الجمعة , نوفمبر 22 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

سورية ايران كوريا الشمالية.. كسر الاسطورة الاميركية

سورية ايران كوريا الشمالية.. كسر الاسطورة الاميركية

منذ نهاية الحرب العالمية الاولى في العام 1918 اثبتت الولايات المتحدة انها إمبراطورية لها وزنها في العالم ولا يستطيع احد هزيمتها. وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية في العام 1945 تسللت هذه القاعدة لعقول الكثير إن لم يكن معظم السياسيين والقادة في العالم، وما إن وصلنا الى نهاية السبعينيات من القرن الماضي حتى وجدنا أن هذه القاعدة تترسخ في عقول الجميع خصوصاً بعد أن اعتمدت الولايات المتحدة على الاعلام والسينما في غزو الأدمغة مثل “الرامبو” الاميركي و”سوبر مان” وغيرها من الافلام التي تصنع الانتصارات في السينما بعد فشل اميركا.

كثيرة هي الدول التي وقفت في وجه الهيمنة الاميركية واسطورة انها القوة التي لا تهزم على الأرض.

لكن معظم هذه الدول فشلت في الصمود بوجهها إلى وقت طويل ومنها من خضع للشروط الاميركية بطريقة أو بأخرى، ومنها من بقي مصراَ على موقفه حتى الرمق الأخير مثل فنزويلا وكوبا، إلاّ اننا سنأخذ ثلاث دول فقط استطاعت أن تثبت ضعف الاستراتيجية الاميركية في محيط خاضع بمجمله لإرادة البيت الابيض، وهي من قلب منطقتنا أو قارتنا الاسيوية.

اقرأ أيضا: هل بدأ التمهيد لحل الأزمة السورية؟

اولى هذه الدول هي سورية التي منذ نهاية الانتداب الفرنسي عليها اعلنت موقفها الواضح والصريح الداعم للقضية الفلسطينية والوقوف بوجه كل من يدعم الاحتلال الاسرائيلي وعلى راسهم الولايات المتحدة، ومن ثم ازداد العداء لواشنطن مع وقوف دمشق ضد حلف بغداد الذي تشكل ضد مصر، الموقف السوري تبلور اكثر واكثر بعد وصول الرئيس الراحل حافظ الاسد إلى الحكم، والموقف كان واضحاً بأنّ العلاقات مع الولايات المتحدة مرهونة بموقفها من القضايا العربية وعلى راسها القضية الفلسطينية، والرئيس حافظ الاسد هو الزعيم العربي الوحيد بعد جمال عبد الناصر الذي لم يزر واشنطن، ومن بعده الرئيس بشار الاسد.

ولا ننسى عندما انتظر وزير خارجية الولايات المتحدة السابق هنري كيسنجر الرئيس حافظ الاسد لساعات حتى يقابله. ومواجهة دمشق لواشنطن عسكرياً بعدة مناسبات ومنها عندما اتت حاملة السفن الاميركية إلى البحر الابيض المتوسط للتهديد بقصف سورية في اوائل الثمانينيات ولم تغير دمشق موقفها ضد الاحتلال الاسرائيلي واصرت عليه وهزمت واشنطن في تلك المواجهة، بعد اجتياح العراق عام 2003 ارسلت واشنطن وزير دفاعها كولن باول إلى دمشق وحمل معه رسالة التهديد والوعيد للدولة السورية، إلّا أنّ الرئيس الاسد وقف بوجهه ورفضها جملة وتفصيلاً، وكانت كلمته المشهورة بأنّه لو وافق عليها الشعب السوري لن يقبل بها.

بعد هذه النكسة الاميركية خططت ودعمت الولايات المتحدة الحرب على سورية بهدف تغيير نهج دمشق، ومنذ اللحظات الاولى ارسلت وفودها لسورية من أجل اقناعها بالشروط الاميركية إلاّ أنّ دمشق رفضتها، وقبل شهور ارسلت ايضاً وفودها وتم رفض شروطها.. والانتصار السوري هذا يكسر صورة القوة الاميركية في محيط كله مطبع مع واشنطن ويخاف منها وتملي عليه ما يأكل و يشرب .

ثاني هذه الدول هي إيران أو الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بعد انتصار الثورة فيها عام 1979، فمنذ ذلك الوقت تغير وجه المنطقة ككل و أول قرار اتخذ في تلك الفترة هو اغلاق سفارة الاحتلال الاسرائيلي في طهران، وتحول المبنى إلى سفارة دولة فلسطين، ومن ثم انقطعت العلاقات مع الولايات المتحدة التي تسمى إلى يومنا هذا في إيران بالشيطان الاكبر، واتخذت إيران منهج دعم المستضعفين في العالم خصوصاً في فلسطين ولبنان، لنجد حركات المقاومة بوجه الاحتلال الاسرائيلي اولها حزب الله في لبنان وحركة الجهاد وحماس في فلسطين. ورغم مرور 40 عاما على الثورة الإسلامية إلّا أنّ واشنطن عاجزة كل العجز امامها وبالرغم من فرض الحظر على طهران والتهديدات من هنا وهناك إلاّ انها استطاعت بناء دولة متماسكة وقوية واعتمدت على نفسها في كل شيء لتكون رائدة في المنطقة، التي تعيش تحت ظل ووصاية الولايات المتحدة ورئيسها دونالد ترامب الذي يذل زعماء هذه الدول بأنّ بلاده هي من تحميهم. ألّا انه لا يستطيع اطلاق رصاصة واحدة على إيران، وبالتالي كسرت إيران الهيمنة الاميركية وفزاعة واشنطن في عقول العالم.

ثالث الدول هي كوريا الشمالية هذه الدولة التي تشكلت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وتقسيم شبه الجزيرة الكورية لدولتين على خط عرض 38. هذه الدولة التي يسمع الجميع عن الحصارات الاميركية المتواصلة عليها إلاّ انها استطاعت الصمود، وبناء تهديد مباشر للولايات المتحدة وهو ما اجبر رئيسها دونالد ترامب أن يأتي فقط للجلوس مع زعيم بيونغ يانغ كيم جونغ اون، حتى لو لم يتم الوصول إلى اتفاق مكتوب، فقد اعتبر أنّ الجلوس معه هو انتصار له.

ربما بات على الجميع إعادة ترتيب افكاره وسياساته الخارجية بعد كسر الأسطورة الاميركية في عقول المجتمعات والعالم بفضل صمود وصبر وإيمان هذه الدول.

ابراهيم شير – كاتب واعلامي سوري