متوالية أزمات السوريين والبصمة الأميركية السوداء.. وقائع في عين العاصفة
بدأت فعلياً النتائج القاسية لإجراءات الحرب الاقتصاديّة الأميركية والأوروبيّة المعلنة ضدّ الدّولة السورية بكل مكوناتها ومؤسساتها ومواطنيها.
وبعيداً عن الطرح الإعلامي أو الخطاب السياسي الذي اعتدنا تلقفة بإيحاءات تعبوية- وهذا طبيعي بسبب استهدافنا المزمن و الخطاب الذي استدعاه ذلك وهو مزمن أيضاً- إلّا أننا هذه المرة نبدو جميعاً كسورية الدولة الوطنية في مرمى استهداف قذر جديد، تدور محاوره حول إبقاء مشاهد الدمار و آثار الحرب ماثلة، عبر منع حركة عجلة الإعمار و بتر الأيدي التي تدخل هذا المضمار، ونسف البنية التحتيّة لقطاع الطاقة من نفط وكهرباء كشريان حياة لسورية والسوريين.
محاور ليست من نتاج مخيلة محلل سياسي أو اقتصادي، ولا نبوءات من النوع الذي يزداد غزارة في زمن الأزمات، بل هي معلومات ووقائع ، حمل مقدماتها لنا ” قانون سيزر” أو قانون قيصر الذي أقرّه وصوّت عليه الكونغرس الأميركي بالإجماع مع بدايات هذا العام، كمقدّمة لإقراره على مجلس الشيوخ، ثم ليعرض على التوقيع من قبل ترامب “الهائج”.
وكان قطاع الطاقة بكل مكوناته النفطيّة والكهربائيّة موضع “اهتمام غير قليل” في حيثيات “مشروع سيزر”، فقد توعّد الأميركي أيضاً كل دولة أو شخص يقدم دعماً لقطاع الطاقة السوري، لإبقاء سورية تتخبّط في ظلام دامس، والتسبب بشلل كامل في الحراك الاقتصادي والتنموي على اعتبار قطاع الطاقة هو الوقود التنموي المباشر، و أكسير الحياة في هذا البلد كما في أي بلد آخر..فبعد الغاز والمازوت نقف اليوم لنعاين اختناقات البنزين، لنتأكد من أن جرعات التأزيم تدار بشكل حاذق من الخارج، فالغاز والمازوت كانا ورقة الضغط في أشهر البرد، واليوم مع الاعتدال الربيعي، تتحول الورقة الفاعلة إلى مادة البنزين، فالربيع والصيف فصلي الحركة والسياحة في هذا البلد.
وقد شهدنا مقدمات مباشرة – قبل إقرار مشروع القانون في الكونغرس – ومنذ 15 / 10 / 2018، إجراءات حصار أمريكي مباشر على إمدادات النفط والغاز إلى سورية، تحت طائلة التهديد بقصف أي سفينة تدخل المياه الإقليميّة السورية، وحصلت مشكلة الاختناقات التي ظهرت في قطاعي الغاز والكهرباء بشكل مفاجئ.
ولم يغفل مشروع القرار لحظ حصار المؤسسة السورية للطيران بشكل مباشر، ونصّ على معاقبة كل من يقدم أي شكل من أشكال الدعم لمؤسسة الطيران السورية.
وهذا يعني أن ثمة تشديد للحصار الجوي على سورية، يتطلب إعاقة حراك ” الناقل الوطني” كي تكون إجراءات منع وصول شركات الطيران العالميّة إلى سورية فاعلة ومؤثّرة فعلاً.
والحصار البنكي كان له وقعه الشديد، بما أن الحوالات والتعاملات المالية مع العالم الخارجي هي الشريان أو ” الحبل السرّي” الذي يغذّي أي بلد بنسغ الحياة الحقيقي.
بالفعل تبدو سوريّة الدولة الوطنيّة بكل مكوناتها كدولة، محور مباشر في قوام بنك الاستهداف الأميركي الجديد.. وهاهي نذر حرب أخرى بدأت لكنها غير عسكريّة هذه المرّة بل اقتصادية اجتماعيّة تتصل بكل تفاصيل حياة المواطن السوري.
باتت كل مؤسسات الدولة السورية، مستهدفة بشكل مباشر حالياً بما في ذلك المواطن العربي السوري المستهدف حالياً بالدرجة الأولى ، وعلى كل هذه المؤسسات – مؤسسات الدولة السورية – الاستعداد لمرحلة مواجهة جديدة وصمود جديد، لأن الحرب جولات ويبدو أننا في خضم جولة صعبة، لكن الصمود دوماً كان العلامة الفارقة التي ميّزت الشعب السوري الأبي.
نهى علي – الخبير السوري