اعتداءات بالضرب على اللاجئين السوريين وتحطيم محلاتهم.. ما الذي يحصل في إسطنبول؟
صور وأخبار وفيديوهات انتشرت على مواقع التواصل التركية، تظهر تعرض اللاجئين السوريين لحملات تحريضية ودعوات لترحيلهم من البلاد. أحد تلك الفيديوهات نشر نهاية الأسبوع الماضي يظهر مجموعة من المواطنين الأتراك في إسطنبول يعتدون على السوريين بالضرب وتحطيم واجهات محلاتهم. فما هي حقيقة ما يجري في تركيا؟
انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات لمجموعات من المواطنين الأتراك، في أحد شوارع إسطنبول، يتظاهرون احتجاجا على ما أسموه “التواجد السوري” في مدينتهم.
تلك التظاهرات رافقتها أعمال شغب وعنف أدت إلى تحطيم واجهات محلات يملكها سوريون، فضلا عن الاعتداء بالضرب المبرح على بعض المارة من السوريين.
ونتيجة لذلك، تدخلت الشرطة وفرقت المتظاهرين باستخدام الغازات المسيلة للدموع.
وفي التحقيقات، تبين أن تلك المظاهرات جاءت بعد تداول إشاعة حول تحرش سوري بطفلة تركية. في حين أكد بيان رسمي للمديرية العامة للأمن في إسطنبول، أن الحادثة وقعت بين فتى سوري وفتاة تركية وكلاهما في عمر 12 سنة، واندرجت في إطار “العراك اللفظي” ولم تتضمن أي اعتداء جنسي كما أشيع.
ونشرت ولاية إسطنبول بيانا رسميا أكدت فيه أن حادثة “كوشوك شكمجه” أو حي إكتيلي، المكان الذي اندلعت فيه أعمال العنف، نجمت عن “سوء فهم”، وما من أية شكوى رسمية مقدمة بخصوصها.
بدورها، قالت الشرطة التركية إنها ألقت القبض على 16 شخصا بتهمة التحريض ضد اللاجئين السوريين في إسطنبول، وكشفت أن مجموعة على تطبيق “واتس آب” تنشر بيانات تحت اسم “شباب إكتيلي” وتضم 58 عضوا، كانت تقوم بتضخيم الأحداث. وأضافت أنها اعتقلت 11 شخصا من تلك المجموعة.
الرئيس الجديد لبلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (حزب الشعب المعارض)، دعا المواطنين الأتراك إلى “السكون وضبط النفس في التعامل مع اللاجئين السوريين”، قائلا “إننا إنسانيين لا عنصريين”، متعهدا بتقديم المساعدة المادية والمعنوية لهم في إسطنبول، وخاصة الأطفال والنساء.
إلا أنه انتقد إدارة الدولة التركية منذ البداية لهذه الأزمة، “بفتحها الباب على مصراعيه لـ 3 ملايين إنسان دون اتباع معايير وآلية وطنية، ودون كتاب ولا حساب ولا مساءلة”، حسب قوله.
يشار إلى أن عدد السوريين في مدينة إسطنبول أكثر من نصف مليون لاجئ مسجلين في دائرة الهجرة التركية منذ بدء موجة اللجوء إلى تركيا.
تحريض غير ممنهج
تلك الأحداث تدق جرس الإنذار تجاه العلاقة بين السكان الأتراك والمهاجرين السوريين تحديدا، حسب الصحفي حسين أسد المقيم في إسطنبول.
وخلال حديثه عن سياق الأحداث، يستبعد أسد وجود حملة منظمة وممنهجة ضد الوجود السوري بشكل عام، “حتى الآن تندرج تلك الأحداث ضمن إطار ردود الفعل، فالمواطنون الأتراك يعيشون ظرفا اقتصاديا صعبا، ومن السهل أن يأتي أحدهم ليلقي بشائعة ما لتهب الناس وتصب غضبها في ذلك الاتجاه، قد يكون ضد السوريين أو غيرهم”.
وأشار الصحفي إلى أن الأعداد الكبيرة للسوريين في عدد من المناطق والشوارع في إسطنبول، جعلتهم عرضة لشائعات كثيرة يطلقها أشخاص محملين إياهم المسؤولية عن الصعوبات والضغوطات الاقتصادية التي يعيشها المواطنون.
وعلى مدى الفترة الماضية، شهدت الساحة السياسية التركية تجاذبات كبيرة في ما يتعلق بالتواجد السوري في البلاد.
وخلال الانتخابات الأخيرة، تعهدت إحدى المرشحات عن “الحزب الجيد”، وهو حزب جديد محافظ، بإعادة حي “الفاتح” في إسطنبول للأتراك، في إشارة إلى التواجد الكبير للسوريين فيه.
ويشير حسين أسد إلى أن التحريض ضد التواجد السوري حصرا يختلف من منطقة لأخرى ومن حزب لآخر. مثلا، خلال الفترة الماضية، “كان حزب الشعب (علماني معارض) يعد أنصاره والشارع التركي بأنه سيعمل على إعادة السوريين إلى بلادهم. طبعا للمحافظين رأي آخر، كحزب العدالة والتنمية، ولكن هذا لا يمنع أيضا من وجود امتعاض في أوساط قواعدهم الجماهيرية”.
“وفي مدينة بولو (شمال تركيا) التي تضم نحو 2000 لاجئ سوري، وبعد الانتخابات البلدية، أول قرار اتخذه رئيس البلدية الجديد كان بقطع المساعدات عن اللاجئين السوريين. أما بلدية موضانية في بورصة، فقد ذهبت أبعد من ذلك عبر اتخاذ قرار بمنع السوريين من استخدام المسابح والشواطئ العامة، بحجة شكاوى كانت تصلها من مواطنين وسياح ضد لاجئين سوريين هناك”.
“التحريض حتى الآن مازال متفرقا ومحدودا إلى حد ما، ومازال مبنيا على أخبار كاذبة أو حقائق متلاعب بها لتأجيج الشارع ضد اللاجئين. ولكن هذا لا يمنع من استخدام اللجوء السوري في المشهد السياسي الداخلي، وحتى حزب العدالة والتنمية الحاكم المعروف بتضامنه مع اللاجئين السوريين، إذا اضطر للخضوع لرأي الشارع وأنصاره، فسيبدأ عمليات إعادة اللاجئين إلى بلادهم أو حصرهم في مخيمات”.
تغيير لافتات المحلات من العربية إلى التركية
وذكرت عدة وسائل إعلامية محلية تركية أن مكتب محافظ اسطنبول وجه إنذارا لمئات المحلات التجارية بسبب استخدامها لافتات بالعربية بدلا من التركية.
مكتب المحافظة أصدر بيانا قال فيه إن تغيير اللافتات سيتم في 39 منطقة في مدينة ومحافظة إسطنبول.
ومن المقرر أن تبدأ تلك العملية في أحياء الفاتح وزيتون برنو وبيرم باشا، المعروفة بإيوائها عدد كبير من المهاجرين.
جدير بالذكر أن التشريعات التركية تنص على أن لافتات المحلات التجارية يجب أن تكون باللغة التركية بنسبة 75%، ويمكن لصاحب المحل استخدام الـ25% المتبقية من اللافتة للكتابة بلغات أخرى