الإثنين , مايو 6 2024
شام تايمز

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

المهن اليدوية الدمشقية نحو الانقراض

المهن اليدوية الدمشقية نحو الانقراض

شام تايمز

من دون الحرب وقبلها .. فإنّ الصناعات اليدوية الدمشقيّة العريقة تتراجع سنة وراء سنة وتتقلّص وتسير باتجاه الاندثار، حيث يتناقص عدد المهنيين المهرة في هذا المجال، فلم يعد هناك إلاّ القلة القليلة الذين يستمرون بصناعة المنسوجات اليدوية، على الرغم من أنّ لدمشق تاريخ عريق جداً بهذه المنسوجات التي تعود بتاريخها إلى نحو / 4000 / سنة قبل الميلاد،

شام تايمز

حيث عُثر على أول نولٍ في التاريخ بدمشق، التي كانت على مدى السنين تنتج نحو مئة صنف من المنسوجات اليدوية برز منها بشكلٍ أساسي / البروكار والأغباني والدامسكو والديباج والألاجا / فكان الدمشقيون بالفعل سادة صنّاع النسيج اليدوي في العالم، واليوم توشك هذه المهنة على الاندثار فعلاً.

وكذلك الأمر بالنسبة للنحاسيات اليدوية، إذ لم يتبقّ من نحو / 400 / ورشة كانت تملأ سوق النحاسين على الجهة الجنوبية من شارع الملك فيصل سوى أربع ورشٍ فقط، لتتلاشى أصوات مطارق النحّاسين التي كانت أنغامها تصل إلى وسط دمشق في المرجة، أما اليوم فبالكاد يسمع الواحد صوتاً لها إلاّ إن بات قريباً من مدخل السوق.

وللنحاسيات الدمشقية تاريخ مديد يصل إلى نحو / 800 / عام وقد استطاع الدمشقيون تطويرها بالزخرفة والنقوش الفنية الرائعة وزيادة أنواع الأواني والتحف المصنوعة منها، وتعتبر هذه الحرفة من الحرف اليدوية الدقيقة التي تحتاج إلى المزيد من الصبر ودقة الملاحظة،
حيث يتفرّع عنها الحفر أو النقش والتجويف وتنزيل الفضة والذهب، ثم الكبس فالتخريق، وتعتمد بشكل كبير على الخط والرسم الزخرفي، حتى صارت من أجمل ما زينت به القصور الدمشقية التاريخية العريقة والكنائس والمساجد، من ثريات وفوانيس نحاسية .

اقرأ المزيد في قسم اخبار سريعة

وكذلك الأمر بالنسبة للموزاييك والحفر على الخشب، والزجاج المعشّق، فكلها صارت مهدّدة بالانقراض، وازداد الأمر سوءاً في هذه السنوات من الحرب الإجرامية على سورية، فقد ازداد حجم الضرر على هذه الصناعات كثيراً، بعد تراجع الطلب على منتجاتها إثر ركود الحركة السياحية التي كانت الملاذ الأكبر لتسويقها، وإثر العديد من الأسباب الأخرى.

على كل حال وفي محاولة جادة ومخلصة لإنقاذ هذه المهن اليدوية الدمشقية العريقة وتكريساً لدورها في عملية التنمية والنهوض المجتمعي والحضاري، تعتزم غرفة تجارة ريف دمشق إنشاء مركز لإحياء الصناعات اليدوية التي تشتهر بها سورية عموما ودمشق وريفها خصوصاً،

وتشمل المهن والحرف المهددة بالزوال بعد تعرضها للإغلاق والتدمير وحتى هجرة كوادرها نتيجة الحرب، لتشكل هذه المبادرة خطوة باتجاه الحفاظ على تراث البلد من الحرف والصناعات التي عرفت سورية بها على مدى مئات بل والآلاف من السنوات .

وبالتالي منعها من الاندثار باعتبارها جزء مهم من الذاكرة السورية الغنية و ذاع صيتها في كل أنحاء العالم، إذ كان تجار دمشق خير من نقلها للعالم .

يقول وسيم القطان رئيس غرفة تجارة ريف دمشق : ” من المهم أن ينطوي البعد الاجتماعي في عمل الغرف على احياء هذه الصناعات باعتبارها تشكل ذاكرة عميقة تشكلت على مدى مئات السنوات ولابد من العمل على اعادة الحياة لها بل وتحويلها الى نقطة جذب حضاري وسياحي كما كانت،

ومن هنا كانت فكرة انشاء المركز كمدرسة نتمنى أن تنتشر على نطاق أوسع في المستقبل لما لها من أهمية وتأثير في وجدان كل سوري . ”

وتقوم فكرة هذا المركز على التدريب العميق على مجموعة من الصناعات التقليدية والحرفية والتراثية وفي مقدمتها صناعة الزجاج اليدوي والمعشق و الحفر على الخشب والنحاس والموزاييك والصدف والقيشاني وغيرها،

وسيجري التوسع لاحقا لتشمل باقي الحرف والمهن التي اشتهرت بها دمشق وريفها، على أن يقوم بالتدريب خبراء وأصحاب كار في هذه الصناعات والحرف بحيث يتحول التدريب واكتساب المهارات في المهن المستهدفة الى جسر تعبر عليه هذه المهن الى الحياة والانتشار مجددا متجاوزة شبح الانقراض.

تبدو خطوة غرفة تجارة ريف دمشق غير بعيدة عن مجموعة الأهداف التي أعلنتها الحكومة بحماية الصناعات التراثية والتقليدية وفي نفس الوقت تطوير الحرف التي شأنها تحقيق قيم مضافة عالية تتجلى في دقة وجمالية التصنيع والتفرّد به، إلى جانب عودة الألق إليها كعوامل جذب للسياح الذين بدأوا بالعودة تدريجياً إلى الربوع السورية، وغالبا ما تكون هذه المنتجات مقصدا لهم، وفي محطّ اهتمامهم.

سينسيريا -علي محمود جديد

شام تايمز
شام تايمز