صبراً جميلاً.. كلنا شركاء في الوجع
نحن متساوون، لسنا شعباً وحكومة، لسنا مفصولين، سورية ليست مزرعة ونحن لسنا في غابة،الحكومة ليست ذئباً والدولة ليست جلاداً،حيطان منازلنا تعبت من نعوات الأموات، شوارع مدننا تعبت من الشتائم ودعوات الانتقام، دعونا لا نعيد تعليق نعوات الأحياء، دعونا نحلم بسورية التي كانت تنعم بالسلام قبل ثماني سنوات من الآن، ونحلم باقتصاد يتمتع بصحة جيدة ومعه سوريا تتجه لتكون بخير وتأخذ موقعها الذي تستحق..
لسنا بالقريبين ولا البعيدين، مازلنا نمشي ولم نصل بعد، جميعنا بكينا الوطن،جميعنا خسرنا،جميعنا أخطأنا، البعض أخطأ ولو بسوء الظن وسوء التقدير وسوء اتخاذ القرار أو توجيه الاتهام والتخوين، جميعنا عشنا الجحيم وتشاركناه وعرفنا معناه، جميعنا فقدنا أحبّة،جميعنا قَتَلَتْنا الحاجة وتقتُلنا، جميعنا تعصُرنا غُربة الغلاء والمعيشة، جميعنا تجتاحنا الشكوك، الأخ يشكك بأخيه والابن بأبيه، عباءة ابن عربي لم تعد تتسع لمريديه، “زينب” بنت الرسول انضمّت لحفلات اللطم مع زوّارها، حال شقيقتها رقيّة ليس بأفضل منها، جامع بني أمية الكبير يستند على يديه وقدميه كي يستجيب لتضرّع القادمين من كل حدب وصوب، مقام الخضر ينحني أمام زوّاره من بني معروف والمطالبين بسرعة الندهة والنجدة وقولة “آمين”، هذه هي الصورة، وهذا هو حال البلد، كلنا حجّاج نطلب سدّ الحاجة،كلّ ُإلى مزاره وكل إلى يقينه وإيمانه ومعتقده.
ساذج من يعتقد أن الأشخاص غير المناسبين سيتوقفون عن الحصول على المناصب العليا،وأن أصحاب الامتيازات سيختفون فجأة من على الواجهة، وأن عملية اتخاذ القرار لن يتم تشويهها بعد الآن بطريقة أو بأخرى أو أنه لن يتم تجاوزها، وأن السياسات لن تضل السبيل في طريقها إلى التنفيذ وأن الحكومة لن ترتبك بعد الآن أمام ضغط الحصار والعقوبات،وأننا نحن الفقراء لن نحتجّ على الدائرة التي مازالت تضيق وتضيق لتطال أعناقنا، ولكن ! وسط كل هذا الضجيج والصخب، وسط العقوبات والحصار، هل نتوقف عن الحركة والعمل؟ مدنيون وعسكريون وموظفون ومسؤولون إدارة وحكومة؟ لا سبيل إلى تجنّب الإساءة إلا بالتوقف وعدم الحركة، فهل نتوقف عن الحركة؟
تقوم فلسفة الطاقة على مبدأ أن”كل شيء يتحرك يولّد طاقة”، والذي لا يتحرك يمتصّ الطاقة، هنا بالضبط تكمن حرب سورية الحقيقية مع عديمي الحركة في البلد، هؤلاء الذين ينسون كل التجارب الناجحة ويقفون عند تصيّد الأخطاء والعثرات،هناك كوابيس مازالت عالقة في الدرب، اقتصادية وسياسية واجتماعية، نعم، هذا صحيح، لكن، دعونا لمرة واحدة نُحسِن الظن ونثق بالقدر وبحسن التقدير والتدبير،إنه طلبُ كبير وخيار صعب،لكنه الخيار الوحيد كي ننجو، كي ننجو نحنا لشركاء المُشار إليهم أعلاه في الجحيم.. فصبراً جميلاً..
سهام اسكندر – الخبير السوري