المنتج الصناعي بهوية سورية وتكاتف العام والخاص يستعد لكسر قضبان العقوبات
في ظل الظروف الحالية التي نعيش تفاصيلها يومياً، والتداعيات التي تفرضها حالة الحصار الاقتصادي وعقوباته، لا بد من تعزيز مقومات صمود اقتصادنا الوطني لفرض معادلة المواجهة وتوفير حاجة السوق المحلية، والأهم العمل على تكامل تلك المقومات بما يخدم تشاركية القطاعات الإنتاجية والتسويقية، وهذا لن يتم إلا بتعزيز قوة المنتج المحلي وخاصة الصناعي منه، الذي يعد الحامل الأساس للاقتصاد الوطني، لذلك كان من الضروري إيلاء الحكومة الاهتمام اللازم له، وتوفير كل مكونات النجاح ولاسيما فيما يتعلق بالمكون البشري والخدمي، والأهم في المعادلة مستلزمات الإنتاج الرئيسة.. هذا ما أكده وزير الصناعة المهندس معن زين العابدين جذبة، مؤكداً أن كل الإجراءات الحكومية تصب في اتجاه عودة المنتج الصناعي إلى سابق عهده في القطاعين العام والخاص.
وأوضح جذبة أن وزارة الصناعة وضعت استراتيجية جديدة بدأت بترجمة خطواتها منذ بداية العام الحالي وحتى تاريخه أثمرت عن جملة من المتغيرات الإيجابية على مختلف الصعد وخاصة المرتبطة بعودة المنشآت الصناعية الى العامل، وإعادة تأهيل المنشآت التي تعرضت للضرر بفعل الإرهاب وتخريب العصابات المسلحة، وتالياً يمكن القول: إن للحكومة دوراً كبيراً في تشجيع القطاع الصناعي من خلال إصدار حزمة من التشريعات والبلاغات والقوانين التي ساهمت وبشكل كبير بزيادة عدد المنشآت الصناعية، وتوفير المنتجات الوطنية بجودة عالية، وبسعر منافس.
إلى جانب ذلك كانت متابعة الوزارة لتذليل الصعوبات التي تعترض عمل المنشآت بالتعاون مع الصناعيين والتنسيق مع الجهات المعنية, فقد حققت الوزارة مؤشرات جيدة على صعيد عودة المنشآت الصناعية التي دخلت ميدان الإنتاج بشكل فعلي على مستوى القطاع الخاص الصناعي منها الحرفي والصناعي التي كان عددها يفوق 131 ألف منشأة منها 36 ألف منشأة صناعية، و95 ألف منشأة حرفية، عملت وزارة الصناعة مع الجهات المعنية على عودة أكثر من 18 ألف منشأة صناعية خاصة للعمل بعد أن تعرضت للتخريب والتدمير من قبل العصابات الإرهابية إضافة إلى عودة 8735 منشاة حرفية للإنتاج الفعلي وضخ كامل إنتاجها في السوق المحلية، مع العلم أن هناك عدداً كبيراً من هذه المنشآت إنتاجها معد للتصدير.
وأوضح جذبة أن عدد المنشآت التي تتم إعادة تأهيلها حوالي 4573 منشأة صناعية، وحوالي 50.3 ألف منشأة حرفية وستدخل الخدمة الانتاجية حالما يتم الانتهاء من إعادة التأهيل النهائي.
هذا فيما يتعلق بالقطاع الخاص الصناعي والحرفي، لكن فيما يخص القطاع العام لم تكن الجهود الحكومية أقل منها، وإنما كان الاهتمام يأخذ طابعاً مهماً لكونه يحتوي على بيئة عمالية واسعة، وكتلة استثمارات ضخمة, من شأنها التعويل عليها -بشكل كبير- على توفير المنتج الصناعي في السوق المحلي وتحقيق معادلة الاكتفاء وتصدير الفائض منه، من هنا سعت الوزارة مع الجهات العامة الأخرى الى تحقيق التكاملية في العملية الإنتاجية والتسويقية وتوفير متطلباتها بما يخدم المصلحة العامة في الدرجة الأولى، حيث تم وضع خطة لتأهيل الشركات التي تضررت بفعل الإرهاب وإعادة تشغيل وإقلاع الشركات الأخرى التي توقفت بسبب نقص مستلزمات الإنتاج ولاسيما شركة الأسمدة في حمص، والشركة الأهلية للمنتجات المطاطية، وشركة بلاستيك حلب، وشركة الأحذية، وتشغيل شركات المؤسسة النسيجية، ولاسيما شركة وسيم وتشغيل الصالات التابعة وإدخال ورش جديدة الى ميدان الإنتاج والعمل، وتشغيل شركة الخماسية، وتأهيل عدد من آلات الإنتاج لرفع الطاقة الإنتاجية في شركة كابلات حلب، وشركة الجرارات، وإعادة اقلاع معمل السكر في حمص بعد توقفه سنوات بقصد تلبية حاجة السوق المحلية، والعمل على زيادة الطاقة الإنتاجية في شركة حديد حماة، وتشغيل خط إنتاج اللبن واللبنة في ألبان دمشق، وتأمين بعض الآلات لخطوط الإنتاج في شركة تعبئة المياه، وإعادة إقلاع خط الشاشات في شركة سيرونكس، والأمر ذاته في شركات الغزل والنسيج ولاسيما غزل جبلة.
والأمر المهم في استراتيجية الصناعة للعام الحالي يكمن في إضافة خطوط إنتاجية جديدة في الشركات، والعمل على تطوير المنتج لديها كبارقة أمل لإعادة انطلاق وزارة الصناعة وجهاتها التابعة ولاسيما شركة تاميكو وإدخال خط الشراب الجاف، وإنتاج الكبسول من المضادات الحيوية الجيل الثالث، وافتتاح مجمع للمخابر في الشركة، ناهيك بخط إنتاج للأحذية في مصياف، وإحداث مركزين لبيع الغزل والنسيج في دمشق وحلب، وآخر لبيع الكحول الطبي في دمشق وحلب.
أما شركة وسيم فقد تم إحداث مراكز إنتاجية تابعة للشركة في حمص ودمشق وطرطوس وبيت ياشوط من أجل تحقيق إيرادات جديدة للشركة وتوفير فرص عمل لأبناء الشهداء وجرحى الجيش العربي السوري.
وكان لمؤسسة الإسمنت نصيب في إدخال خطوط الإنتاج الجديدة, حيث تم إحداث مراكز لإنتاج مادة البلوك والهوردي لدى الشركات التابعة لتأمين حاجة القطاع العام والخاص من المنتج بقياسات مختلفة ومواصفات ممتازة وأسعارها مناسبة، كما تقوم المؤسسة العامة للإسمنت بدراسة الجدوى الاقتصادية لتنفيذ مجموعة من المشاريع الهامة, في مقدمتها الدهان الإسمنتي، والقرميد واللاصق الإسمنتي والخرسانة الملونة وغيرها بقصد تلبية الاحتياجات خلال مرحلة إعادة الإعمار.
اقرأ أيضا: مؤسسة التجارة الخارجية: سنصدر المنتجات المحلية من إسمنت وأدوية وبورسلان
لكن المهم ما تم إنجازه في الشركة العامة للأحذية، والبدء بإعادة تدوير 800 طن من النفايات التي تعود بعمرها لأكثر من 42 عاماً، وإبرام عقود لاستخدامها مواد أولية في صناعات بلاستيكية ناهيك بإدخال منتجات جديدة لعمل لبعض الشركات العاملة في القطاع الغذائي ولاسيما شركة كونسروة دمشق كمنتج الكاتشب ومنكهات الأطعمة المختلفة، وشركة ألبان دمشق التي تم تأهيل بعض الخطوط لإعادة إنتاجها مجدداً الى الأسواق المحلية وتلبية احتياجات الجهات العامة من منتجات الألبان، وغير ذلك من خطوط الإنتاج الجديدة التي لم يتم ذكرها حالياً.
لكن الإنجاز الأهم في رأي جذبة أن ما تم تحقيقه من نتائج على أرض الواقع وخاصة المرتبطة بالعملية الإنتاجية والتسويقية وتصريف المخازين المتراكمة منذ سنوات, حيث تم إبرام عقود خلال النصف الأول من العام الحالي قدرت قيمتها بحدود 202 مليار ليرة مع الجهات العامة لتصريف الإنتاج, مؤكداً أن كامل إنتاج الوزارة قيد التصريف لمصلحة الجهات العامة، أما فيما يتعلق بالواقع التخزيني فقد تم تصريف أكثر من 20 مليار ليرة من أصل قيمة المخازين المقدرة بمبلغ 60 مليار ليرة لكل المؤسسات الصناعية، وأنه لدى الوزارة خطة اعتمدتها منذ بداية العام الحالي لتصريف أكبر كمية من المخازين مع نهاية العام الحالي.
أما على صعيد تنفيذ الاستراتيجية فقد أكد جذبة أن الوزارة تسعى لاتخاذ جملة من الإجراءات بهدف دعم وتشجيع الصناعة الوطنية, في مقدمتها مؤازرة الصناعيين الوطنيين الذين استمروا بالإنتاج برغم الصعوبات البالغة أثناء الحرب بما فيها دعم المنتجين في الشركات المتضررة بحيث تستطيع الإقلاع من جديد، ومتابعة ترميم المناطق الصناعية المتضررة واعتماد الحوافز التي تمكن الصناعيين من العودة الى العمل وترميم منشآتهم والإقلاع بها من جديد.
إضافة الى تبسيط الإجراءات المتعلقة بتأمين مستلزمات العملية الإنتاجية ومكافحة التهريب كأولوية مطلقة لدعم الإنتاج المحلي.
لكن ثمة إجراءات أخرى والمقصود بها تأمين دعم وحماية كبيرة للصناعة الوطنية وذلك من خلال: تحديد الحد الأدنى لقيم المستوردات (أسعار استرشادية تأشيرية) التي لها مثيل من الإنتاج المحلي، وإعادة النظر بالرسوم الجمركية المفروضة على المواد الأولية الداخلة في تركيبة المنتج الصناعي من خلال لجنة ترشيد التعرفة، إضافة إلى الاستمرار بسياسة ترشيد استيراد المنتجات المصنعة محلياً التي تكفي حاجة السوق المحلية وتبسيط الإجراءات اللازمة لاستيراد مستلزمات الإنتاج والعمل على تجاوز العقوبات المفروضة على استيراد مستلزمات الإنتاج بالطرق والوسائل التي تؤمن تحقيق الغاية والهدف.
المصدر: تشرين