سفينة جديدة لإنقاذ المهاجرين في المتوسط.. “أوشن فايكنغ” تستكمل إرث “أكواريوس”
أعلنت كل من منظمة “أس أو أس ميديتيرانيه” و”أطباء بلا حدود” عن عودتهما لممارسة عمليات الإنقاذ في المتوسط. ولهذه الغاية، سترسلان سفينة “أوشن فيكينغ” المستأجرة حديثا، لتستبدل سفينة “أكواريوس” الشهيرة التي اضطرت للتوقف عن الإبحار منذ كانون الأول/ديسمبر 2018 نتيجة فقدانها لعلمي جبل طارق وبنما.
بعد توقف استمر منذ كانون الأول/ديسمبر 2018، عادت منظمتا “أس أو أس ميديتيرانيه” و”أطباء بلا حدود” لمزاولة أنشطة إنقاذ المهاجرين في المتوسط. وسبق للمنظمتين أن سيرتا سفينة إغاثة المهاجرين الشهيرة “أكواريوس”، التي باتت أيقونة لدى عمال الإنقاذ والمهاجرين على السواء، بسجلها الذي حقق إنقاذ أكثر من 30 ألف مهاجر في المتوسط كانوا على وشك الغرق.
وقالت المنظمتان في البيان الذي أعلنتا فيه عن العودة لأعمال الإنقاذ والذي نشر في باريس، إطلاق حملة جديدة لإنقاذ المهاجرين قبالة سواحل ليبيا، وإن السفينة النروجية “أوشن فايكينغ” تتوجه “حاليا إلى المتوسط للقيام بحملة جديدة للبحث والإنقاذ في وسط البحر”، الذي بات أكثر طريق بحرية قاتلة في العالم.
وأوضح مدير العمليات في منظمة “أس أو أس ميديتيرانيه” فريديرك بينار أن “السفينة ستتجول في وسط البحر المتوسط الذي يصدر منه الجزء الأكبر من نداءات الاستغاثة، لكنها لن تدخل أبدا المياه الإقليمية الليبية”.
وأضاف أن “وجودنا في البحر يهدف إلى إنقاذ الأرواح، ونأمل أن تتفهمنا الدول وتنضم إلينا، لأن لا حلّ آخر في منطقة وسط البحر المتوسط… من الخطأ القول إن سفن الإنقاذ تشجع على الهجرة، فحتى بدون هذه السفن، الهجرات تتواصل، ويبلّغ عن عدد كبير من حالات الغرق”.
وتابع بينار أنه منذ أن “عهد الاتحاد الأوروبي بتنسيق عمليات الإنقاذ في البحر إلى السلطات الليبية التي لا تملك كل الوسائل اللازمة لذلك، يجري هذا التنسيق بحالة فوضى ولا يتم الابلاغ عن النداءات”.
وأضاف “الرهان بالنسبة لنا كان امتلاك قدرة حقيقية في عمليات البحث لأننا نعرف أن هذه النداءات لا تصل إلى المراكز الرسمية”. مشيرا إلى أن المنظمة كانت تبحث عن سفينة جديدة “منذ 7 أشهر”.
ويرى رئيس مهمة عمليات منظمة “أطباء بلا حدود” في البحر وفي ليبيا سام تيرنير، أن المسؤولين الأوروبيين “يتجاهلون عمداً الأزمة الإنسانية التي تتسبب بها سياساتهم في ليبيا والبحر”.
“أوشن فايكنغ” إلى المتوسط و”سي ووتش 3″ محتجزة
وفي آخر مأساة شهدتها السواحل التونسية، قضى أكثر من 80 مهاجرا غرقا بعد أن انطلقوا بقارب من ليبيا، ينشدون الوصول إلى أوروبا.
ووفقا لمفوضية شؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية، لقي 426 شخصا على الأقل حتفهم خلال محاولتهم عبور البحر المتوسط منذ بداية العام.
ويبلغ طول “أوشن فايكينغ” التي استأجرتها 69 مترا وعرضها 15 مترا، وبنيت في 1986 لتكون سفينة مساعدة للمنصات النفطية في عرض بحر الشمال.
وترفع “أوشن فايكنغ” علم النروج ويقودها طاقم من تسعة أشخاص، إلى جانب فريق لعمليات البحث والإنقاذ وطاقم طبي، أي أكثر من 30 شخصا. وتبلغ تكلفة تشغيل السفينة 14 ألف يورو يوميا، لذا تسعى المنظمتان إلى طلب المساعدة في ذلك.
وجاء الإعلان عن هذه الحملة الجديدة في وقت مازالت فيه مفاعيل قضية سفينة “سي ووتش 3” وقبطانتها كارولا ريكيت تتفاعل في إيطاليا، التي قامت باحتجاز السفينة والقبطانة أملا بإرسال رسالة لباقي المنظمات الإنسانية بمصيرها لو دخلت المياه الإيطالية.
وتتهم السلطات الإيطالية المنظمات الإنسانية العاملة في المتوسط بدعم وتشجيع الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.
وقامت كارولا ريكيت، التي غادرت إلى ألمانيا السبت، في 29 حزيران/يونيو بدخول المياه الإقليمية الإيطالية عنوة على الرغم من رفض السلطات، ورست بسفينتها في ميناء جزيرة لامبيدوزا لإنزال 40 مهاجرا، كان قد تم إنقاذهم وبقوا عالقين على متن سي ووتش 3 لمدة 17 يوما بانتظار أن تسمح لهم السلطات الإيطالية بدخول أراضيها.
“لا يمكن لفرنسا وألمانيا أن تقررا سياسات الهجرة بمفردهما”
وقامت السلطات الإيطالية بإغلاق موانئها بوجه سفن الإغاثة الإنسانية بسبب عدم “تقاسم أعباء” استقبال المهاجرين داخل دول الاتحاد الأوروبي، حسب تعبيرها.
ولا تزال أوروبا حتى الآن غير قادرة على الاتفاق على “آلية تضامن” تتيح بديلا لسفن الإنقاذ.
وخلال الاجتماع الذي عقدوه الخميس الماضي في هلسنكي للاتفاق على موضوع الهجرة، لم يتمكن وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي من صياغة اتفاق جامع نتيجة الخلافات بين الدول الأعضاء حول هذه المسألة. ومن المقرر أن يجتمع الاثنين في باريس وزراء خارجية وداخلية “نحو 15 دولة” لمناقشة الموضوع.
ماتيو سالفيني، وزير الداخلية الإيطالي وزعيم حزب الرابطة اليميني المتطرف وصاحب مشاريع القوانين التي أفضت لإغلاق الموانئ الإيطالية بوجه سفن الإنقاذ، قال في رسالة لنظيره الفرنسي كريستوف كاستانير أرسلها له الأحد إنه “لا يمكن لفرنسا وألمانيا أن تقررا بمفردهما سياسات الهجرة مع تجاهل مطالب الدول الاكثر عرضةً لها” مثل إيطاليا ومالطا.
وكتب سالفيني في منشور مرفق بالرسالة على فيسبوك “الخيارات تناسب باريس وبرلين فقط، هذا يكفي. إيطاليا غير مستعدة بعد اليوم لاستقبال جميع المهاجرين الذين يصلون إلى أوروبا”.
وقال إن العديد “من الزملاء” في اجتماع هلسنكي “أبدوا تأييدهم لضرورة إعادة النظر بقواعد البحث والإنقاذ لتجنب الانتهاكات التي تشجع على الهجرة غير الشرعية والتي لا يمكن السيطرة عليها كما أوردنا في وثيقة أعددناها مع مالطا”.
وكانت إيطاليا ومالطا قدمتا خلال اجتماع هلسنكي، وثيقة توصي بإحداث مراكز استقبال مؤقت وتعرف على المهاجرين في الدول محاذية أو قريبة للدول التي ينطلق منها المهاجرون.
ونددت المنظمات الإنسانية الدولية والأممية مرارا بظروف احتجاز المهاجرين في ليبيا، مصدرين العديد من التقارير التي تثبت الانتهاكات التي يتعرضون لها في مراكز الاحتجاز، من تعذيب واستغلال جسدي وجنسي…
وكان قصف تعرض له مركز احتجاز المهاجرين في تاجوراء جنوب طرابلس، أدى إلى مقتل العشرات. وهذا ليس الاعتداء الأول من نوعه على مراكز مشابهة.
وترى منظمة أطباء بلا حدود أن “الحكومات الأوروبية تخرق التزاماتها الإنسانية التي تعهدت بها عبر زيادتها الدعم لخفر السواحل الليبي من أجل إعادة أشخاص مستضعفين إلى ليبيا”.