نارام سرجون:تثبيت الخرائط وبتر الخرائط .. وأسنان الامم
لم أكترث بأي خريطة تنشرها إسرائيل وتضم الجولان السوري لانني لاأعترف بسنتميتر واحد من اسرائيل نفسها فلايهمني كل ماتضيفه او تنقصه .. وأنا عموما لاأحترم خريطة يصدرها العدو او تباع وتشترى .. وهي لاتعنيني طالما ان الخريطة تشبه الكائنات زهي التي تحددها الارادات .. و ارادتي فوق كل الارادات ..
وماينشره البيت الأبيض من خرائط وهدايا مجانية من مسروقات هي خرائطه وخلائطه وخرابطه وليست خرائطي .. ولكن الخريطة التي تستفزني جدا هي الخريطة التي تنشرها مواقع سورية او صديقة او مؤسسات في سورية عامة او خاصة وتغفل – عن جهل او عمد – لواء اسكندرون وهي تقتطعه من زاوية سورية الغربية وتبتره وكأنها تعترف به كقطعة تركية .. وهذا لم يعد مقبولا ان ينظر اليه على انه جهل بالخرائط بل انه يجب ان ينظر اليه على انه خط اخواني مواز في الدولة يمثل ميلا اخوانيا للخريطة التركية وموالاة لتركيا في أطماعها العثمانية .. وتسبب هذا الإهمال لموضوع الخرائط ان محطات فضائية موالية لسورية تنشر تلك الخرائط من دون لواء اسكندرون دون ان يثير هذا حفيظة الاعلام السوري او الجهات التي تتخاطب مع هذه المحطات ..
الرسالة التي يجب ان يدركها كل من يضع خارطة لسورية ان اقتطاع لواء اسكندرون اليوم من الخريطة يعني ان ماسيلحقه هو الجولان الذي بدأت منشورات الولايات المتحدة تلحقه باسرائيل .. وستنتشر الخريطة ان عاجلا او آجلا من خلال قوة ماكينة النشر والاعلام في اميريكا وملحقاتها في اوروبة .. ولاشك ان بلدان النفط العربي ستشارك في عملية تمويل الخرائط الجديدة في الظلام .. واذا نشأ جيل من السوريين لايعرف الخريطة الحقيقية لبلاده لأن لها عدة خرائط (تركية وإسرائيلية وامريكية وسورية ) فانه لايقدر ان يعيد أي جزء فقد من الخريطة لأنه سيظن انه ربما يعتدي على تركيا او القانون الدولي اذا رسم خريطة لسورية مع لواء اسكندرون وغيره لأنه يتوهم ان الجزء المبتور هو جزء تركي او غير سوري .. ان إعادة هذا الجزء الى عقله سيكون أصعب كثيرا من اعادته الى الخريطة .. الخريطة التي في العقل هي التي تترجم على الأرض .. ويجب ان تكون الخارطة الكاملة جزءا من التأثير النفسي الذي يمارس يوميا لأن العين التي تعتاد الخريطة الناقصة قد تتسبب في تحويل الانفعال والارتكاس الى حال من الهمود والشعور والتسليم بالواقع ..
لايكفي ان تكون الكتب المدرسية مسؤولة عن الخرائط لأن عالم الانترنت اليوم ينشر خرائطه أيضا .. ولو كانت المدارس هي التي تتولى عملية تعليم المجتمع لما كان هناك دوما انشقاقات وتصدعات في المجتمع .. فالمجتمع كله يدرس في نفس المدارس هو الذي انتج الثورجيين الذين كانوا يتتلمذون على يد الائمة والكتب والمدارس الدينية الوهابية في نفس الوقت الذي كانوا يذهبون فيه الى المدرسة وفي لحظة غفلة اجتاحوا المدارس وحولوها الى مراكز تفخيخ الانتحاريين بعد ان كان جميع التلاميذ يرددون كل صباح (أمة عربية واحدة .. ذات رسالة خالدة) .. فوصلوا الى مشروع اعادة احياء خلافة بني عثمان بدل العروبة .. وبعضهم صار يريد دوريات الامر بالمعروف بدل الاشتراكية والحرية ..
ولكن كما تنتشر الأعلام الوطنية في شوارع أي عاصمة في العالم فان الخريطة لايجب ان تتغير وتكون مقدسة بصرامة كما العلم .. وكما كانت الاعلام الوطنية ذات النجمتين الخضراوين الى جانب صور الرئيس في الطرقات أثناء الحرب وفي كل مكان قرارا واستفتاء وجوابا شعبيا عارما لاثبات الانتماء لقرار السيادة الوطنية وإرادة الشعب السوري وحقه المصان في حصر منصب الرئيس بإرادة الشعب السوري الذي يمثل رأس الدولة الذي أراد الغرب ازاحته بالقوة وتغيير العلم بالقوة .. فان الخرائط السورية الحقيقية يجب ان تكون معتمدة بكل أجزائها دون نقصان لأن السيادة الوطنية تتمثل بالعلم وبالخريطة التي لاينقص منها أي جزء .. والقبول ببتر جزء منها يعادل القبول بقرار أوباما والناتو القاضي بتغيير لون العلم وشكله وسلخ رئيس الدولة عن الدولة في خارطة “الأيام المعدودات” الشهيرة التي قرر فيها الغرب تغيير العلم وتغيير رأس الدولة ومنح سلطة تعيين الرئيس لدولة أخرى .. تماما كما سلخ لواء اسكندرون ومنح لدولة أخرى في أيام معدودات ..
يجب ان تكون هناك عملية تعميم لخريطة واحدة معتمدة في كل مؤسسات الدولة العامة والخاصة وتراقب في كل الشوارع والاعلانات والمحطات والفضائيات الصديقة وان تكون هناك غرامات تفرض على كل اعلان او منشور في الشوارع السورية والمؤسسات يشير الى خريطة ناقصة لسورية .. وان يتم لفت نظر المحطات الصديقة الى ضرورة اجراء هذا التصحيح الحيوي .. ولنتعلم من خطأ اسقاط جزء كيليكية من المناهج الرسمية والخرائط المتداولة في سورية عبر عقود مما خلق جيلا لايعرف ان كيليكية هي جزء من سورية كما هي ادلب .. التي قد تقرر جهة ما نشر خريطة سورية من دون لوائها وادلبها .. وطبعا سيوافق الاخوان المسلمون على مثل هذه الخرائط واعتبارها جزءا من الدولة العثمانية ..
ولنتعلم من الإسرائيلي الذي احتفظ بخريطة الأرض بين الفرات والنيل في كل أدبياته وتعاليمه لأبنائه ولايقبل أي تغيير عليها تحت اي ظرف او مفاوضات حتى باتت لهذه الخرائط أسنان .. فقضم بأسنان تلك الخرائط فلسطين عام 48 ثم فلسطين 67 والجولان .. وهو قضم سيناء التي لاتزال بين اسنانه طالما انه يمسكها بأسنان كامب ديفيد التي لم تتركها ..
وكذلك فان اسنان تركيا قضمت لواء اسكندرون وكانت ذات الاسنان تريد قضم حلب وادلب والموصل وسوريا والعراق وكل الشرق .. وقضم الجامع الاموي والحاقه بـ (أياصوفيا) ..
لاشيء يكسر اسنان الدول الطامعة الا ان نكسر خرائطها .. ولاشيء يجعل أسنان الامم تنهش خرائطنا الا اننا نسقكها من خرائطنا قطعة قطعة .. كما فعل بعضنا مع فلسطين .. وكيليكية .. ولواء اسكندرون ..