الأربعاء , ديسمبر 4 2024
شام تايمز

Notice: Trying to get property 'post_excerpt' of non-object in /home/shaamtimes/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

هل تنفع الحرب الاقتصادية بإخضاع سوريا

شام تايمز

هل تنفع الحرب الاقتصادية بإخضاع سوريا

شام تايمز

محمود عبد الحكيم

شام تايمز

أهوَ العَبَث، أمْ ما يشبه العَبَث، أمْ هو الإصرار على لعب كافة الأوراق الخاسِرة في الحرب الكونية على سوريا التي جعلت أوراق التين تسقط عن عورات غربان العرب الذين غاصوا حتى النخاع في التآمر ليس على سوريا وشعبها فقط بل على الأمّة العربية بكاملها وعروبتها وهويتها وثقافتها وحضارتها التي تمتد لآلاف السنين .

لقد أثبتت السنوات الثماني الماضية من عُمر الحرب الكونية على سوريا أن سوريا عصيّة على السقوط، وأنها صامِدة بقيادتها وجيشها وشعبها الذي أسقط المؤامرة واستطاع أن ينتصر على قوى الإرهاب ، ودَحْر المخطّطات والمؤامرات التي حيكت من الإدارة الأميركية التي كانت تُدير اللعبة مع بقية الدول الاستعمارية في العالم ، ومساعدة الدول الحليفة معها والتي تآمرت بتوفير المال والسلاح للعصابات والفصائل الإرهابية التي جيء بها من أصقاع الأرض.
بعد سقوط فصول المؤامرة العسكرية خلال السنوات الماضية ، ودَحْر سوريا لكل الفصائل الإرهابية عن أراضيها ، لم تتوان الإدارة الأميركية عن الظهور علانية بعد أن كانت تُدير الحرب بشكلٍ يبدو “أنه خفيّ للرأي العام لكنه واضح وضوح الشمس لسوريا وشعبها وقيادتها التي أدركت حجم التآمر الكبير عليها ، والذي استهدف كل شيء في هذا البلد الجميل حيث لم يسلم البشر ولا الحجر من تلك الحرب الكونية الدنيئة ، وعلى الرغم من مئات آلاف الشهداء الذين قدَّمتهم سوريا في حربها الطاحِنة مع القوى الظلامية الإرهابية ، وعلى الرغم من التدمير الكبير الذي نال الكثير من الأحياء والمدن والبلدات والقرى السورية ، إلا أن إصرار الشعب والقيادة على الانتصار كان أكبر من كل ذلك التآمُر، وأكبر من كل تلك الخسائر البشرية والمادية التي دفعتها سوريا ثمناً لمواقفها الصامِدة والثابِتة في تاريخ سوريا الحديثة .
وبعد كل ذلك فإن الإدارة الأميركية تبدو ماضية في حربها البشعة التي تحوّلت من دعم الإرهاب والإرهابيين إلى ممارسة الحصار الاقتصادي على الشعب السوري ، ولعلّ شتاء هذا العام كان قاسياً بسبب الحصار الذي مارسته الإدارة الأميركية على سوريا ، وكانت هناك أزمات في توفير المازوت والغاز وأخيراً أزمة البنزين ، حيث شهدت معظم محطّات توزيع الوقود ازدحاماً غير مسبوق في تاريخ سوريا على البنزين ، وعلى الرغم من إتباع الدولة إجراءات لتوفير هذه المادة إلا أن الأزمة كانت تُهيمن على الشارع السوري، وأصيب المواطن بضغوطاتٍ استطاع أن يسيطر عليها بأسلوبه الذي اعتاده خلال السنوات الماضية ، فمَن صَبَر على الإرهاب والقوى الإرهابية التي كانت تعيث فساداً خلال السنوات الماضية ، قادر على أن يصبر أمام تلك الضغوطات الاقتصادية التي تتعرَّض لها بلدنا في هذه الأيام ، ولذلك فإننا لاحظنا أن معظم السوريين قد أخذوا المسألة بروح النكتة ، وبعضهم مَن اعتبر الوقوف لعدّة ساعات بانتظار الدور على محطّات الوقود كنوعٍ من النزهة ، وبعضهم مَن حمل أركيلته معه ، ووسائل التسلية كالبزورات وغيرها كي يخفِّف من عبء تلك الأزمة التي أرخَت بثقلها على الشارع السوري .
وعلى الرغم من بعض التصريحات التي صدرت عن الجهات المعنية بتراجُع أزمة البنزين وانحسار تلك الطوابير الطويلة التي تنتظر دورها في محطات الوقود ، إلا أن العنوان الأبرز الذي يمكن أن تصوغه تلك الحال هو أن الشعب السوري شعب جبَّار وقوي، لأنه في أحلك الأوقات يستطيع أن يحوِّل تلك الأزمات إلى حالات غير مسبوقة ، كيف لا وهو الشعب ذاته الذي استطاع أن يصمد أمام الحصار الذي تعرَّض له في ثمانينات القرن الماضي ، والذي استهدف صمود الشعب السوري ، ومع كل ذلك استطاع أن يخرج منتصراً مع جيشه وقيادته في الثمانينات ، وها هو التاريخ اليوم يُعيد ذاته ليثبت الشعب السوري أنه لم يتغيَّر ويستطيع الصمود والمواجهة وتحويل فرح الأعداء إلى ابتسامة صفراء ، لأنه باختصار استطاع أن يهزم أعداء سوريا عسكرياً بفضل القيادة والجيش السوري أولاً ، وهو سيهزمها بإفشال الحصار الاقتصادي الذي يحاول النَيْل من الشعب السوري المُستهدَف أولاً وأخيراً .
فشل الإدارة الأميركوصهيونية في إدارة الحرب على سوريا وإخضاعها يجعلها تستمر بتنفيذ سيناريوهات الحصار الاقتصادي ، ويبدو أن تلك الإدارة غبيّة لا تعرف سوريا وشعبها وقيادتها ، وأنها لم تجرّبها في ثمانينات القرن الماضي ، ولذلك يبدو ما تفعله الآن هو نوع من العَبَث وكمَن يدقّ الماء وهو ماء على أمل أن تتغيّر النتائج التي تتوقّعها من تلك الإجراءات ..
إنه عَبَث وغباء ليس الإدارة الأميركية بل الغباء الأكبر يكمُن في رأس رئيس البيت البيضاوي الذي يتخبّط كل يوم بقرارات عبثيّة لا طائل منها ، فالنتائج محسومة ومَن لم يستطع أن يأخذ أيّ شيء بالحرب لن يستطيع أن يأخذ أية نتيجة بالسياسة أو بالحصار فهل مَن مُتَّعِظ..؟
الميادين

شام تايمز
شام تايمز