قصة رائعة وراء أغنية فيروز ووديع الصافي «يا شقيق الروح»
إن كان ذنبي أن حبك سيدي فكل ليالي العاشقين ذنوب.. واحدة من أهم الأغاني المشتركة التي شارك فيها نجمان من أعلام الفن العربي، فيروز ووديع الصافي، لكن هذه الأبيات كانت مزيجاً فريداً، فما قصة أغنية «يا شقيق الروح»
غنت فيروز من قصائد شعراء عمالقة، كعنترة بن شداد وجرير، وإليا أبو ماضي ونزار قباني، لكن هذه الأغنية كانت مزيجاً بين روائع كتبها 5 من أفضل الشعراء من عصور مختلفة، ثم أضافوا لها بيتين من تأليف منصور الرحباني، لكن منصور ولكي يتمكن من إضافة أبياته ضمن القصيدة المركبة، خدع عاصي أخاه فكيف كان ذلك؟.
في حوار أجرته صحيفة الحياة اللبنانية، صرح منصور الرحباني بتفاصيل الخديعة التي عقدها على «عاصي». طلب عاصي من منصور تجميع أبيات شعر كتبها شعراء من عصور مختلفة فيها مشاعر الحب والحنين للوطن في لوحة واحدة، كان الهدف ألا يشعر المستمعون أن الأوزان مكسورة أو أن النظم غير منطقي، فأراد أن يضفر النص كله، فجمع منصور أبياتاً من شعر أندلسي وأموي وعباسي، وأضاف إليها أبياتاً من الشعر الحديث كان قد كتبها سابقاً دون أن يشير إلى أنه صاحبها.
كتب منصور، إذا كان ذنبي أن حبك سيدي فكل ليالي العاشقين ذنوبُ، أتوب إلى ربي.. وإني لمرة، يسامحني ربي إليك أتوبُ» فأحس زياد على ما يبدو أن الكلمات تحمل لمحة من روح منصور، فسأله عن صاحبها، فخدعه وأجابه بأنها للراعي النميري.
لم تهدأ شكوك عاصي فأعاد سؤاله «الراعي النميري أكثر هؤلاء الشعراء فصاحة، فهل أنت متأكد من أنها كلماته»؟ يقول منصور إنه ضحك من داخله لكنه رغب في أن يكمل كذبته، فأكد لعاصي أن الكلمات من نظم النميري.
من اكتشف الخديعة..
لم يكتشف عاصي أن الكلمات من تأليف منصور إلا ليلة تقديم الحفلة، ثار وناداه قائلاً «هل ظننت أنني لن أكتشف»؟ لكن منصور كان قد اطمأن أن العمل قد بات مسجلاً، ولا سبيل لتعديل أي شيء.
الحقيقة أن الهدف لم يكن أن يسجل منصور اسمه بين أهم شعراء العرب، بل كان له هدف آخر، فقد كان قد كتب 4 أبيات لسيدة أحبها في منطقة تل خياط، وعلم أنها ستحضر حفلة فيروز ووديع الصافي فأراد أن يهديها بيتين كنوع من التعبير عن إعجابه، فكتب «ويا تلة الخياط لي فيك نجمة، وفوق تلال الرمل منك كثيبُ يسمرني حب عليه إلى المدى، وبيت القساة الظالمي قريبُ، إذا كان ذنبي أن حبك سيدي
مزج الكلمات
مزجت الأغنية بين كلمات الشاعر الأموي الصُّمَّة القشيري كتبها عام 714م، في أبياته
ما أطيب الربى وما أحسن المصطافَ والمتربَّعا
وأذكر أيام الحمى ثم أنثني
على كبدي من خشيةٍ أن تصدَّعا
وليست عشيات الحمى برواجعٍ
إليك ولكن خلي عينيك تدمعا
كأنا خلقنا للنوى وكأنما
حرامٌ على الأيام أن نتجمَّعا
أما الأبيات «لا تحسبوا البعد يغير العهدا، إذ طالما غير النأي المحبينا» فهي للشاعر «ابن زيدون» كتبها عام 1071م، وابن زيدون كان وزيراً، وكاتباً وشاعراً أندلسيّاً من قرطبة.
فيما كتب الشاعر «صدر الدين ابن الوكيل في العام1317م، وهو فقيهٌ شافعي:
يقضي علينا الأسى لولا تآسينا، يا جيرة بانت عن مغرمٍ صبِّ
لعهده خانت من غير ما ذنبِ، ما هكذا كانت عوائد الحبِ
لا تحسبوا البعد يغير العهدَ، إذ طالما غيَّر النأيُ المحبينا
وتعود الأبيات «حاملُ الهوى تَعِبُ يستخفُّه الطَّربُ، إن بكى يحقُّ له ليس ما به لعب.. كلما انقضى سببٌ منكِ عادَ لي سَبَبُ
تعجبين من سقمي صحتي هي العجبُ
تضحكين لاهية والمحب ينتحبُ» إلى الشاعر أبي نواس وهو شاعر عباسي كتبها في العام 145 ه.
عربي بوست