خلاف روسي ــ إسرائيلي على جدول أعمال القمة الأمنية حول سوريا
تكشف التسريبات الواردة من تل أبيب وجود خلاف بين أطراف القمة الأمنية، الأميركية ــــ الإسرائيلية ــــ الروسية، المقرر عقدها قريباً في القدس المحتلة، حول جدول أعمال اللقاء وأولوياته. إذ تريد الولايات المتحدة وإسرائيل، وفقاً لما ذكرته قناة «كان» العبرية، أن يتركّز جدول الأعمال حول الأنشطة الإيرانية في المنطقة، وتحديداً في سوريا ولبنان، فيما ترغب روسيا في أن تركز القمة على «اليوم الذي يلي» انتهاء الحرب السورية، أي على مرحلة ما بعد الحرب والحلّ السياسي النهائي.
في هذا الإطار، يبدو واضحاً أن الروسي يدفع في اتجاه إعادة التطبيع مع الدولة السورية، وتسهيل عملية إعمارها مع حفظ المكتسبات الروسية في سوريا نفسها وعبرها في المنطقة، عبر الإقرار الدولي بهذه المكتسبات، وليس التسليم القسري بها فقط. أما وجود إيران وحلفائها، فبإمكان موسكو التعايش معه في الحرب وما بعدها، ضمن تسويات تحفظ مصالحها وكذلك مصالح إيران، وفي المقدمة مصالح الدولة السورية المقبلة، التي من دونها قد تفسد سلة المصالح الروسية نفسها.
في المقابل، وبعد تحوّلها عن هدف إلحاق الدولة السورية بمحور «الاعتدال العربي» (وما يعنيه ذلك من حصار لحزب الله في لبنان)، باتجاه التموضع الدفاعي الوقائي، ومحاولة تقليص ما أمكن من تهديدات البيئة الأمنية الجديدة على إثر فشل حلفائها عسكرياً في سوريا، تسعى إسرائيل إلى إخراج إيران من سوريا تحديداً، ومنع ما تسمّيه «التمركز الإيراني» فيها، على اعتبار أن هذا «التمركز» سيتكامل ــــ في حال الاشتباك ــــ مع التهديد القائم على الساحة اللبنانية، وهو «سيناريو كابوس» وفق تعبير ضابط رفيع في الجيش الإسرائيلي.
يتعذّر على إسرائيل توفير البضاعة للروسي، حتى إن قبلت موسكو المقايضة
مع ذلك، يتعذر على إسرائيل توفير البضاعة للروسي، حتى إن وضعت موسكو مقايضة الوجود الإيراني على طاولة المفاوضات، وهو أمر غير مستبعد في ذاته روسياً، وإن على أسس وإمكانات مغايرة لما يجري تداوله. هنا، تراهن تل أبيب على الجانب الأميركي في إمكانية إنجاح هذه المقايضة.
لكن السؤال: هل الأميركيون في وارد شرعنة وجود روسيا والتسليم بنفوذها عبر تسهيل ولادة الحل السياسي الذي تطمح إليه؟ يبدو أن الأميركيين يعملون على تحقيق الهدفين، أي منع الحل السياسي وإخراج الإيرانيين، بلا تسويات ولا مقايضات. وعلى رغم أن تصريحات الرئيس دونالد ترامب قد توحي بإمكانات مغايرة، إلا أن سرعة تراجعه عن قراراته، وإعادة الاشتباك الصامت مع روسيا في سوريا، تنبئان بوجود تعقيدات وعقبات أميركية تزيد عن المنظور منها.
اقرأ أيضا: تركيا تعترض على 6 أسماء في لجنة صياغة الدستور السوري بينهم رئيس سابق للبنك المركزي السوري
العام الماضي، التقى ترامب نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في العاصمة البولندية، هلسنكي، وكان «النفوذ الإيراني» في المنطقة، كما أكد الأول آنذاك، من المواضيع الرئيسة على جدول أعمال اللقاء: «تحدثنا عن هدفي المتمثل في إيقاف إيران. لقد أوضحت أن الولايات المتحدة لن تسمح لإيران بالاستمرار في التمركز في سوريا». قيل الكثير عن اللقاء، وعن إنجاز الاتفاق بين الجانبين، وعن «طرد» الإيرانيين من سوريا، ووردت في ذلك قصص وروايات لم يكن بالإمكان حصرها، لكن الواقع أثبت لاحقاً النقيض. فما الذي استجدّ كي تكون نتيجة القمة الأمنية في القدس المحتلة مغايرة؟ قد تكمن الإجابة في ما قاله بوتين، أمس، في مقابلة مع قناة «مير» الروسية، حيث أشار إلى أن العلاقات مع الولايات المتحدة متدهورة وتنتقل من سيئ إلى أسوأ، مذكّراً بأن «الإدارة الأميركية الحالية اتخذت خلال الأعوام الأخيرة عشرات القرارات المتعلقة بالعقوبات» ضد روسيا.