السبت , نوفمبر 23 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

طبول الحرب الرابعة تدق.. من ينتصر إذا اندلعت حرب بين الهند وباكستان؟

طبول الحرب الرابعة تدق.. من ينتصر إذا اندلعت حرب بين الهند وباكستان؟

أحداث كشمير تدق طبول الحرب بين الهند وباكستان. في فجر اليوم بدأت الحرب بين الهند وباكستان. بين قراءة الخبرين تفكيرٌ وحسابات طويلة لجميع الأطراف. فدّق طبول الحرب لا يؤدي دائمًا إلى الحرب. خاصةً إذا تحدثنا عن جارتيّن نووتين. يخبرك السياسيّ أن الحرب بين الهند وباكستان أمر مستبعد منطقيًا. يخبرك العسكريّ أن الجيش هو المفتاح لكل ما أُغلق من أبواب السياسة. ويخبرك الواقع أن عالم اليوم ليس منطقيًا في أغلب الأحيان، وغالبًا ما تُوضع الجيوش خلف طاولة المفاوضات لتجبر الطرف الأضعف على قبول اشتراطات الطرف الأقوى.

الواقع يخبرنا أن الحرب بين الهند وباكستان تحديدًا ليست مستبعدة. وإذا حدثت فلن تكون الأولى ولا الأخيرة، بل ستأخذ الرقم أربعة. الحرب الأولى جرت عام 1947 لنفس سبب حرب اليوم «إقليم كشمير»؛ ففي يونيو (حزيران) 1947 ثار مسلمو كشمير اعتراضًا على قرار المهراجا «هاري سينغ» بعدم الانضمام لباكستان. أعلن الثوار إقامة أول حكومة مستقلة في «آزد كشمير» أو «كشمير الحرة». ردّ عليهم بالعنف سكان ولاية جامو الهندوسية، الولاية التي حولت أغلبيتها المسلمة إلى أقلية بمذابح جماعية دفعت أكثر من 200 ألف مسلم للفرار إلى آزد كشمير.

رجال القبائل الباكستانية دخلوا كشمير لمساعدة المسلمين. المهراجا طلب مساعدة الهند؛ فاشترطت أن ينضم إليها؛ ففعل. استمر القتال من يونيو 1947 إلى مايو (آيار) 1948، ثم توقف القتال للمفاوضات الدبلوماسية، لم تجدِ الدبلوماسية، لكنها خفتت حدة القتال دون أن تنطفئ جذوة العداء. ثم ما لبثت أن عادت الجذوة للاشتعال عام 1965 في الحرب الثانية بين البلدين. والسبب ليس من الصعب استنتاجه،: كشمير. بل الغريب هذه المرة أن المناوشات كانت على منطقة عديمة الأهمية الإستراتيجية لأي من الطرفين، ربما لم يكن أحدهما يدرك وجودها يوم التقسيم. وزاد الاشتعال بقيام الهند حينها بما تفعله في 2019 تمامًا: إلغاء الحكم الذاتي لكشمير عنوةً، وغلق الباب أمام أية مفاوضة سياسية قائمة أو محتملة.

الحرب الثانية كانت أشرس وأنكى. كل دولة تجر الأخرى للقتال، ثم تهرع للمجتمع الدولي لتُشهده أنها الضحية لا الجاني. الهند بدأت حربها الثانية بمناوشات خفيفة؛ فصعقتها باكستان بأسلحة أمريكية ودبابات لم تظهر من قبل. فردّت الهند بالمدرعات وبأعداد ضخمة من الجنود. هرعت باكستان تطلب تدخل المجتمع الدولي؛ فتم لها ما أرادت. توصل الطرفان إلى اتفاق لوقف إطلاق نار، خرقته باكستان بتسلل بعض من قواتها لتنفيذ انقلاب في جامو، والجزء الهندي من كشمير. تخلت الهند عن قرار وقف إطلاق النار وسحقت منقطة البنجاب تمامًا.

بعد إلغاء الحكم الذاتي عن كشمير.. هل تتخلى السعودية والإمارات عن باكستان؟

باكستان تنهزم

استمرت الحرب عامًا وانتهت باتفاقية «طقشند»، نهايةٌ مؤقتة بالطبع. يؤكد عام 1971 أنها كانت مؤقتة، ويؤكد أن الحرب النووية الشاملة ليست مستبعدةً كما يتصور الساسة. بدأت الحرب الثالثة، لكن المرعب هذه المرة أنها لم تكن بين البلدين، بل هجومًا هنديًا كاسحًا. الحرب الخاطفة التي استمرت لأسبوعين فقط؛ أدت إلى فصل باكستان الشرقية عن الغربية، وقيام جمهورية جديدة تُسمى «بنجلاديش».

في ديسمبر (كانون الأول) 1971 شنت القوات الجوية الهندية ضربات مكثفة على مطارات وطائرات باكستان. هجمات لم تتوقف لمدة يومين حتى فرضت الهند سيطرتها الكاملة على سماء باكستان الشرقية. أيام متتابعة شهدت غرق غواصة باكستانية بكامل طاقمها، 80 فردًا. أغرقت مجموعة هندية المدمرتين «خيبر» و«شاه جيهان». ووقعت العديد من السفن الباكستانية في الأسر. ضربات متتالية لم تقدر قيادة القوات الباكستانية على مواجهتها إلا بالانسحاب العام والتراجع.

https://youtu.be/t8FqfHcvr0c

المجتمع الدولي وقف مشلولًا هذه المرة بالـ«فيتو» الروسي ضد أي قرار لوقف الحرب. وحين نجحت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتجاوز حق النقض الروسي كان الأوان قد فات. سيطرت الهند على «داكا»، واستسلم فيها قرابة الألفي جندي باكستاني، فأعلنت الهند أن داكا صارت ملكها، ووثقت ذلك بتوقيع قائد القوات الباكستانية على وثائق الاستسلام. لم يحتمل الرئيس الباكستاني «يحيى خان» الغضب الشعبي فاستقال في 20 ديسمبر 1971.

اقرأ المزيد في قسم الاخبار

حرب استمرت لـ20 يومًا استطاعت فيها الهند أن تُكبّد جارتها خسارة جزء من أراضيها، وعزل رئيسها، إلى جانب قتل عدد مجهول من المدنيين والعسكرين. قُتل في هذه الحرب وحدها ما يُقارب 2500 جندي هندي، في مقابل 1200 جندي باكستاني. 93 ألف أسير باكستاني أخذتهم الهند، في مقابل 616 جندي هندي أسرتهم باكستان. البحرية الهندية خسرت فرقاطةً واحدة، بينما خسرت باكستان فرقاطة وغواصة وكاسحة ألغام وثلاثة زوارق مسلحة. كما فقدت باكستان 50 طائرة مقاتلة بزيادة خمس مقاتلات عما فقدته الهند.

ما المانع من حرب جديدة؟

الحروب الثلاثة السابقة تخبرنا حقيقةً واحدةً: أنه لا يُستبعد إذًا أن يشهد عام 2019، أو أي عام لاحق حربًا جديدة ما دامت مشكلة كشمير لم تصل إلى حل نهائي يرضي الطرفين. ولن يرضى الطرفان أبدًا، فما يريده كلاهما هو كامل السيطرة على الإقليم. وبما أن كامل السيطرة لا يمكن أن تتحق إلا بإزاحة المنافس، فلا يمكن استبعاد حرب جديدة مدفوعةَ بالشعور الهندي بالقوة والأفضلية، أو مدفوعةً بالرغبة الباكستانية في الثأر والانتقام، لكن أي الجيشين أقوى حاليًا؟ وإلى جهة يمكن أن يميل ميزان القوة العسكرية بين الطرفين؟

يمكن إجمال الأمر في القول إن الجيش الهندي هو الرابع عالميًا من بين 137 دولة، بينما الجيش الباكستاني يحتل المرتبة 15. عدد جنود الجيش الهندي في الخدمة حاليًا مليون و300 ألف جندي. إضافةً إلى مليونين و100 ألف في صفوف الاحتياط متأهبين للخدمة وقت الحاجة.

وتحتوي الهند إجمالًا على 450 مليون مواطن ملائم للخدمة العسكرية إذا لزم الأمر، أي ما يُقارب 30% من إجمالي سكانها البالغ مليار ونصف مواطن. على الجهة الأخرى نجد الجيش الباكستاني متألفًا من 650 ألف جندي فقط في الخدمة. واحتياطيه من الجنود يبلغ 550 ألفًا آخرين. والصورة الأكبر فيها 76 مليون مواطن ملائم للخدمة متى لزم الأمر من أصل عدد سكانها الكلي البالغ 200 مليون مواطن.

لكنّ قصور تلك المقارنة هو أننا لم نعد في زمن الحروب المباشرة. لا ميدان للمعركة يصطف جنود الفريقين على طرفيه يتقاتلان ساعةً من نهارٍ وتُحسم النتيجة بعدها. حروب المستقبل الرشيقة والصواريخ الموجة والضربات الخاطفة هى من يمكنها أن تحسم الأمر لا أعداد المقاتلين في صف كل جيش. يزيد تلك النقطة وضوحًا هو مقدار إنفاق كل دولة على عتادها العسكري من الأسلحة الخاطفة.

باكستان أنفقت عام 2018 ما يُقارب 11 مليار دولار على التسلح، أي 3.6% من ناتجها القومي. أما الهند فأنفقت في نفس العام 58 مليار دولار، أي 1.2% من ناتجها القومي. تلك الأرقام تظهر سعيًا باكستانيًا للتطوير إذ خصصت 20% من إنفاقها الحكومي على السلاح في السنوات السابقة. كما تظهر اطمئانًا هنديًا لقوتها الحالية؛ إذ لم تنفق سوى 12% من إنفاقها الحكومي السنوي.

لذا إذا كان الأمر يدور حول العدد فالغلبة للهند، فبجانب قوتها البشرية فهى تمتلك ما يربو عن 3500 دبابة، بينما باكستان 2500 فقط. والهند تملك 10 آلاف قطعة مدفعية، بينما باكستان تملك 4500 فقط. لكن بوضع الاهتمام في الإنفاق قيد الحسبان نكتشف أن الجيش الهندي يواجه نقصًا خطيرًا في عمليات الصيانة، وقطع الغيار، والخدمات اللوجيستية الأخرى اللازمة لتؤدي تلك الأسلحة وظيفتها على أفضل وجه.

من يملك السماء ينتصر

الهجمة الأولى يجب أن تكون جوية، سواء كانت بصواريخ منطلقة من أرض ثابتة أو عبر مقاتلات طائرة. الصواريخ تمتلك منها أكثر من 4 آلاف، أما باكستان فألف فقط. المدى لا يشكل عائقًا في هذه الحرب نظرًا لتقارب حدود البلدين. فصواريخ باكستان قصيرة ومتوسطة المدى مثل «شاهين 2» يمكنها أن تصل إلى أي مكان في الهند. وبالتأكيد يمكن لصواريخ الهند مثل «أغني-3» التي يتراوح مداها من ثلاثة إلى 5 آلاف كيلو متر أن تخترق أي نقطة داخل باكستان.

صواريخ الفريقين قادرة على حمل رؤوس نووية، وتتفوق باكستان في امتلاكها 150 رأسًا نوويًا، بينما الهند تمتلك 140 فقط. الفارق ضئيل لا يمثل مشكلةً، وفي كل الأحوال من يُلقي القنبلة النووية أولًا هو من ينتصر. فلا حاجة لكل هذه الرؤوس النووية الباقية، وقرب المسافة وصعوبة أن تتجنب أي بلد التعرض لمخاطر الإشعاع النووي يجعلان اللجوء للخيار النووي أمرًا صعبًا ومستبعدًا للغاية. لكنّه ليس مستحيلًا خاصةً مع إعلان باكستان امتلاكها أسلحةً نووية يمكنها ضرب أهداف محددة.

الصواريخ هى ما ستعطي الأفضلية للهند، أما باقي سلاحها الجوي فلا يمكن الاعتماد عليه. الهند تمتلك ألفي مُعدّة جوية تتراوح ما بين طائرات هليكوبتر ومقاتلات وطائرات نقل وتدريب. يخدمهم أكثر من 350 مطارًا معدًا للأغراض العسكرية. بذلك تتجاوز الهند جارتها التي تملك 1300 معدة جوية، يخدمهم 150 مطارًا فقط. لكن إذا أضفنا مناصرة الصين لباكستان، ووضعنا احتمالية الهجوم الجوي على الهند من محوري باكستان والصين، فإن الصين سوف تحتاج 750 طائرة للدفاع عن نفسها. أي أنها تحتاج 42 سربًا كاملًا من الطائرات، هذا الرقم لا تمتلكه الهند بدايةً، وسوف يتناقص عتادها من الطائرات قريبًا. فالهند تعتمد بصفة أساسية على مقاتلات «ميج 21» الروسية المستخدمة منذ عقود، والتي يُحتمل أن تخرج من الخدمة في أي وقت.

حتى إذا أزلنا الصين من المعادلة فإن سلاح الجو الباكستاني قليل العدد، لكنّه شديد التأثير. باكستان تمتلك 438 مقاتلة معظمهم من «إف-16» الأمريكية و«إف 7ب» الصينية، وكلاهما صعب المراس. كما أن باكستان تغطي سماءها بسبع طائرات للإنذار المبكر ما يجعل ثغرات سمائها أقل من الهند التي تمتلك أربع طائرات فقط.

الحرب الخاطفة عام 1971 أظهرت أن البحر سيغدر بباكستان إذا سبقتها الهند إليه. فالهند تمتلك حاملة طائرات بحرية، بينما لا تمتلك باكستان منها. وتمتلك الهند 11 مدمرة وباكستان تمتلك صفرًا. 16 غواصة للهند مقابل خمسة فقط لباكستان. بينما لا تمتلك باكستان أي سفينة حربية صغيرة مثلما تمتلك منها الهند 22 قطعة. ويخدم في الأسطول الهندي 139 زورق دورية في مقابل 11 زورقًا فقط في الأسطول الباكستاني.

إذًا حسم الحرب بين طرفين شديدي القوة مثل الهند وباكستان يعتمد على من يضرب أولًا ودقة ضربته الأولى. قد تختلف الآراء حول من يصمد للنهاية منهما، لكن لن يختلف أحد على أن جميع الأطراف دائمًا ما تخرج خاسرة من الحروب. الرابح الوحيد فيها هو تاجر السلاح، إما التاجر الروسي الذي يمد الهند بالسلاح، أو التاجر الصيني والأمريكي الذي يمد باكستان بالسلاح. وتقارب الحدود بين البلدين وتداخل بعض المناطق – مثل كشمير – يجعل من العسير حصر الضرر في بلدٍ دون آخر، ففي كل السيناريوهات ستضطر كل دولة لقمع جزء من شعبها من أجل الاستمرار في الحرب.

sasa