ما أهمية انتخابات أوروبا المقبلة؟
ستعين انتخابات البرلمان الأوروبي نهاية أيار/ مايو الجاري الإتجاه، إما التقوقع على التوجهات القومية والوطنية، أو اختيار اندماج أكثر للحصول على قوة عولمية. من بروكسل عاصمة الاتحاد الأوروبي تتابع DW التطورات.
” في السادس والعشرين من أيار/ مايو سنقف على عتبة انتخابات مصيرية لهذه القارة”، قال رئيس كتلة المسيحيين الديمقراطيين في البرلمان الأوروبي، مانفريد فيبر. ولم يكن فيبر المرشح الأول لحزبه الوحيد في هذا السياق، بل أن كثيراً من السياسيين من مختلف الأحزاب قد أعلنوا أنّ الانتخابات لتشكيل البرلمان الأوروبي “مصيرية”. فبالنسبة إلى المسيحي الديمقراطي الذي يتطلع إلى شغل منصب رئيس المفوضية الأوروبية يدور الأمر في نهاية أيار/ مايو حول معركة ثنائية بين المؤيدين لأوروبا والقوميين. “أوروبا هذه التي نعيش فيها اليوم هي أوروبا جيدة. ولن نسمح بأن يدمرها القوميون”، قال مانفريد فيبر. ولم يسبق أن وُجد هذا العدد الكبير داخل دول الاتحاد الأوروبي من الشعبويين اليمينيين والمتشككين في أوروبا في خضم أنتخابات مثل حالهم في الانتخابات المقبلة. وقد يحصلوا حسب الاستطلاعات على 20 في المائة من مجموع المقاعد.
أوروبا أوربان أم ماكرون؟
بالنسبة لرئيس الوزراء المحافظ في المجر، فيكتور أوربان يدور الأمر حول معركة بين الديمقراطية اللا ليبرالية التي يمثلها وبين الديمقراطيين الليبراليين. ويدّعي رئيس الوزراء المجري أن الديمقراطيين الليبراليين يريدون “استبدال” سكان أوروبا ومن خلال استقبال المهاجرين “أسلمتها”. وقال أوربان بمناسبة العيد الوطني المجري “يجب أن نفهم أن أوروبا وصلت إلى مفترق طرق تاريخي”. فمن يرحب بالمهاجرين واللاجئين غير الشرعيين، فإنه “يخلق شعوبا بأعراق مختلطة. وفي هذا النوع من البلدان تنتهي التقاليد التاريخية وينشأ نظام عالمي جديد”.
والعدو المفضل للشعبويين اليمينيين من عيار فيكتور أوربان أو وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو سالفيني أو زعيم حزب الحرية النمساوي، هانس كريستيان شتراخه هو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أعلن محاربة “الديمقراطية اللا ليبرالية”. ويطالب “بانبعاث جديد” لأوروبا والتضامن والإحساس. وحتى بالنسبة لإيمانويل ماكرون الذي يقترح إصلاحات كبيرة تبقى هذه الانتخابات مصيرية. “المعركة الأهم في هذه الانتخابات هي الجدل بين من يؤمنون بأوروبا وأولئك الذين لا يؤمنون”، كما قال الرئيس الفرنسي قبل أربعة أسابيع من التوجه إلى صناديق الاقتراع في باريس خلال تظاهرة لحزبه.
ليس فقط الهجرة
فرص العمل والهجرة وحماية المناخ وسياسة التجارة ودور أقوى لأوروبا في العالم. هذه هي الموضوعات التي يجب على الاتحاد الأوروبي الاهتمام بها في السنوات المقبلة، كما تفيد الأحزاب المؤيدة لأوروبا. وقلما يطرأ فارق بين المرشحين الأولين فيبر (مسيحي ديمقراطي) وفرانس تيمرمانس (اشتراكي). فكلاهما يريدان شراكة جديدة مع إفريقيا والتركيز أكثر على استثمارات في بلدان الأصل للاجئين. وبالنسبة للشعوبيين اليمينيين يوجد على الجانب الآخر موضوع واحد وهو الانعزال وسد الحدود لإبعاد المهاجرين، كما يقول مثلا وزير الخارجية المجرية:” أهم هدف عندنا هو تحقيق غالبية مناهضة للهجرة. والمجر ستساهم في ذلك”. ويعد الشعبويون اليمينيون ناخبيهم باتحاد أوروبي مختلف تماما تحصل فيه على ما يبدو الدول الوطنية على الحقوق التي خسرتها ويتم تجريد بروكسل من السلطة فيه. ويعتبر فرانس تيمرمانس، المرشح الأول للاشتراكيين وحاليا نائب رئيس المفوضية الأوروبية في بروكسل أن ذلك من الأشياء العبثية، ” لن نعطي السلطة للمتطرفين في أوروبا. إنها انتخابات مصيرية. إنها انتخاباتكم. أنتم تقررون ما هي أوروبا التي سنحصل عليها في السنوات الخمس المقبلة”، قال تيمرمانس في نقاش تلفزيوني في ألمانيا.
“الاتحاد الأوروبي له قوة مقاومة”
تشكيلة البرلمان الجديد ستجبر المسيحيين الديمقراطيين والاشتراكيين الديمقراطيين والليبراليين والخضر على العمل ضمن تحالف كبير، يقول خبير أوروبا يانيس إيمانويلديس. والاتحاد الأوروبي بعد يوم الانتخابات لن يحرز تغيرا كاملا في التوجه. وأضاف:” لن نعايش سطوا معاديا على الاتحاد الأوروبي. يجب النظر إلى ذلك بروحة نقدية، ولكن لا يجوز المبالغة واتخاذ موقف سلبي. فالاتحاد الأوروبي برهن في السنوات الماضية على قوة مقاومة كبيرة. وهذا ما سيكون عليه الحال أيضا في المستقبل”.
عد تجاوز أزمة الديون والهجرة، المهم بالنسبة إلى البرلمان الجديد هو رص الصفوف لمواجهة أزمات جديدة في الاقتصاد وفي العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا أو الصين. ويفيد الخبراء بأنه يجب على الاتحاد الأوروبي بعد الانتخابات التركيز على التطور الاقتصادي وتحقيق تقارب بين ظروف العيش في الشمال الغني وفي الجنوب الفقير. فقط من خلال هذا التوجه يمكن القضاء على مشكلة الشعبوية اليمينية التي هي أقوى في البلدان الفقيرة.
الاستمتاع بلحظة الديمقراطية
قضية مصيرية ومفترق طرق والفرصة الأخيرة. الصور التي تُستعمل في الحملة الانتخابية للاقتراع من الثالث والعشرين حتى السادس والعشرين من أيار/ مايو درامية جزئيا. والأكيد هو أن هذه الانتخابات مهمة، كما يعتبر المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، مارغاريتيس شيناس، لكن لا يجوز المبالغة في أهميتها. “أنا موجود منذ سنوات في السياسة الأوروبية. ولا يمكن لي التذكر في أي انتخابات أنه لم يُقل بأن أوروبا تقف في مفترق طرق. هناك نقف في الحقيقة دوما، وهذا جيد”، وأضاف:”لا يحق لنا التوجه بدرامية إلى الانتخابات الأوروبية. إنها أيضا لحظة الديمقراطية الأوروبية التي وجب علينا الاستمتاع بها”.
بيرند ريغرت/ م.أ.م
آخر الأصدقاء للاتحاد الأوروبي؟
في ساحة سوق جاندارمن وسط برلين التقى أشخاص يوم الأحد للتظاهر من أجل “الفكرة الأوروبية”. والمنظمون على الأقل يقولون بأن عددهم تراوح بين 700 و 1000 مشارك. بعض المئات من المتظاهرين ـ وهذا لا يبدو كثيرا بالنسبة إلى حركة مثل هذه ـ وذلك بوقت وجيز قبل الانتخابات الأوروبية.