غضب كبير بعد تعرض السوريون للاعتداء في اسطنبول
عادت أزمة اللاجئين السوريين في تركيا إلى الواجهة من جديد، وذلك بعد انتخابات البلدية لا سيما في إسطنبول، حيث كانوا مادة انتخابية، بين أصوات تدعو إلى إعادتهم إلى بلادهم التي لا تزال تشهد حربا وبين متضامنين معهم ويدعون إلى نبذ الكراهية والعنصرية ضدهم.
ويتهم نشطاء من الحزب الحاكم، خصومهم في المعارضة التركية، بتأجيج الكراهية ضد اللاجئين السوريين، واستغلال حوادث تنجم عنها من أجل أغراض سياسية.
جاء آخرها، ما شهدته إسطنبول في منطقة كوتشوكتشكميجه “أكتيلي”، مساء السبت الماضي، من قيام أتراك بالهجوم على محال السوريين ومتاجرهم وهم في حالة غضب بعد إشاعة أن سوريين تحرشوا بفتاة تركية، ليتبين لاحقا أنها مجرد ادعاءات.
وأظهرت الفيديوهات والصور قيام شبان أتراك بالهجوم على المحلات، ليتصاعد العنف ضد اللاجئين السوريين الأمر الذي استدعى تدخلا من الشرطة وقوات الأمن لتفريق المحتشدين بالغازات المسيلة للدموع.
تحريض المعارضة
وتعالت خطابات الكراهية ضد الوجود السوري في البلاد، بعد فوز مرشح المعارضة لرئاسة بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو.
وانتشرت وسوم عدة في مواقع التواصل، تطالب بإعادة السوريين إلى بلادهم، الذين يقارب عددهم الـ4 ملايين لاجئ سوري.
اقرأ المزيد في قسم اخبار سريعة
وسبق أن استنكر نشطاء وإعلاميون أتراك وعرب بشدّة لافتة عنصرية لمرشحة حزب “إيي” (الجيد) المعارض لرئاسة بلدية قضاء “فاتح” الشهير في مدينة إسطنبول، استهدفت فيها السوريين المقيمين بالمنطقة.
وكتب على اللافتة الكبيرة التي جرى تعليقها على حدائق وجسور في القضاء: “لن أسلّم فاتح إلى السوريين”، مرفقة باسم مرشحة حزب “إيي” لرئاسة بلدية “فاتح” إلاي أقصوي”.
وكثيرا ما حرض زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو، المواطنين الأتراك ضد اللاجئين السورين ضمن حملة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي شهدتها تركيا العام الماضي.
وأفاد كليجدار زعيم أكبر أحزاب المعارضة التركية بأنه يتم التعامل في بعض الأحيان مع المواطنين الأتراك كمواطنين من الدرجة الثانية، في حين يتم التعامل مع اللاجئين السوريين كمواطنين من الدرجة الأولى، وذلك في محاولة لاستخدام ورقة اللاجئين السوريين للتأثير على الرأي العام التركي حينها قبل الانتخابات التي خسر فيها.
بيان للشرطة
ودفعت الحادثة الأخيرة، لإصدار ولاية إسطنبول بيانا متعلقا بما جرى في منطقة “أكتيلي” السبت الماضي.
وأوضح التصريح تفاصيل الحادثة بأن “شكوى تلقاها مركز الشرطة عبر الهاتف عند الساعة 20:30 أمس ادعى فيها المتصل حصول حادثة تحرش لفظي حدثت في حي محمد عاكف في أكتبلي”.
وبحسب التصريح، فإن “قوات الأمن تحركت نحو الموقع، وقامت بالقبض على الطفل الأجنبي المشتبه فيه (12 عاما)، الذي تم زجه في الحادثة، مع الطفلة التي ادعي أنه تم الاعتداء عليها وهي أيضا 12 عاما، عند الساعة 21:15، وتم تسليم كليهما لفرع شرطة الأطفال”.
وأوضحت المديرية العامة للأمن في إسطنبول أنه “لم يكن هناك أي تعرض أو لمس أو تحرش جسدي”.
انتقاد حقوقي
وتفاعل رئيس الهلال الأحمر التركي كرم قنق، مع الحادثة، ونشر سلسلة تغريدات عبر حسابه الرسمي في موقع”تويتر”، دافع من خلالها عن اللاجئين السوريين. ونشر بعض الحقائق المهمة حولهم، وذلك بعد ساعات من إطلاق شائعات ضدهم على خلفية الأحداث الأخيرة.
وأكد في تغريداته أنه بات من الملاحظ مؤخرا ارتفاع وتيرة التحريض ضد اللاجئين و”الأجانب” في البلاد كخطة منظمة تطلق مع بعض الجهات السياسية، مشيرا إلى أن أي إثارة للمجتمع ضد اللاجئين هي بحد ذاتها “جريمة”.
وقال: “إن الكراهية والتمييز الناتج عن اللغة أو العِرْق أو الجنسية أو اللون أو المُعتقَد الفكري والدين والاختلافات الطائفية يعاقب عليها القانون التركي بالسجن من سنة إلى 3 سنوات، كما أن أي شخص يحرض علانية على الكراهية ويتسبب بخطر على السلامة العامة سيُعاقب بالسجن من سنة إلى 3 سنوات أيضا”.
وأشاد قنق بمساهمة اللاجئين في اقتصاد تركيا، مؤكدا أنهم يساهمون في ذلك عن طريق القطاعات كثيفة العمالة مثل الزراعة والبناء والمنسوجات، وأن تركيا نمت بسبب هذه المنافسة والمساهمة في ظل الصعوبات الاقتصادية.
وعن الدعم الذي يصل للاجئين، فقد نوه بأن معظمه يأتي من الاتحاد الأوروبي وليس من ميزانية البلاد، وهو بـ”العملة الأجنبية ويساهم في دعم الاقتصاد، ويقلل من معدل الجريمة”، بحسب قوله.
وسوم كراهية ومقابلها
وبعد الحادثة انتشرت وسوم كراهية ووسوم أخرى مقابلها تدعو إلى نبذ العنصرية، في حين تصدر هاشتاغ “السوريون ليسوا وحدهم” للتضامن معهم، ليغدوا من أعلى الوسوم تفاعلا في تركيا والعالم خلال يوم أمس الأحد
واعتبر مغردون أن المعارضة تؤجج من مشاعر الكراهية ضد السوريين، مطالبين قادة المعارضة ليس فقط الوقوف ضد أعمال الشغب هذه، بل أيضا مواجهة الغضب والكراهية ضد اللاجئين السوريين الذين يعيشون في إسطنبول، وصد من يقف وراءها.
من جهتها، قالت البرلمانية في حزب العدالة والتنمية ليلى شاهين أوسطا، إن الحكومة “بدأت بملاحقة الذين ينشرون الأخبار الكاذبة وستتم محاسبتهم… والتثبت من الذين ألحقوا الضرر في الممتلكات العامة والخاصة”، وأضافت: “مواطني الأعزاء لا تلقوا اعتبارا إلى الذين يعملون على نشر أخبار و وقائع كاذبة ومضللة على وسائل التواصل والإعلام عن السوريين”.
وكالات