تنافس إقليمي على ولاء القبائل العربية في سوريا.. السعودية ترمي بثقلها
تمارس السعودية ضغوطاً متجددة على علاقاتها مع الجماعات القبلية في سوريا مع استمرارها في “دعم المعارضة” التي تحاول الإطاحة بالحكومة السورية.
في زيارة قام بها في أواخر شهر حزيران/ يونيو إلى الأراضي السورية التي تسيطر عليها ميليشيات الحماية الكردية, التقى وزير شؤون الخليج السعودي ثامر السبهان بممثلي القبائل العربية في دير الزور من المناطق القبلية في سوريا وطلب منهم المساعدة في الحفاظ على الاستقرار والأمن في أراضيهم.
تمثل القبائل العربية 20٪ من المجتمع السوري وتتركز بشكل خاص في شرق البلاد لكن هذه المنطقة مقسمة حالياً: تقع الأراضي الواقعة شرق نهر الفرات تحت سيطرة ميليشيات الحماية بينما يسيطر الجيش السوري على معظم الأراضي الواقعة غرب النهر.
وعلى الرغم من أن إيران وتركيا لا تربطهما نفس القرابة التي ترتبطها القبائل السعودية بالقبائل السورية، إلا أن كلا البلدين يعملان منذ بداية الحرب لإقامة علاقات جديدة معهم وهدفهم هو استخدام القبائل لتعزيز مصالحهم في سوريا.
تحويل الولاءات
في السياق السوري، تشير القبائل إلى مجموعات محلية من الناس تعيش جغرافياً بالقرب من بعضها البعض وأبرز القبائل السورية هي عقيدات وبقارة وبوشعبان.
خلال حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد، بين عامَيْ 1970 و 2000، كانت القبائل جزءاً من التحالف الريفي الذي عزز سلطة الحكومة السورية.
وكان اشتعال الأزمة السورية عام 2011 فرصة ذهبية للمملكة العربية السعودية لاستخدام روابطها مع القبائل السورية لمحاولة اسقاط الحكومة في دمشق، وبالتالي القضاء على النفوذ الإيراني المتزايد في البلاد، والتي تعتبرها مجال نفوذها.
ومنذ بداية الأزمة استخدمت السعودية شبكات قبلية لتوفير الدعم المالي والعسكري للفصائل المسلحة ضد الرئيس الأسد كما شجعت شيوخ القبائل على الانشقاق، ووعدت بتزويدهم باللجوء والمساعدات المالية وأدى ذلك إلى انشقاق أكثر من 20 من زعماء القبائل السورية والذين لجؤوا إلى المملكة العربية السعودية.
جربت إيران تكتيكاتها الخاصة لجذب القبائل العربية في سوريا إذ يواصل المسؤولون الإيرانيون دعوة زعماء القبائل السورية لزيارة طهران لإجراء محادثات في محاولة لرص صفوفهم في مواجهة المحاولات السعودية.
كما أنفقت إيران مبالغ كبيرة من المال والخبرة على تدريب قوات قبائل الشعيطات للقتال إلى جانب الجيش السوري.
توازن مضاد لتركيا وقطر
وقع الخلاف بين المملكة العربية السعودية وتركيا بعد الربيع العربي، واشتد بعد أن قررت تركيا دعم قطر، حيث قدمت لها مساعدات اقتصادية وعسكرية للمساعدة في التغلب على الحصار الذي تفرضه المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
منذ حوالي عام 2013، انتقلت المنافسة بين هذين المهيمنين الإقليميين إلى سوريا.
تهدف تركيا إلى استخدام القبائل العربية لديها لإضفاء الشرعية على تدخلها ضد ميليشيات الحماية، في المنطقة الواقعة إلى الشرق من الفرات وفي زيارة قام بها في شباط/فبراير 2018 إلى “أورفا”، وهي بلدة قريبة من الحدود التركية السورية، التقى الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” بزعماء القبائل السوريين الذين أشادوا بعملية غصن الزيتون.
لكن المملكة العربية السعودية تعتبر المنطقة الواقعة إلى الشرق من نهر الفرات في سوريا داخل دائرة نفوذها وستبذل قصارى جهدها لمنع السيطرة التركية، ويستخدم السعوديون المساعدات المالية لتحقيق الاستقرار في حكم ميليشيات YPG وتقليل بعض التوتر بينها وبين القبائل العربية.
لكن هذه المحاولات لإخضاع القبائل من قِبل القوى الإقليمية ستعمق الانقسامات السورية وسط تنافس إقليمي مستعر، وتم تقسيم العديد من القبائل إلى عشائر متنافسة تقاتل بعضها بعضاً لمجرد أنها تجد نفسها في شرق أو غرب الفرات.
ذا كونفرزيشن