حدود الحرب على إيران
عباس ضاهر
عندما زار وزير الخارجية الأميركية مارك بومبيو العراق، كان الهدف المُعلن للزيارة هو تحذير الجمهورية الاسلامية الايرانية أو حلفائها من اي تعرّض للقوات الأميركية المتواجدة في العراق وسوريا، وخصوصاً في الخاصرة الرخوة منطقة التنف الحدودية بين البلدين المذكورين. لأن اولوية البيت الابيض هي سلامة الجنود الأميركيين، وعدم المس بمصالح الولايات المتحدة النفطية والعسكرية والإقتصادية، أو هز الهيبة الأميركية ما بين العراق وسوريا، بإعتبار ان قواعد الإشتباك التي حددها الرئيس الأميركي دونالد ترامب تقوم على أساس عدم دخول الولايات المتحدة كطرف مباشر بالحرب ضد إيران وحلفائها.
إذا يمكن الإستخلاص ببساطة أن واشنطن لا تريد الحرب بطرقها العسكرية، بل تهدف الى تحقيق تسويات عبر ضغوط تمارسها بكل الوسائل غير الحربية. وجاء تصريح الرئيس الأميركي معبّراً وكافياً: إنّ إقدام ايران على أي خطوة سيكون خطأ فادحاً. فهو لم يشر الى حرب ولا مواجهة، وما لم يقله ترامب قاله المبعوث الأميركي لشؤون إيران، براين هوك، في وقت سابق: إن إدارة الرئيس الأميركي غير قلقة من احتمال حرب مع إيران، وتريد صفقة جديدة معها، مشيراً إلى أن الإجراءات الأميركية هي مجرد رد على “العدوان الإيراني”. اتت تصرفات ترامب تترجم كلامه، بدليل مبادرته الى الإتصال بالسويسريين عبر إجراء بروباغندا فتح القنوات المُعلنة بينه وبين طهران. لكن يريد من الإيرانيين الإقدام على التواصل معه، للإيحاء بحاجتهم لتنفيذ صفقة مع واشنطن. هي جزء من الحرب الاعلامية عبر بروباغندا يقوم بها ترامب نفسه، كجزء من المعركة التي تدور على ثلاث جبهات: الدعائية(نفسية وناعمة بذات الوقت)، العقابية(عبر عقوبات وحصار) وخفيّة( وهي عبارة عن رد او ضربة محدودة مستورة، لا تتطور اكثر).
فهل الذي إستهدف ناقلات النفط في ميناء الفجيرة يهدف إلى إشعال الحرب؟ أم ان الخطوة هي في إطار الحرب الخفية؟.
كل الأفرقاء يُمكن لهم ان يستفيدوا من تلك الضربة العدائية بحق الإمارات:
الولايات المتحدة تستطيع التأكيد للخليجيين ان ضربهم من قبل إيران ممكن، وهي التي تحمي وجودهم ومصالحهم. الإسرائيليون يدفعون بإتجاه التحريض على طهران لإستهداف الجمهورية الإسلامية. إيران نفسها تقدر أن تتباهى أنها قادرة على الرد في الامكنة الحساسة إذا حصلت المواجهات الميدانية. تلك القراءات لا تخفي سيناريو جرى إستحضاره حول إمكانية أن يكون حصل استهداف ناقلات نفط تحمل الانتاج الإيراني الذي يُباع في السوق السوداء تهرّباً من العقوبات.
رغم ذلك، لن تحصل الحرب كما توحي التصرفات الأميركية في ابعادها الأخرى، معطوفة على قواعد الإشتباك الترامبية أن كل ما يجري الآن هو “هوبرة” هادفة لإجبار طهران على الرضوخ.
لكن الخطوط ليست مقطوعة بين الأميركيين والإيرانيين، فذكرت معلومات عن دخول قطر على خط الوساطة بين الفريقين، إضافة الى السويسريين الجاهزين دوماً، بغياب الدور العُماني الذي كان ناشطاً في زمن عقد التفاهم النووي السابق.
النشرة