ألمانيا: انقسام في الائتلاف الحاكم حول إرسال قوات لسوريا
إرسال جنود للخارج مسألة بالغة الحساسية في ألمانيا، لذا فوجئت الطبقة السياسية بالطلب الأمريكي لبرلين كي ترسل قوات برية إلى سوريا لمكافحة الإرهاب. الاشتراكيون سارعوا إلى رفض الطلب الأمريكي فيما بدا المحافظون منفتحين عليه.
رفض تورستن شيفرـ غومبل، عضو الهيئة الرئاسية الثلاثية في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الشريك الثاني في الائتلاف الحاكم في برلين ما طلبه الممثل الأمريكي الخاص لسوريا جيمس جيفري من ألمانيا بشأن إرسال قوات برية إلى شمال البلاد.
وقال شيفرـ غومبل في تغريدة له على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي:” تفويض من هذا النوع سيرفضه الحزب الاشتراكي الديمقراطي. لن نوافق على إرسال قوات برية ألمانية إلى سوريا. ولا أرى أن الشريك في الائتلاف الحكومي يريد ذلك”، وذلك في إشارة الاتحاد المسيحي الذي تنتمي إليه المستشارة ميركل.
بدوره دعا المستشار الألماني السابق، الاشتراكي الديمقراطي، غيرهارد شرودر إلى عدم السماح للرئيس الأميركي دونالد ترامب بمعاملة ألمانيا كدولة “تابعة”، حسب تعبيره. وأضاف في تصريحات لصحيفة هاندلسبلات قائلا: “لسنا جمهورية موز هنا!”.
المحافظون منفتحون على الطلب الأمريكي
وفي المقابل قالت زعيمة الحزب المسيحي الديمقراطي أنغريت كرامب ـ كارنباور، حزب المستشارة ميركل، إنها منفتحة مبدئيا على إجراء نقاش حول الموضوع. وأضافت في مقابلة مع القناة الألمانية الثانية “ZDF” أنه إذا استدعت الضرورة سيكون علينا إجراء نقاش حول إضافة بعض الأمور للأداء الألماني في إطار التفويض القائم في التحالف الدولي ضد الإرهاب.
وفيما يخص نشر قوات برية ألمانية في سوريا، قالت كرامب كارينباور: “إنها قفزة كبيرة بالنسبة إلينا”. لكن يجب على الناس أن يدركوا في ألمانيا أن “الأمر هنا يتعلق بجزء كبير من الأمن الذاتي في ألمانيا وليس فقط ما ترغب فيه الولايات المتحدة
أما خبيرة شؤون الدفاع من حزب الخضر، أغنيسكا بروغير فقد حثت الحكومة الألمانية على “توجيه رفض واضح” لتوسيع التفويض القائم، مؤكدة أن التدخل الألماني إلى حد الآن “مخالف للقانون ولا يتوافق مع المعطيات الدستورية لتدخلات الجيش الألماني في الخارج”.
من جانبها أفادت وزارة الخارجية الألمانية أن برلين في “حوار بناء” مع شركائها حول العمل المستقبلي للتحالف المناهض لتنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش). وإلى حد الآن تدعم ألمانيا التحالف في سوريا والعراق لاسيما بطائرات الاستطلاع “تورنادو” انطلاقا من الأردن. وهذا التفويض الممنوح من البرلمان الألماني يبقى ساري المفعول حتى الـ 31 من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
ضغوط أمريكية على ألمانيا
وكان الممثل الأميركي الخاص لسوريا جيمس جيفري قد قال لصحيفة “دي فيلت” الألمانية “نريد من ألمانيا قوات برية لتحل محل جزء من جنودنا” المنتشرين في إطار مهمة دولية لمكافحة الإرهاب في هذه المنطقة. وكان جيفري زار برلين لإجراء محادثات بهذا الشأن.
وقال جيفري إنه ينتظر ردا بحلول نهاية تموز/يوليو الجاري، رافعا بذلك الضغوط على برلين التي تواجه انتقادات أميركية تأخذ عليها مستوى إنفاقها الدفاعي المتدني. وأضاف أن واشنطن تبحث “هنا (في ألمانيا) ولدى الشركاء الآخرين في التحالف” الدولي ضد تنظيم “داعش” الذي يشمل ثمانين بلدا، عن “متطوعين مستعدين للمشاركة”.
وتعول واشنطن على أوروبا لمنع عودة تنظيم “داعش” الإرهابي، أي بريطانيا وفرنسا والآن ألمانيا التي تقتصر مشاركتها في التحالف الدولي على طائرات استطلاع “تورنادو” وطائرة للتزويد بالوقود في الجو ومدربين في العراق. لكن مسألة نشر جنود على الأرض بالغة الحساسية في ألمانيا الشديدة التمسك بثقافتها السلمية، والتي لم تسمح بإرسال جنود إلى مناطق نزاعات في الخارج إلا اعتبارا من عام 1994.
م.أ.م/ أ.ح (د ب أ، أ ف ب)