الشرق الأوسط نحو “الخطر الأقصى”.. هذه وصايا خامنئي للإيرانيين
نشرت صجيفة الراي الكويتية مقالا للكاتب إيليا ج. مغناير قال فيه “يتجه الشرق الأوسط نحو “الخطر الأقصى” في ظلّ “الضغط الأقصى” الذي فَرَضَهُ الرئيسُ الأميركي دونالد ترامب بعد انسحابه الأحادي من الإتفاق النووي مخلّفاً وراءه عاصفةً بدأتْ غيومُها تتجمّع في ظلّ حربِ الناقلات والإحتجاز المتبادَل بين إيران وبريطانيا.
وفي غمرة السير على حافة الهاوية، يَخْرُجُ المرشد الأعلى في إيران السيد علي الخامنئي ليُعْطي إرشاداته للمسؤولين في البلاد والتي تضمّنت خريطةَ طريقٍ تتبعها طهران حتى بعد غيابه وإستلام آخرين قيادة البلاد.
إحتجزتْ إيران ناقلةَ نفطٍ بريطانية “ستينا امبيرو” بعد ساعات من إعلان المحكمة العليا في جبل طارق التابعة للحكومة البريطانية تمديد إعتقال ناقلة النفط الإيرانية “غرايس 1” التي تحمل مليونيْ برميل نفط لمدة شهر إضافي.
وهذا الخبر وصل إلى القيادة الإيرانية التي إعتبرت أن مساعي الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تعثّرتْ وأنها ستأخذ الأمور بيدها من جديد دون إقفال الباب أمام الديبلوماسية الفرنسية أو غيرها لإزالة الخطر الذي إشتدّ في الشرق الأوسط وسط تَجَمُّعِ قِطَعٍ بحرية عسكرية جديدة بريطانية وقدوم قوات عسكرية إضافية الى المنطقة.
وكان كبير مستشاري الرئيس ايمانويل ماكرون السفير ايمانويل بون قد زار طهران والتقى القادة الإيرانيين ووَعَدَ بأن يتدخل لحل مشكلة الناقلة غرايس 1.
وفي تقدير قريبين من إيران أن القرار البريطاني بتمديد إحتجاز الناقلة الإيرانية بدا وكأنه كضربةٍ وجّهَتْها أميركا لأوروبا بتوريطها أكثر فأكثر أمام إيران والتلطي خلْف لندن لدفْعها للمواجهة الأولى مع طهران.
وفي رأي هؤلاء أن أميركا دفعتْ إلى قرار إحتجاز غرايس 1 منذ بداية أزمة الناقلات كـ ردٍّ على إسقاط إيران للطائرة الأميركية من دون طيّار،
وأن حكومةَ لندن قَبِلَتْ بأن تتورّط بالنيابة عن حليفتها الأميركية، ضاربةً بعرض الحائط الإعتبارات الأوروبية التي لم توافق على الإنسحاب الأميركي من الإتفاق النووي باعتبار أن إيران لم تخالف أي بند من الإتفاق وأن الخروج الأميركي هو سبب الضغط والخطر الذي يندفع إليه الشرق الأوسط في ظل العقوبات القصوى التي فرضتْها واشنطن على إيران.
ويبدو جليّاً أن إيران لا تنوي خفْض مستوى الضغط المقابل للحركة الأميركية وتذهب بالشرق الأوسط نحو الخطر الأقصى لأنها تعتبر أن الحرب قد أُعْلِنَتْ عليها.
ولا تفرّق إيران بين الحرب الإقتصادية التي فرضتْها أميركا والحرب العسكرية لأن النتائج في كلا الحالتين مدمّرة.
وقد علمتْ “الراي” أن السيد الخامنئي إجتمع مع القادة الإيرانيين وأعطى 3 توجيهات على إيران أن تتبعها مهما كانت الصعوبات وعدم التخلي عنها أبداً.
وتقول المصادر “إن أميركا تعلم جيداً ما تخطّط له طهران وما تتمسّك به وهي تعمل على تقويضه. وهذه التوجيهات الثلاث هي:
1- التمسك بحقّ إيران بالتخصيب النووي والإمساك بكل ما يتعلق بهذا العلم. فالتخصيب النووي يُعتبر سيفاً مصلتاً على الغرب الذي يريد سحْب هذه الورقة من طهران.
2- التمسك بتطوير القدرة الصاروخية والبرامج البالستية، وهذا هو السلاح الرادِع الذي تملكه إيران في وجه أعدائها لمنْع نشوب الحرب ضدّها. ويعتبر المرشد أن البرنامج الصاروخي يُحْدِث التوازن ويدفع أي ضرر عن إيران.
3- دعم حلفاء ايران في العراق وسورية ولبنان واليمن، وعدم التخلّي عنهم أبداً والتمسك بهم لأنهم جزء من أمن إيران القومي.
ويعتبر السيد الخامنئي أن شروط أميركا الـ 12 التي أعلن عنها وزير الخارجية مايك بومبيو تتلخّص في هذه النقاط الثلاث وتطلب من إيران وقف برنامجها النووي والصاروخي والتخلي عن حلفائها في الشرق الأوسط.
وأضافت المصادر: “أوصى القائد السيد علي الخامنئي بهذه الوصية للحفاظ على الجمهورية الإسلامية في إيران، وبأن أي بند من هذه البنود الثلاثة لا يقل شأناً عن سلامة إيران ووجودها وإستمراريتها وأمنها القومي والإستراتيجي”.
لقد بدأت إيران بتطوير قدراتِها الصاروخية وهي تحت العقوبات الأميركية، وطوّرت برنامجَها النووي وأميركا تفرض الحصار الخانق منذ أربعين عاماً، ووصلتْ إلى مرحلة متقدمة جداً في كلا البرنامجيْن لدرجةِ أنها لن تعود أبداً إلى الوراء بل ستتقدّم إلى الأمام.
أما بالنسبة لحلفائها، فقد أظهرت الأعوام الأخيرة كيف إستطاعت إيران مع حلفائها في اليمن والعراق وسورية ولبنان أن تأخذ بيدها المبادرةَ في الشرق الأوسط وتقلب الأمور لمصلحتها.
ومن غير المستبعد، بحسب قراءة الموقف الإيراني، أن تنصب طهران صواريخها البالستية لتكون على مسافةٍ قريبة من أعدائها أو البلدان التي من الممكن أن تطالها هذه الصواريخ. كما من غير المستبعد أن يهبّ حلفاؤها للدفاع عنها في أي لحظةٍ تتعرّض للخطر.
لقد إحتجزت إيران الناقلة البريطانية “ستينا امبيرو” وقادتْها ومعها أفراد طاقمها الـ 23 إلى بندر عباس بإنتظار الإفراج عن ناقلتها غرايس 1.
اقرأ المزيد في قسم الاخبار
وأعلنت القيادة المركزية للجيش الأميركي أنها تعمل مع حلفائها لتأمين حرية التنقل البحري. وهدّدت إيران بأن لا يُصَدَّرَ أي نفطٍ اذا لم تصدّر هي نفطها.
وأسقطتْ طهران طائرة من دون طيار أميركية. وأعلن ترامب نفسه إسقاط قواته طائرة من دون طيار إيرانية – ونفت الخبر إيران – وكأنه يضع نفسه على المستوى ذاته لإيران التي يعلن عن عملياتها الحرسُ الثوري الذي وضعه ترامب على لائحة الإرهاب. وترسل أميركا قوات جديدة، وبريطانيا قطعاً حربية إضافية.
وكل هذا في بقعة صغيرة في الشرق الأوسط ومضيق ضيّق لا يتسع لكل هذه الأحداث التي تذهب بالمنطقة نحو الخطر الأقصى حيث وضع كل الدول والحلفاء يدهم على الزناد بدَل الذهاب إلى طاولة المفاوضات وإحترام الإتفاقات الموقّعة … والآتي أعظم.