الغرب يصمت وأمريكا تنفّذ.. الإرهاب الاقتصادي يتفاقم
يجتاح الإرهاب بمختلف أشكاله شرقنا الأوسط تحت ذرائع مختلفة وبتغذية متعمّدة من جهات دولية لإبقاء هذا الشرق على ما هو عليه ومنعه من السير في ركب التطوّر والتقدم ليبقى منفذاً لتفريغ بضائع الغرب وسياساتهم، وأطماعهم، وقدرتهم على تأمين أفضل رفاهية ممكنة على حساب شعوب هذه المنطقة وغيرها من دول العالم، ومن ثم يأتي هذا الغرب نفسه ليطرح مفاهيم معيّنة ويصدّرها لنا عبر بروباغندا محكمة ويخبرنا بأننا نعاني من مشكلات اجتماعية واقتصادية وثقافية جمّة وعليه أن يأتي لكي يحلّها لنا، ولكنه يأتي بشكل مفاجئ دون أن يخبرنا لكي نكون عند “حسن الضيافة”، إذ يأتي الغرب على ظهر الدبابات والطائرات المحمّلة بالصواريخ لكي يعلّمنا “الديمقراطية” ومن على ظهر الدبابة يطالبنا بـ”الحوار” وعلى يبدو أن الكلمة الأخيرة ليست في قاموسه فيطالب بـ”التفاوض” وعندما يعجز يبدأ حرباً جديدة عبر بوابة “الاقتصاد” لتجويع شعوب المنطقة وإرضاخها عبر إخضاعها تحت وطأة “الإرهاب الاقتصادي”.
الغرب يصمت وأمريكا تنفّذ
العنوان الآنف الذكر يلخص طبيعة المرحلة التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط منذ عدة عقود، فبعد أن ضعف تأثير الدول الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، بدأت أمريكا ترث تركة الغرب وتمارس سياسته الاستعمارية السابقة ولكن بأشكال مختلفة و”الإرهاب الاقتصادي” أحدث أشكال هذه السياسة.
لماذا الإرهاب الاقتصادي وعلى من تمارسه واشنطن؟
تمارس أمريكا في هذه المرحلة “إرهاباً اقتصادياً دولياً غير منظّم” على جميع الدول التي تسير خلفها أو تقبل وصايتها، وتلجأ واشنطن إلى هذا النوع من الإرهاب عندما تجد أن الفتن التي أتقنت صنعها في كواليسها لم تجدِ نفعاً مع هذه الدولة أو تلك أو مثلاً اختبرت الحل العسكري وفشلت به “العراق مثال حي على ذلك” أو وجدت أنها عاجزة عن الحصول على ما تريد عبر “الحل العسكري” فتمارس إرهابها الاقتصادي كما تمارسه حالياً على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وغايتها واضحة من ذلك.
أمريكا وبعد أن فشلت سياسياً وعسكرياً في منطقة الشرق الأوسط بدأت تنتقم من الدول التي قاومتها عبر فرض عقوبات اقتصادية على شعوبها وتعطيل برامج ومشاريع التنمية الاقتصادية وتدمير البنى التحتية في الدول والمجتمعات الإنسانية بهدف إبقاء تلك الدول والمجتمعات متخلّفة في إدارة شؤونها الاقتصادية كي لا تتمكن من الانعتاق والتحرّر وتحقيق الاستقلال الاقتصادي الذي يؤدي إلى التحرّر والانعتاق الاجتماعي والاستقلال السياسي الفعلي.
لبنان – سوريا – العراق – اليمن – إيران، جميع هذه الدول قاومت السياسة الأمريكية الرامية إلى تفتيت مجتمعات هذه الدول وإضعافها، ولم ينجح افتعال الأزمات الإقليمية مع هذه الدول على الرغم من زجّ عشرات المجموعات الإرهابية في هذه الدول وتمكّنت هذه الدول بفضل تضافر جهود جيوشها إلى جانب تكاتف شعوب هذه الدول وتلاحمها إلى إحباط جميع المخططات الأمريكية، وها هي سوريا تستعيد عافيتها وكذلك العراق بعد أن تمكّنت هاتين الدولتين من دحر الإرهاب وكان لإيران فضل كبير في إنهاء الإرهاب من هذه الدول ولذلك عمدت واشنطن إلى أذيتها وفرض عقوبات عليها لتأليب الرأي العام الإيراني ضد الحكومة التي تساند شعوب المنطقة، وعلى الرغم من أن ايران لم تخرق أي معاهدة دولية ومنها الاتفاق النووي على عكس أمريكا التي خرجت منه واتخذت خطوة أحادية الجانب إلا أن صمت الغرب ووقوفهم على الحياد دفع واشنطن للتمادي في فرض العقوبات الاقتصادية على الشعب الإيراني.
وفي هذا الإطار حذّر وزير الدفاع الإيراني العميد أمير حاتمي، الغرب من سياسات ترامب ونهجه القائم على العنصرية والعنجهية والظلم والتطرف؛ قائلاً: ان استمرار هذه المواقف من شأنه أن يعرّض العالم إلى صراعات لا تحمد عقباها، وتابع: لقد حان الوقت للحؤول دون ظهور “هتلر” آخر على الساحة الدولية.
كما أشار العميد حاتمي إلى فشل سياسات أمريكا على مدى ثلاثة عقود في توظيف الجماعات الإرهابية وداعش لتنفيذ أجنداتها، مبيناً أن هؤلاء أرغموا على الإعلان عن نهاية داعش، غير أن الظلم والاستكبار والاستبداد والاحتلال والتطرّف والإرهاب لايزال قائماً.
وقال العميد حاتمي: إن الجمهورية الإسلامية الايرانية تؤكد على ضرورة حل القضايا والمشكلات الإقليمية عبر الحوار، مردفاً إن إيران تسعى انطلاقاً من مبادئها الأمنية وسياساتها الخارجية لتعزيز علاقاتها مع دول الجوار كافة.
من جانبه اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الإرهاب الاقتصادي الذي تمارسه أمريكا بأنه مؤشر لهلعهم ويأسهم، مؤكداً بان إيران لا تصوغ توجهاتها وفقاً لتوصيات الأجانب.
الإرهاب الاقتصادي طال تركيا أيضاً على اعتبار أنها لم تقف في الخندق الأمريكي في الكثير من المناسبات والمواقف وهذا ما دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للقول، “عقدنا العزم على إنهاء الإرهاب الاقتصادي بقدر ما أبدينا تصميماً في القضاء على الإرهاب المسلّح”.
في الختام.. الإرهاب الاقتصادي يشكّل مخاطر أكبر بكثير من مخاطر الإرهاب العسكري لأنه لا يستهدف الجيوش وإنما يستهدف شعوب الدول التي يستهدفها هذا الإرهاب، وما تفعله أمريكا اليوم لا يعدو كونه محاولة مستميتة لتحقيق مكسب وانتصار سياسي واقتصادي أمام الرأي العام العالمي والأمريكي وإظهار نفسه بموقع القوة كما تعوّدت أن تسوّق لنفسها، إلا أن هذه الغيمة السوداء ستزول عاجلاً أم آجلاً وستعلم واشنطن أن عقوباتها سترتد عليها وعلى جميع الدول التي وقفت إلى جانبها ومن تحمل كل هذه الضغوط العالمية للرضوخ للإرادة الأمريكية عبر العسكر والسياسة سيتمكن من تجاوز هذه المرحلة والأصعب منها.
الوقت