هل يُصبح الجِنرال سليماني رئيسًا قادِمًا لإيران خلفًا لروحاني؟
تدفع سِياسات الرئيس دونالد ترامب وحِصاراته في المِنطقة الشّرق أوسطيّة، بل والعالم الإسلاميّ بأسره إلى تصاعُد التطرّف، وتقتل مسيرة الاعتِدال فيه، ونتّفق مع تقرير نشرته صحيفة “الفايننشال تايمز” البريطانيّة قالت فيه إنّ هذه السّياسات قد تجعل من الجِنرال قاسم سليماني، رئيس فيلق القدس في الحرس الثوري، الرجل القويّ في إيران، وتدفع به إلى سُدّة الرئاسة خلفًا للرئيس الحاليّ حسن روحاني.
فعندما تتضخّم قائمة الإرهاب الأمريكيّة بحيث باتت تضُم مُعظم الجماعات والمُنظّمات والشخصيّات العربيّة والإسلاميّة، ابتداءً من “حزب الله” و”حركة حماس″، ومُرورًا بالحرس الثوريّ الإيرانيّ، وانتهاءً بجماعة “الإخوان المسلمين” التي يُمكن أن تكون قريبًا الإضافة الأحدث، فإنّ هذا التوجّه يُشكّل وصفةً ملغومةً تقتُل الاعتدال، وإفساح المجال أمام التطرّف والعُنف، لأنّ كُل من يُعارض السّياسات العنصريّة الإسرائيليّة ويُساند تطبيق القرارات الدوليّة بات ضيفًا أصيلًا على هذه القائمة.
العُقوبات الاقتصاديّة التي دخلت مرحلتها الثّانية والأخطر ضِد إيران يوم الخميس، وتهدِف إلى منعٍ كاملٍ لتصدير النّفط الإيرانيّ، همّشت دور الرئيس الروحاني، ووزير خارجيّته محمد جواد ظريف اللذين يُعتبران على قمّة سلّم المُعتدلين لمصلحة صُعود الجنرال سليماني، ورئيسه حسين سليماني، الذي جرى تعيينه قبل أسبوعين رئيسًا للحرس الثوري لقيادة المرحلة الحاليّة التي تتزايد فيها احتمالات المُواجهة العسكريّة الأمريكيّة الإيرانيّة.
لا نُجادل مُطلقًا في أنّ شعبيّة الجِنرال سليماني في صُعود بسبب فشل رِهان الجناح الإيراني المُعتدل بزعامة الرئيس روحاني في رفع الحِصار من خلال المُفاوضات مع الدول العظمى السّت للتوصّل إلى اتّفاق نووي، ولكن من يعرف الخريطة القياديّة الإيرانيّة والاعتِبارات الداخليّة التي تتحكّم في رسمها، يُدرك جيّدًا أنّه من الصّعب ترشيح هذه الشخصيّة أو تلك للمناصب العُليا، بسبب تعقيدات هيكليّة المُؤسّسة الدينيّة والسياسيّة الحاكِمة في طِهران.
الجنرال سليماني الذي يقود العمليّات السياسيّة والعسكريّة الخارجيّة للدولة الإيرانيّة حقّق “إنجازات” كبيرة في نظر قيادته، والمُرشد الأعلى السيّد علي خامنئي على وجه التّحديد، في لبنان والعِراق وسورية واليمن، وربّما يتضخّم دوره في ظِل التوتّر الأمريكيّ الإيرانيّ الحاليّ مع بِدء المرحلة الثّانية من العُقوبات، وهي إنجازات تُرشّحه لاختصار عتَبات الصّعود إلى القمّة بسُرعةٍ قياسيّةٍ، ولكن كلمة المرشد الأعلى أو من يخلفه، ستكون كلمة الفَصل في هذا المِضمار.
كان لافتًا أن الجنرال سليماني كان الوحيد الذي حضر اللّقاء التاريخي بين الرئيس بشار الأسد والسيّد خامنئي أثناء زيارته الخاطِفة لطهران قبل شهر، الأمر الذي أثار حساسيّةً لدى السيّد ظريف، وزير الخارجيّة، الذي لم يعلم بهذه الزّيارة إلا بعد عودة الرئيس السوري الضّيف إلى دِمشق، الأمر الذي دفعه إلى تقديم استقالته من منصبه، ممّا عكس عُمق العُلاقة بين الجِنرال سليماني والمُرشد الأعلى والثّقة التي يتمتّع بها.
ربّما لا تَصدُق نبوءة صحيفة “الفايننشال تايمز” والسيدة رولا خلف، نائبة رئيس تحريرها، ويُصبح الجنرال سليماني رئيسًا لإيران، ولكن الأمر المُؤكّد أن توقّعها بأن يُصبح صانِع مُلوك بسبب نُفوذه وقُوّته، هو الأكثر ترجيحًا.
نُضيف عُنصرًا أو زاوية جديدة، ونختِم فيها هذه الافتتاحيّة، وهي أنّه إذا صدقت هذه النّبوءة، فإنّ الفضل في جعل الجنرال سليماني وربّما غيره في المِنطقة في الأشهر والسّنوات المُقبلة، كصنّاع مُلوك، أو كزُعماء دول مُتطرّفين أو مُتشدّدين، هو الرئيس ترامب وسياساته، ومن حقّنا عليه أيّ الرئيس الأمريكيّ أن نحتفظ له بحُقوق الملكيّة الفكريّة أو الاختراع.
“رأي اليوم”