جردة حساب في مشاريع ” بزنس الفقراء”..انتشار أفقي لحوالي 4 آلاف مشروع
يدور حالياً جدل واسع الطيف نسبياً، حول الحضور الحقيقي للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر على المستوى الاقتصادي و أبعاده الاجتماعية..فبين الدور والحضور تبدو كثافة التساؤلات التي تبحث عن إجابات على ألسنة أصحاب الرأي والرؤى.
إلا أن ثمة من يتحدث عن تسارع الجهود على مختلف الأصعدة لإرساء ركائز تنموية تمكن من إعادة ترميم ما دمرته الحرب الإرهابية في مفاصل الاقتصاد السوري، ويستحوذ دعم وتطوير المشاريع المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر مكانة هامة في ذهنية القائمين على رسم السياسات الاقتصادية، انطلاقاً من الدور الهام الذي تلعبه هذه المشاريع والتي كانت تشكل 95 % من قطاع الأعمال الخاص في سورية وتساهم في ثلثي الإنتاج المحلي وفي خلق فرص وإمكانات إنتاجية وتشغيلية وتصديرية مقارنةً بالشركات ذات الأحجام الكبيرة القائمة، وأملاً في أن تشكل هذه المشروعات بما تحمله من قيم مضافة حجر الزاوية للمخرج الاقتصادي من الأزمة وعودة الانتعاش والتعافي وإعادة الاعمار.
مدير غرفة تجارة دمشق د.عامر خربوطلي وحول دعم وتطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة أوضح – وفقاً لصحيفة الثورة – أن تطوير قدرة القطاع الخاص في إقامة المشاريع الجديدة وامتلاكه الأدوات الكفيلة بإنجاز مهماته بأقصى درجات الكفاءة والفاعلية يحتم على الدولة استخدام سياساتها الاقتصادية الكلية لتأمين الجو الملائم للعمل الاقتصادي، وبما يترك الحرية للأفراد والمشروعات للعمل في إطار قواعد عامة تضعها الدولة وتنظمها باتجاه ضمان الاستفادة القصوى من إمكانيات هذا القطاع، مشيراً إلى الميزات النسبية التي تتمتع بها المشروعات المتوسطة والصغيرة كسهولة تأسيسها وتنظيمها وتماشيها مع بنية الاقتصاد السوري وقدرتها على توليد فرص عمل كبيرة وقدرتها على تجميع المدخرات الفردية المتاحة والاستفادة منها في إقامة مشاريع صغيرة ومتناهية الصغر.
قد يبدو من الطبيعي أن تشهد الفترة الأخيرة التي اعتمدت فيها الحكومة مبدأ الاعتماد على الذات في مواجهة العقوبات الاقتصادية مساعي جادة لاستنهاض (هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة) وتوفير كل ما يلزم للقيام بالدور المناط بها لجهة دعم أصحاب المشاريع الجديدة للتحول من مرحلة التفكير إلى العمل والتنفيذ وجعل بيئة الأعمال أكثر مرونة وأقل تكلفة، خصوصاً بعد توافر البيئة الحاضنة لهذه المشروعات مع عودة المدن والمناطق الصناعية إلى العمل وتخصيص ما يقارب 8 مليارات ليرة لدعمها خلال الأعوام الثلاثة السابقة و2.5 مليار ليرة من الموازنة الاستثمارية للعام الحالي للمساهمة في إنشاء مناطق صناعية وحرفية جديدة.
وتماشياً مع القرارات والتسهيلات المقدمة لإطلاق العملية الإنتاجية وإيجاد البيئة التشريعية المناسبة للتوسع بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وبناءً على ما تم إقراره في لجنة السياسات والبرامج الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء تم الإعلان عن تأسيس مؤسسة ضمان مخاطر القروض المتوسطة والصغيرة التي تهدف إلى توفير الضمانات اللازمة التي تساعد المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الحصول على التمويل دون أن تشكل أعباءً مالية إضافية عليها، الأمر الذي يشجعها على الاستمرار وإنشاء مشاريع في مختلف القطاعات الحرفية والخدمية، إضافة إلى تعزيز دور المصارف في دعم عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال تحفيزها على تنمية المشروعات وتحسين مستوى الخدمات المالية وضمان استقرارها.
ومما لا شك فيه أن تبسيط الإجراءات الذي صدرت مؤخراً من قبل الحكومة بضرورة تطبيقه في جميع المنافذ الاستثمارية يلعب دوراً مهماً في إنجاح إقامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهو ما أدى بالضرورة إلى إصدار الهيئة التعريف الوطني للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وإرفاقه بدليل يوضح طريقة الاستفادة منه وتشكيل لجنة من عدة جهات معينة تعمل على تبسيط إجراءات تسجيل هذه المشروعات والقيام بكل ما من شأنه إزالة أي عقبات غير ضرورية أمام ذلك، كما وضعت الهيئة آلية متكاملة لتسجيل المشروعات والمستفيدين وطالبي خدمات الهيئة تم من خلالها تسجيل 3463 مشروعاً في مختلف المحافظات، إضافة إلى منحها وثيقة (كفالة المشروع) التي تعتبر بمثابة اجتياز المشروع للدراسة الأولية المتكاملة وتؤكد قابليته للاستفادة من الخدمات اللاحقة.
اسمندر أكد أنه وبهدف تحسين قدرة الراغبين بإقامة مشروعات خاصة بهم عملت الهيئة على تطوير برنامج متكامل في ريادة الأعمال تخرج منه حتى الآن 302 رائد أعمال تلقوا خبرات في مجال إدارة المشروع والمحاسبة وإعداد القوائم المالية ودراسات الجدوى الاقتصادية وتحليل السوق والتسويق، إضافة إلى إطلاق برنامج لتدريب مجموعة من الشباب الراغبين بامتلاك معارف تمكنهم من العمل بشكل مستقل في مهن محددة حيث تخرج من البرنامج خلال العام الماضي 80 متدرباً، وقريبا ًسيكون هناك دورة لتدريب قسم كبير من المسرحين من الخدمة العسكرية لتمكينهم من الحصول على عمل مناسب، كما أطلقت الهيئة برنامج التدريب من أجل التشغيل والمضمون للربط بين أصحاب العمل الباحثين عن العمالة المؤهلة وبين العاملين الراغبين في العمل ضمن مؤسسات خاصة، حيث وقعت الهيئة اتفاقيات مع 7 شركات خاصة استفاد منها حتى الآن 266عاملاً من اختصاصات مختلفة.
برنامج تعزيز قدرات المرأة الذي أطلقته الهيئة في محافظات حلب واللاذقية وحماة لتمكين المرأة مادياً وتأمين دخل مستقر لها من خلال تلقينهن مهارات مختلفة تخرج منه حتى الآن 240 سيدة، هو شكل ٌ من أشكال السياسة التنموية التي اتبعتها الحكومة لتشجيع وتدريب المرأة على تأسيس المشاريع الإنتاجية الصغيرة والمتوسطة المدرة للدخل وإدارتها والاستفادة منها من خلال تخصيص 4.4 مليارات ليرة لدعم مشاريع تنمية المرأة الريفية وإنشاء 1000 وحدة تصنيع غذائي.
تدريب الراغبين في إقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة هو الخطوة الأولى لتمكينهم من إطلاق مشاريعهم التي يعتبر الترويج لها إحدى الصعوبات التي تعترضها بسبب ارتفاع تكاليفه قياساً بإمكانياتهم، وهو ما دفع الهيئة بحسب مديرها إلى الاهتمام بالجانب الترويجي بشكل خاص، حيث أقامت مهرجان تسوق للمشروعات الصغيرة في حمص بمشاركة 60 مشروعاً، ونفذت مهرجان تسوق مماثل في طرطوس بمشاركة 66 مشروعاً، كما شاركت في مهرجان الربيع بحماة بالتعاون مع المحافظة وغرفة التجارة وأتاحت الفرصة لـ 80 مشروعاً صغيراً من مختلف المحافظات للتواجد في المهرجان.
و كشف عن قيام الهيئة بالتعاون مع المكتب المركزي للإحصاء بتنفيذ المرحلة الأولى من مشروع تعداد شامل للمنشآت في سورية سيكون الأول من نوعه والذي من المخطط الانتهاء منه مع نهاية العام الحالي، كما تحضر الهيئة لإطلاق مؤتمر تمكين المشروعات الصغيرة والمتوسطة لتبادل المعرفة بين مختلف المعنيين (أصحاب المشروعات، جهات داعمة، مؤسسات حكومية، منظمات دولية) لوضع تصور أفضل عما يمكن فعله لتطوير عمل المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
اقرأ أيضا: هل يختفي محصول الشوندر السكري من سورية؟
وعلى الرغم من التطور الملحوظ الذي تشهده المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال الفترة الأخيرة والتركيز على تفعيل الدور الريادي الذي تلعبه في تحريك وتسريع وتيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إلا أن ثمة تهديدات لهذه المشروعات تتمثل بتأمين التمويل وتبسيط الإجراءات وضمان استدامة هذه المشاريع كحلقة إنتاج متكاملة، وهو ما يتطلب بالضرورة العمل على تفعيل هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة بشكل أكبر وتوفير مستلزمات قيامها بالمهام الموكلة إليها لجهة تحفيز العملية الإنتاجية والتنموية على امتداد القطر.