عجلة التفاهمات التركية السورية انطلقت
كمال خلف:
اعلان وقف اطلاق النار في ادلب ظهر على انه من نتاج اجتماع العاصمة الكازخية “نور سلطان” الاخير، وهو بالفعل تمت صياغته على الطاولة هناك بين الأطراف المعنية. وسرعان ما جاء الإعلان من دمشق عن وقف إطلاق نار مشروط بسحب الفصائل وأبعادها مسافة 20 كليو مترا عن خط الجبهة.
إلا أن سياق التفاهم ربما يكون في إطار أشمل من تفاهمات “أستانة” وأقرب إلى إجراءات حسن نوايا متبادلة بين أنقرة ودمشق تمهيدا لمرحلة أهم قد تفضي إلى مفاوضات مباشرة بين الطرفين، خاصة أن الاسبوع الماضي شهد تبادل أسرى بين قوات “درع الفرات” وهي تابعة مباشرة لتركيا وقوات الجيش السوري. التبادل جرى برعاية تركية مباشرة عبر الصليب الأحمر الدولي، وعند معبر أبو الزندين في منطقة تادف بريف حلب الشمالي الشرقي، سلمت الفصائل 15 عنصراً من قوات الجيش السوري كانوا أسرى لديها، مقابل تسليم 14 معتقلاً لدى الحكومة السورية.
إجراءات حلحلة جرت في غضون أسبوع واحد، وهناك حسب المعطيات المزيد منها في الأيام المقبلة، اللافت أن كافة الفصائل المسلحة في الشمال صامتة ولم تعلق على القرار ، لكن تركيا أعطت الموافقة بدلا عنهم، واعطت تعهدات جادة بالتنفيذ، وهو ما دفع دمشق إلى إعلان وقف إطلاق النار وبتشجيع من موسكو التي بدورها رحبت وأعلنت أن الكرة الآن في الملعب الآخر، الساعات المقبلة سوف تجيب عن مدى التزام أنقرة بما تعهدت به، في أستانة وسبق أن وقعت عليه في اتفاق سوتشي.
ونص اتفاق سوتشي الذي توصل إليه الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان في 17 سبتمبر/ أيلول العام الماضي على إنشاء منطقة منزوعة السلاح بعمق يتراوح بين 15-20 كم في عمق منطقة التصعيد، وإزالة كافة الجماعات الإرهابية المتطرفة من المنطقة المنزوعة السلاح قبل 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، وكذلك سحب جميع الدبابات وراجمات الصواريخ والمدفعية والهاون العائدة لكافة الأطراف المتنازعة من المنطقة المعزولة قبل 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، واستئناف السير والعبور على الطرق أم 4 التي تربط حلب باللاذقية، وأم 5 التي تربط حلب بحماه قبل نهاية العام 2018. ولكن هذا الاتفاق لم ينفذ في حينها وفق المواعيد المتفق عليها، بل أقدمت تركيا على ارسال تعزيزات إلى المنطقة، وقدمت السلاح النوعي الفصائل العسكرية لمواجهة الجيش السوري، ما أسفر عن تصعيد كبير ومعارك طاحنة، حقق فيها الجيش السوري تقدما نسبيا.
عجلة تفاهمات إدلب انطلقت وبقوة وسرعة، ونعتقد أن هذه المرة ثمة شيء مختلف يتعلق بما ذكرناه من بيئة سياسية بدأت تمهد لتحول في الموقف التركي تجاه دمشق، ولكن هل ستكون هذه التفاهمات ضمن أطر اجتماعات العاصمة نور سلطان غطاء متعدد الأطراف لحوار سوري تركي مباشر، أم أن ثمة حاجة لقناة اتصال خارج هذا الإطار.
وانطلقت في نور سلطان الجولة الـ13 للملتقى الدولي رفيع المستوى بشأن سوريا التي تركز على مدى يومين على آخر التطورات في إدلب ومناطق شمال شرقي سوريا، والإجراءات اللازمة لتعزيز الثقة بين الأطراف المتنازعة من أجل تحريك العملية السياسية وتشكيل اللجنة الدستورية.
وفي بداية أيلول سيكون هناك اجتماع آخر لتشكيل اللجنة الدستورية بعد أن تم إنجاز تفاهمات بشأن أسماء المرشحين للجنة الدستورية، وهو تطور غاية في الأهمية وتجاوز سريع وسلسل لعقبة كانت محل جدل تتعلق بتحديد الأسماء، وهذا التطور يضاف أيضا إلى سلسلة الإجراءات الإيجابية الأخرى السابقة.
رأي اليوم