” قطع يد ” من يتعدى على المياه بتشريع جديد
رغم أن الهطولات المطرية لهذا الموسم كانت الأعلى منذ سنوات، والتي وصلت فيها نسب التخزين المائي في كافة المحافظات -عدا السويداء- إلى أعلى معدلاتها بنحو 200%، إلا أن الواقع المائي يبقى محفوفاً بكثير من المخاطر، ولاسيما في ظل تنامي ظاهرة الحفر العشوائي للآبار المنتشرة في مختلف المناطق دون ضوابط تذكر ما يؤثر سلباً على المخزون المائي.
وبحسب الإحصائيات الصادرة عن وزارة الموارد المائية فإن عدد الآبار المرخصة في محافظة حلب وحدها يصل إلى 15 ألف بئر يماثلها العدد نفسه من الآبار غير المرخصة. وتفيد التقارير الصادرة عن الوزارة بهذا الخصوص بكثرة الآبار العشوائية وغير المرخصة في المناطق التي دخلها الإرهاب، في ظل عدم وجود توازن مائي على امتداد الجغرافيا، وأمام هذا المشهد الذي تعيه الوزارة بشكل جيد يبقى خيارها الوحيد هو الانطلاق نحو إجراءات تهدف إلى تعزيز الأمن المائي وتحسين واقع مياه الشرب وزيادة وحماية مصادرها، والاعتماد على الطاقات البديلة في استخراجها، والحدّ من التعديات على مصادر الشرب ورفع درجة الوعي المائي لدى المواطن
تعديات
مدير التخطيط والتعاون الدولي في وزارة الموارد المائية المهندس بسام أبو حرب بيّن وجود تعديات كبيرة في حفر الآبار، ولاسيما في المناطق التي كانت خارج السيطرة، والتي أثرت على المخزون المائي الجوفي ومخزون الأحواض المائية، مستشهداً بما تعرضت له بحيرة المزيريب من مستوى انخفاض في منسوبها المائي إذ كانت تعطي 1400 ليتر في الثانية، في حين يصل منسوبها حالياً إلى 12 ليتراً في الثانية، وأن الوزارة بصدد دراسة مقترح تشريع مائي جديد هدفه التشدّد في قمع التعديات والحفريات والآبار المخالفة. ويبيّن التقرير الصادر عن الوزارة أنه يتمّ تأهيل وتجهيز 132 بئراً لمياه الشرب، إضافة إلى تنفيذ مشروع تدعيم صالة نبع الفيجة وإرواء منطقة شنشار بحمص، إلى جانب مشاريع استبدال خطوط نوى الشوكتلية والمستورة والمخرم. ويشير التقرير أيضاً إلى أنه يتمّ العمل حالياً لتأهيل مجموعة من محطات الضخ وإنجاز مشاريع استكمال مشاريع الصرف الصحي وإعادة تأهيل وتشغيل محطات المياه النموذجية، والبدء بإجراءات تأمين عدادات جديدة بدل المسروقة.
وارد
وفي السياق نفسه أشار أبو حرب إلى أنه يتمّ إعداد خطط الوزارة وفق المتغيرات المناخية وتبعاً لإحصائيات سنوات سابقة، سواء أكانت مطرية أم جافة، موضحاً أن الوارد المائي لهذا العام كان جيداً، حيث تصل كمية المتاح منه إلى 16.2 مليار م3 في حين أن الكمية المستخدمة تصل إلى نحو 17.7مليار م3 وبالتالي تصل نسبة العجز المائي للعام الحالي إلى نحو مليارم3، وهي النسبة الأقل بين مثيلاتها من السنوات الثماني الماضية.
وبحسب التقرير الذي أعدّته الوزارة فإن الحجم الأكبر لاستخدامات المياه يذهب إلى الزراعة التي تستهلك 88% من مجموع استخدامات المياه، وتأتي حاجة السكان لمياه الشرب والاستعمالات المنزلية بنسبة تُقدّر بـ 9% من مجموع استخدامات المياه، فيما حاجة القطاع الصناعي تشكل نحو 3% منها، وأشار التقرير إلى التنسيق المستمر مع وزارة الزراعة بشأن الخطط الزراعية السنوية والتي يجب أن تتماشى مع إمكانيات الموارد المائية، والتنسيق مع وزارة الصناعة لتشجيعها على الصناعات غير المستهلكة للمياه، وتدوير المياه الصناعية منعاً لتلوث المياه الجوفية.
ومع زيادة النشاط الاقتصادي وعودة الحياة للمناطق المحررة، يشير التقرير إلى أن نسب التحصيل والجباية للذمم المالية المترتبة على المشتركين ازدادت خلال السنوات السابقة، وفي مقدمتها ذمم كبار المستهلكين في قطاعات الصناعة والسياحة والتجارة، وارتفعت قيم الفواتير المحصلة لصالح المؤسسة العامة لمياه الشرب بدمشق وريفها خلال العام الماضي والتي وصلت إلى نحو 4.4 مليارات ليرة سورية بزيادة قدرها 1.5 مليار ليرة عن العام الذي قبله.
توازن
ويوضح تقرير آخر صادر عن الهيئة العامة للموارد المائية أن الحجم التخزيني للمياه في السدود يصل إلى نحو 18.9مليار م3، منها 16 مليارم3 في السدود الثلاثة: الفرات وتشرين والبعث القائمة على نهر الفرات و2.9 مليار م3 في باقي السدود والبالغة 160 سداً، وأن لدى الوزارة 4 سدود قيد الإنشاء وهي سدود برادو سعته تصل إلى 140 مليون م3 وسد الشيخ حسن يروي 300 هكتار وسد في النبك وسد آخر في سعد البلوطة، إلى جانب إنشاء 61 سدة منها 14 سدة تمّ الانتهاء العمل فيها، وتعمل الهيئة على استراتيجية حالياً لمشروع جديد لإعادة دراسة الموازنة المائية بشكل واقعي وعلمي، وذلك باستخدام النمذجة الرياضية بحيث تكون الموازنة المائية التي يعمل عليها أساساً للأعوام القادمة ويتمّ بناء التوازن المائي في القطر على أساسها.
استراتيجية
خبير مائي فضّل عدم ذكر اسمه أشار إلى أنه على الرغم من كل تلك الأهمية لواقع الأمن المائي، إلا أن الحكومات المتعاقبة لم تتعامل مع القضية بحجم أهميتها، بل ضاعت الخطط والاستراتيجيات المتعلقة بذلك لأسباب اقتصادية وإدارية وفنية، موضحاً أن استراتيجية التخزين الدائم للمياه هي الأكثر اتباعاً من قبل الحكومة نتيجة محدودية الموارد المائية والمتمثلة بالهطولات المطرية والمياه التي تتدفق إليها من الخارج عبر المسطحات المائية، لذلك كانت الحكومة تتبع تلك الاستراتيجية من خلال بناء أعداد كبيرة من السدود وصلت إلى أكثر من 163 سداً وأكثر من 61 سدة مائية بطاقة تخزينية تصل إلى 18.9مليارم3 منها 16مليارم3 في سد الطبقة وحده والباقي 2.9مليارم3 في باقي السدود المتوزعة في البلاد وهذا ما يعكس ضعف توزع الطاقة التخزينية للمياه.
البعث
اقرأ المزيد في أخبار سريعة