق لتلافي حالة انقطاع الاتصالات وتم تعيين قادة لهذه المناطق ولكن مع الأسف أن القادة لم يكونوا قادة عسكريين إنما كانوا يتمتعون بصفة سياسية”.

وأوضح:

ما حصل من تناقضات في القيادة ومنع القادة العسكريين المحترفين من أداء دورهم يعود إلى أسباب أمنية لأن صدام كان يخشى من الانقلاب العسكري لذلك لم يقوموا بواجباتهم الرئيسية في الدفاع عن بغداد.

وقال “الحرس الجمهوري لم يكن له قائد وهو تشكيلة غريبة علينا كعسكريين كان للحرس الجمهوري رئيس أركان وعين قصي صدام مشرفا عليه باعتبار هو القائد وحسب معلوماتي أن رئيس الأركان لايمتلك القرار الحقيقي للتصرف بالحرس وإنما القرار الحقيقي بيد المشرف وهو رجل مدني يمتلك خبرات قليلة وفي تقديري أن الحرس الجمهوري لم تتوفر له القيادة المناسبة ولم تهيأ له الظروف المناسبة للدفاع عن بغداد ووزير الدفاع لم يكن يمتلك الصلاحيات اللازمة ولا يستطيع أن يصدر أمرا يتعارض مع توجيهات قائد المنطقة الجنوبية علي حسن المجيد أو قائد المنطقة الشمالية عزة الدوري أو غيرهم لذلك فان القادة العسكريين كانوا مقيدين ومهمشين”.

​وتابع “حسب علمي أبلغ قصي وزير الدفاع بأن الدفاع عن بغداد مهمة الحرس الجمهوري وأن وزارة الدفاع ما عليها إلا أن تكون متفرجة”.

وفي أواخر إبريل 2003 نقلت صحيفة “الوطن” العمانية رواية أخرى لما حدث في هذه الليلة، وهي رواية الدكتور قاسم سلام عضو القيادة القومية لحزب البعث (المنحل).

يحمل سلام في روايته، التي نقلتها صحيفة “دنيا الوطن”، عدد من القيادات في الجيش العراقي بالمسؤولية عن الهزيمة السريعة في العراق، وقال إنه كان من الواضح ظهور بوادر تململ في صفوف الجيش العراقي في البصرة، حيث عمد بعض كبار الضباط إلى تصرفات تهدف إلى التخلص من الفدائيين والمتطوعين العرب.

وتابع “عندما تم الإنزال الأمريكي في مطار صدام الدولي، امتنع الحرس الجمهوري عن التوجه للقتال في المطار، ما دفع الرئيس صدام حسين إلى قيادة إحدى كتائب الحرس شخصيا، مستقلا الدبابة الأولى التي هاجمت القوات الأمريكية في المطار مسنوداً بقوات المتطوعين العرب والفدائيين، حيث تمكن بهذه القوات من قتل العشرات من الجنود الأمريكيين قبل انسحابهم، رغم أن طيران الجيش امتنع عن توفير غطاء جوي له”.

وفي معركة المطار، طلب صدام حسين تغطية عمليات الكتيبة التي يقودها من قبل طيران الجيش، لكن طيران الجيش لم يحضر، ما جعل الدبابات العراقية مكشوفة، وصدام حسين مكشوفاً.. غير أن السماء وفرت الغطاء له.. إذ ثارت عاصفة رملية لم يعرف العراق مثلها من قبل وشكلت هذه العاصفة ستاراً لكتيبة الحرس الجمهوري التي يقودها صدام حسين. فإلى جانب الظلام الدامس الذي ساد في الحادية عشرة من مساء السادس من إبريل، جاءت العاصفة الرملية لتكمل انجاز مهمة ستر الكتيبة العراقية التي يقودها صدام”.

ويكمل سلام روايته “بعد هذه المعركة الفاصلة التي حسمت لصالح العراق، وبدلا من أن ترتفع المعنويات، بدأ فصل جديد من المؤامرة تمثل في ازدياد كثافة عمليات إنزال أعداد محدودة من الدبابات الأمريكية داخل مواقع متعددة داخل بغداد، وإنزال أفراد معارضة عراقية بواسطة المروحيات الأمريكية، وقد جيىء بهم من خارج العراق ليقوموا بإلقاء الورود على المحتلين ونهب المؤسسات العامة بدءا من الثامن من إبريل بهدف خلخلة الجبهة الداخلية للعراق”.

وأشار المسؤول البعثي إلى أن الجيش، وكذلك الحرس الجمهورى لم يخوضا المعركة الإستراتيجية، وقال “التلاعب بدأ في البصرة.. وقد رويت لي بعض الروايات، من قبل بعض الرفاق، تقول إنه في إحدى المواجهات التي وقعت في البصرة، كان هنالك ثلاثة من الفدائيين العرب واثنان من العراقيين هوجموا وتمت السيطرة عليهم وأسرهم من قبل القوات الأمريكية. وعندها خاطب أحد الفدائيين ضابطا في الجيش العراقي متسائلا: كيف يأسرون رفاقنا ونحن نتفرج..؟! أجابه الضابط: ما عليك..!”

وقال سلام إنه “إزاء حالة التململ التي بدأت في صفوف قادة الصف الأول في الجيش، بدأنا نشعر بوجود ثغرة في السيطرة”.

وذهب الكاتب الصحفي المصري مصطفى بكري، في كتابه “العراق: المؤامرة.. الخيانة.. الاحتلال” إلى أن أمريكا نجحت في اختراق الجيش العراقي والحرس الجمهوري بواسطة قيادات في التنظيمين، بالإضافة إلى تجنيدها لعدد من القيادات المؤثرة في العراق هذه الفترة، وهو الأمر الذي أدى إلى سقوط بغداد بهذه الطريقة.

يقول بكري في كتابه “لم يكن طريق الخيانة الذي أسقط بغداد قاصرا فقط علي العسكريين.. بل امتد ليشمل عددا من المدنيين العراقيين”.

ويضيف بكري الذي كان على علاقة قوية بصدام حسين وألتقاه أكثر من مرة في بغداد قبل الغزو الأمريكي إن الخيانة وصلت إلى القصور الرئاسية التي كان يقيم فيها صدام حسين، وقال “.. من بين هؤلاء (الخونة) موظف بالقصر الجمهوري يدعي عيسي عبدالأحد فقد كان هذا الموظف علي علاقة مع أحد الضباط العراقيين الذي تمكن من الهرب من العراق في شهر يوليو عام 2002”.

ويتابع بكري في كتابه “.. كان هذا الموظف يعمل في قصور الرضوانية، وكان الضابط صاحب العلاقة الخاصة به برتبة عميد، ويدعي ماجد، حيث تمكن من الحصول علي جواز سفر مزور دفع فيه مبلع 5 ملايين دينار عراقي، حيث سجل أمام خانة الوظيفة في الجواز المزور مهنة “تاجر” الأمر الذي مكنه من الهرب إلي الأردن. كانت وسيلة الاتصال بين الموظف العامل بالقصر الجمهوري، والضابط الهارب سائق أردني يعمل علي الخط العراقي الأردني، حيث تمكن العميد الهارب من إغرائه بالمال، وتجنيده، وكانت مهمته استلام المعلومات من الموظف عيسي عبدالأحد حول تحركات صدام حسين داخل القصور، والغرف التي يستخدمها، وتوصيلها إلي العميد ماجد”.