شركات الإنتاج اللبنانية والعربية ترابط في الشام: الدراما السورية تستعد للموسم الجديد
صحيح أنّ الموسم الماضي لم يكن الأفضل بالنسبة إلى هذه الصناعة، إلا أنّ المستقبل يحمل الكثير من المشاريع. بعدما فتحت الشام أبوابها للمنتجين العرب، ها هي شركات الإنتاج اللبنانية تؤسّس مكاتب لها هناك، مع دوران عجلة العديد من المسلسلات التي سنشاهدها في رمضان 2020!
الماكينة السورية عادت إلى الدوران. صحيح أنّ الرضى عن السوية الفنية بالمجمل كان في أدنى مستوياته، لكن يمكن القول على الأقلّ إنّ الشام فتحت أبوابها للمنتجين العرب كما كانت تفعل قبل الحرب، مع أنّ أي سوري مهتم بشكل حقيقي بالدراما يحلم بأن تكون المبادرة في عودة هذه الصناعة برأسمال وقرار سوريين خالصين غير مرتبطين بمنطق محطات فضائية تملي مزاجها وسياستها على الصنّاع. المؤشرات تقول إنّ جمال سنان (إيغل فيلمز) وصادق الصبّاح (صبّاح إخوان) سيلتحقان بالركب التجاري الذي يستثمر في سوريا، إذ باشرت الشركتان تجهيز مكاتب لهما في دمشق لإنتاج أعمال سورية خالصة تصوّر في مختلف المحافظات السورية، على اعتبار أنه رغم الحرب والتهاوي الاقتصادي، ما زالت سوريا مدينة إنتاج مفتوحة على استديوات خصبة ومتنوعة، إضافة إلى وجود مدن إنتاجية ضخمة في ريف دمشق. أضف إلى ذلك أنّ الدمار الحاصل ـــ رغم مأساويته ـــ يمكن توظيفه لصالح الدراما من دون بناء ديكورات ذات كلفة عالية. وبالتالي، فإن كلفة إنتاج مسلسل ضخم في الشام بميزانية مريحة، أقل بكثير من كلفة إنتاجه في أي مكان في العالم، خصوصاً بيروت!
إذاً، بدأت الملامح تتكشف في ما يخص الموسم الجديد، وأوّلها سيكون لقناة «أبوظبي» التي عادت تدريجاً إلى الشام خلال السنتين الماضيتين. وقد راقت الفكرة منتجيها المنفّذين الذين يتصدّر قائمتهم المخرج الأردني إياد الخزوز. هذا العام، سيعقد الأخير شراكات مختلفة، أولاها اتفاق مع شركة «سما الفن» لإنتاج مسلسل «حكاية ندى» (اسم مبدئي ـــ كتابة أمل حنّا وإخراج المثنى صبح) على أن يعرض على محطتي «أبوظبي» و«سما» السورية في رمضان المقبل. بحسب تصريح كاتبته لنا، العمل «يعاين دمشق اليوم وحياة الناس المقيمين فيها، كما محاولاتهم اليائسة للتغلب على الصعوبات اليومية. أيضاً، يفتح الحدث مصراعيه على الأمل الوحيد المتبقي لدى هؤلاء بأن تكون الحرب قد وصلت إلى خواتيمها، عساهم يعودون نحو أمل جديد في المستقبل». وقد سافر المثنى صبح، العام الماضي، إلى روسيا حيث تقيم الكاتبة لينجزا معاً بعض التعديلات. ويفترض أن يمثّل هذا المسلسل، تحديداً، حالة خاصة، بعد تجربة بصرية ملفتة أنجزها صبح في «العاصوف1/2» (كتابة عبد الرحمن الوابلي وناصر القصبي وعثمان جحى) فيما سيكون الاستثمار الثاني في مسلسل للكاتبة السورية بثينة عوض في عمل عربي مشترك قوامه الجوهري سوري.
عوض كانت قد وصلت العام الماضي إلى مراحل متقدمة في الاتفاق على تحويل رواية «بنت الباشا» (لينا هويان الحسن) إلى مسلسل تنتجه «إيمار الشام»، لكن شركة الإنتاج تراجعت في اللحظة الحاسمة. ورغم جاهزية النص وحيويته، اختارت «إيمار الشام» مشروعين آخرين للموسم الفائت، فيما ستنتج هذا العام نصّاً لمديرتها التنفيذية ديانا جبّور. العمل الذي كتب قبل سنوات، عبارة عن حكاية سياسية اجتماعية ممتعة تدور أحداثها في فترة لاهبة بالغنى على مستوى الأحداث، أي بين نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضي. يتطرّق العمل إلى كواليس تنظيم «الإخوان المسلمين» وصراعهم المسلّح مع السلطة. ويفترض أن يخرج النص أحمد إبراهيم أحمد. من جهتها، وصلت «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي» إلى الساعة الصفر وانطلقت الاستعدادات لمسلسل يحكي سيرة المطران هيلاريون كابوشي (1922-2017). هو رجل الدين السوري المولود في حلب، الذي أصبح مطراناً لكنيسة الروم الكاثوليك في القدس سنة 1965، قبل أن يجيّر مكانته الدينية في خدمة القضية الفلسطينية.
كتب سيناريو العمل حسن م. يوسف، وسيتولى إخراجه باسل الخطيب، ويلعب بطولته النجم غسّان مسعود كما نشرنا سابقاً (الأخبار 26/6/2018). ومن المفترض أن يؤدي شخصية المطران شاباً النجم محمود نصر. لكن الاتفاقات المالية والأجور الضعيفة تحول دون انضمام أسماء مكرّسة إلى المسلسل الذي يصوّر بين دمشق وحلب وطرطوس واللاذقية. وقد أثارت النجمة كندة حنّا قضية الأجور في المؤسسة من خلال حساباتها على السوشال ميديا، بعدما عرض عليها دور في العمل مقابل أجر زهيد جداً، فاعتذرت على الفور! يركّز العمل على نشاط رجل الدين بدعمه الواسع للمقاومة في فلسطين، إلى درجة أنه كان ينقل لها السلاح بسيّارته.
اقرأ أيضا: محمد عساف: أتمنى التمثيل في الدراما السورية
وقد ألقت قوات الاحتلال الصهيوني القبض عليه سنة 1974 أثناء تهريبه السلاح للمقاومة، وسُجن أربع سنوات بعد الحكم عليه 12 عاماً، قبل أن يخرج بواسطة من «الفاتيكان». وفي 1978، أُبعد عن فلسطين، ليكمل حياته في روما. أخيراً يُعدّ الكوميديان القدير ياسر العظمة جزءاً جديداً من «مرايا» سلسلته الشهيرة التي اضطرّ في سنوات الحرب إلى إنجازها خارج البلاد، من دون أن تحقّق مستوى لائقاً، لكنّه يعود هذا العام مصحوباً بالشغف لعاصمة الأمويين، وهو ابن عائلة دمشقية أصيلة!