ضيوفٌ لا لاجئون.. هكذا استضافت سوريا اللبنانيين في تموز 2006
مع بدء العدوان الصهيوني على لبنان في تموز 2006، وجد كثير من اللبنانيين في سوريا وطنًا ثانيًا لا بلد لجوء، بفضل حسن الاستقبال السوري دولة وشعبًا. في تلك الأيام، كانت الدكتورة شاهيناز فاكوش عضو القيادة القطرية لحزب “البعث العربي الإشتراكي”، لكنها أصبحت خلال الحرب عضوًا في اللجنة العليا لدعم المقاومة، التي شكلت على عجل في ذلك الوقت. ومعها بدأ مسلسل الإستنفار اليومي الذي امتد الى 33 يومًا.
“استنفرنا مباشرة في قيادة حزب البعث العربي الإشتراكي وفي الحكومة من أجل استقبال أهلنا اللبنانيين الذين كانوا يستهدفون بقذائف الحقد الصهيوني، وكان غرضنا حفظ كراماتهم التي هي من كراماتنا، ودعم المقاومة على الأرض اللبنانية” تقو فاكوش لموقع “العهد” الاخباري.
وتستطرد في توصيف طبيعة الدعم الذي كانوا يقدمونه : “كنت عضوًا في اللجنة العليا التي كانت تضم بعض الوزراء ورؤساء المنظمات الشعبية التي كنت أشرف عليها ورؤساء النقابات المهنية.
وكان معي الدكتور ياسر حورية عضو القيادة القطرية وكانت اللجنة برئاسة الدكتور محمود الأبرش رئيس مجلس الشعب في ذلك الوقت، الدكتور حورية كان مسؤولًا عن تقديم الدعم المالي المباشر مثل شراء المواد والأدوية أو دفع نفقات النقل وتكاليف أخرى،
بينما كان الجانب اللوجستي بعهدتي أنا، كنا نؤمن كل حاجات أهلنا اللبنانيين في لبنان وفي سوريا إن كان في المدارس أو في المساكن الجامعية التي أفرغناها من أبنائنا الطلاب السوريين الذين طلبنا منهم السفر إلى أهاليهم في المحافظات”.
مصطلح “الايواء” لم يرُق يومًا لها. “في لحظة من اللحظات قلت هم ليسوا بلاجئين ولا بطالبي مأوى، هم ضيوف، لذلك استنفرت رفاقي في اتحاد شبية الثورة في ذلك التاريخ ليلًا، وفورًا بدأنا بسحب كل لافتات “مراكز الإيواء” من التداول وبدأنا بكتابة لافتات جديدة تحت مسمى “مراكز الضيافة لأخواننا اللبنانيين””، تقول فاكوش. وتضيف “لم ينقص أخواننا اللبنانيين أي شيء،
أنا شخصيًا بقيت مستنفرة فترة 33 يومًا على مدى الليل والنهار، لم أذهب خلالها إلى منزلي الا ما نذر، الباصات كانت تقل طلاب اتحاد شبيبة الثورة إلى مطار اللاذقية من أجل إفراغ الطائرات التي كانت تأتي بالمساعدات من كافة الدول المساندة للمقاومة وتحميل سيارات النقل واستقبالها في دمشق، أما بقية الطلاب فكانوا في حالة استنفار في المراكز للوقوف على احتياجات أخواننا اللبنانيين، فضلًا عن الجهود الجبارة التي كان يقوم بها الهلال الأحمر السوري”.
وحول التنسيق مع الجانب اللبناني في إيصال المساعدات، تروي فاكوش الحادثة التالية “أول قافلة مساعدات ذهبت من سوريا وصلت إلى حاجز المصنع، طلبت الحكومة اللبنانية في ذلك الوقت استقبالها وتوزيعها على الأهالي المتضررين ولكن ومع الأسف الشديد مزقت من على القافلة الأوراق المكتوب عليها “هدية الشعب السوري” وخزنت في المخازن (واستعملت بعد ذلك في الإنتخابات اللبنانية لكتلة “المستقبل”)
وعندما علمنا بالأمر لم نسلم أية قافلة من بعد ذلك التاريخ إلا بوجود أفراد من أهلنا في حزب الله سواء في المصنع أو في الدبوسية أو في مركز العبيدية في حمص، بذلنا جهودًا جبارة حتى لا نكون مقصرين لا في سوريا ولا في لبنان”.
وتوضح فاكوش في حديثها لـ”العهد” “على الحدود اللبنانية السورية كان طلاب اتحاد شبيبة الثورة والإتحاد الوطني لطلبة سوريا والمتطوعون من كل الجمعيات الأهلية في استقبال أهلنا اللبنانيين وتأمين كامل احتياجاتهم حتى يصلوا إلى مراكز الضيافة داخل دمشق وكافة المحافظات الأربعة عشر، التي كانت تحت تصرف أخوتنا اللبنانيين ما عزز المودة والرحمة بين الشعبين الشقيقين”.
اقرأ المزيد في قسم الاخبار
وفي ما يرتبط بالدعم الدعم السياسي الذي قدمته سوريا للبنان ومقاومته، تقول فاكوش “كانت القيادة السورية مستنفرة تمامًا، والإعلام السوري وجه لمواجهة الإعلام المضاد الأصفر الذي سمى حرب تموز في ذلك التاريخ بأنها “مغامرة غير محسوبة العواقب” من قبل المقاومة،
وكنا نصر على أنها معركة حقيقية بل ملحمة حقيقية، كانت القيادة السياسية السورية تعتبر الظهير الحقيقي للمقاومة، في الأمم المتحدة وكل المنابر العالمية والدولية كانت سوريا هي الصوت المتحدث باسم المقاومة، أما في جامعة الدول العربية التي حاول بنو سعود اختراقها فقد كانت سوريا لهم بالمرصاد. إلى كان الإنتصار الكبير الذي اعترف به الصهاينة أنفسهم، كان حديث السيد الرئيس عن الدعم اللامتناهي للمقاومة اللبنانية حتى الإنتصار بمثابة الطلقة القاتلة في نفوس قادة العدو الصهيوني”.
وتختم فاكوش حديثها لـ”العهد” : “لو أن المقاومة كانت بحاجة لتدخل الجيش السوري في المعارك لفتحت الجبهة السورية أو لوجدنا الجيش العربي السوري على الجبهة اللبنانية يقاتل إلى جانب المقاومة اللبنانية، لكن كانت ثقة سماحة السيد حسن نصر الله بمقاتليه كبيرة وانتصار المقاومة كان في نهاية المطاف انتصارًا كبيرًا للجيش العربي السوري”.
العهد-محمد عيد