السبت , نوفمبر 23 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

“بورصة البطون”..حلّ سحري للغلاء والفقر

“بورصة البطون”..حلّ سحري للغلاء والفقر

عندما يتداول الأفراد مصطلح (بورصة)، فإن الفهم السريع والجاهز له، إنما يتمثل في ذاك الحيز الافتراضي، الذي تباع وتشترى فيه الأوراق المالية، أي الأسهم والسندات وغيرها، لكن عملياً هناك الكثير من البورصات الأخرى، التي تتداول صفقات المواد والسلع الرئيسة، وتعرف عادة بـ(بورصة السلع)، وإذا كان حجم التداول في الأولى يقاس بعدد الأوراق التي يتبادلها العارضون والطالبون، فإنه يقاس في الثانية بعدد الأطنان المسلمة من السكر أو الرز أو النحاس وغيرها..

محلياً، لا توجد لدينا مثل هذه البورصة، كما لا يوجد تعاطٍ مع أي من هذه البورصات حول العالم، إلا عندما يتعلق الأمر بالصفقات والبضائع التي يطلبها المستوردون، وذلك بقصد المفاضلة بين أسعارها في البورصات الأوروبية أو الآسيوية مثلاً، وهكذا فإن السعر الذي تباع به السلعة في أسواقنا، هو سعر يحدده المستورد، مع إضافة هامش ربح لا يعلمه إلا الله، وقد يصل في بعض الأحيان إلى أضعاف سعرها المتداول في تلك البورصات، ونحن ليس أمامنا إلا الشراء صاغرين..!

تجربة مشجعة..
ما أقدمت عليه شركة محروقات، عندما سعرت البنزين الحر الذي يباع خارج البطاقة الذكية وفقاً لسعره في بورصة البنزين العالمية، يمثل تجربة مشجعة لا بد من سحبها على السلع الأخرى؛ لأن مثل هذا التسعير يعد تسعيراً عادلاً للأطراف جميعاً، أولاً لأن مثل هذا التسعير يتم وفق ضوابط محددة بناء على سعر هذه السلعة اليوم في البورصة العالمية، وثانياً لأن هذا التسعير يتصف بالمرونة والتغير الدائم، بناء على سعر برميل النفط في الأسواق العالمية، ما ينعكس على سعره محلياً هبوطاً أو ارتفاعاً.

لِمَ لا.. ولكن!
بشيء من التحفظ، يتقبل الخبير الاقتصادي الدكتور علي كنعان فكرة وجود بورصة للسلع، تعمل تحت مظلة وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وتستفيد منها غرف التجارة والصناعة والزراعة بالدرجة الأولى، ولكنها بحاجة إلى وجود مستوردين كبار (شركات مساهمة)؛ لأن الشركات الصغيرة من السهل أن تتملص من التزاماتها، وغالباً لا تستطيع أن تفي بهذه الالتزامات، كما أن العرض في هذه البورصة يعني البيع، وممنوع حبس البضائع واحتكارها.

ووفقاً لكنعان، يختفي السعر الاحتكاري لصالح آخر معوم، يجب أن يؤشر على السعر العالمي لهذه السلعة أو تلك بفارق سعري (+-5%)، فمثلاً إذا كان سعر الطن في البورصات العالمية للسلعة من السلع يساوي 250 دولاراً، فإن سعر الكغ الواحد سيكون ربع دولار، وهو ما يوازي 150 ليرة سورية على أساس سعر صرف 600 ليرة سورية للدولار الواحد، وبعد إضافة التكاليف وهامش الربح، فإن السعر النهائي يجب ألا يتجاوز الـ170 ليرة للكغ.

التجار سيكونون أصحاب مصلحة في قيام هذه البورصة؛ لأنها تضمن أن يكون الجميع بائعاً ورابحاً، خلافاً للوضع الحالي، حيث تعاني الأسواق من احتكار القلة وعمليات تركز تجاري على نحو واضح، فالسلعة الواحدة قد لا يتجاوز عدد مستورديها أصابع اليد الواحدة.

وهذا رأي التجار
لا يبدي نائب رئيس غرفة تجارة دمشق عمار بردان حماساً لمثل هذه البورصة، ولا يميل إلى أنها قد تسهم في تخفيض أسعار السلع والمواد الأولية سواء أكانت محلية أم مستوردة، أولاً لأنه درجت العادة أن تركز على المنتج المحلي، ولا توجد في سورية سلع مهمة ومؤثرة تستدعي تسعيرها عبر هذه البورصة، فمثلاً هناك بورصة للحديد في بيلاروسيا، وأخرى للشاي في سيريلانكا، علماً بأن المنتجين غير ملزمين للبيع عبرها، فهم أحرار بتصريف منتجاتهم بالطريقة التي تروق لهم.

ثانياً، فإن مثل هذه البورصة، في حال إحداثها، لن تنسجم مع القوانين والأنظمة المحلية، فمثلاً الدولة ممثلة بوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك – مديرية الأسعار، هي من يحدد ويراقب الأسواق عموماً، أيضاً هناك الضرائب والرسوم، فلو أن مستثمراً تعرض لخسائر كبيرة في هذه البورصة، فهل تعفيه وزارة المالية من الضرائب المستحقة عليه، وفي حال الطلب الخارجي عبر هذه البورصة والتصدير، ما هي المحددات والقوانين، التي تضبط هذا الأمر، إضافة للكثير من التساؤلات التي تحتاج أجوبة واضحة، قبل التفكير بمشروع من هذا القبيل.

مؤشر “فاو” للمنتجات الزراعية
تؤدي منظمة الأغذية والزراعة الدولية “فاو” دوراً رئيساً في رصد وتحليل ونشر بيانات أسعار الأغذية لقائمة كبيرة من السلع، وذلك بتتبع حركتها وأسعارها من المنتجين إلى المستهلكين من خلال الأسواق المحلية والدولية على السواء. ويرصد مؤشر أسعار الأغذية في المنظمة التغيرات الشهرية لخمسة مؤشرات للسلع الأساسية و55 عرض أسعار، وتوفر قاعدة البيانات (FAOSTAT) إمكانية الوصول المجاني إلى بيانات الأغذية والزراعة لأكثر من 245 بلداً وإقليماً، ولحوالى 200 سلعة، فيما تغطي جميع التجمعات الإقليمية للمنظمة منذ عام 1961 إلى آخر عام متاح. وتستخدم أسعار المنتج الزراعي، إلى جانب بيانات الإنتاج، لتقدير قيمة إنتاج البلدان، حسب السلع وإجمالياً، وكذلك كمؤشر أسعار المنتجين، الذي يقيس التضخم في الأسعار. كما تُمكّن هذه المحللين من تحليل نقل وتقلب الأسعار.

اقرأ أيضا: رئيس هيئة الأوراق المالية: الشح بالدولار ليس فقط في سورية بل بكافة دول الجوار

هذه البورصة..
تعد بورصة السلع المكان الذي ينظم القواعد والإجراءات الخاصة بعملية التبادل التجاري، وبدأت بتداول المنتجات الزراعية، حيث كانت ولاية شيكاغو الأميركية هي المركز الرئيس لهذا النوع من التجارة، وحالياً هناك الكثير من هذه البورصات حول العالم، يجري التداول فيها على سلع زراعية، مثل القمح وفول الصويا والسكر والقهوة والكوكا والذرة والقطن، وصناعية مثل النفط والغاز الطبيعي ووقود التدفئة والمازوت والنفط الخام والمعادن والبلاستيك والأسمنت وغيرها..، وتؤثر عوامل مختلفة في أدائها، ولكن الأسعار تعتمد بشكل رئيس على العرض والطلب. إقليمياً، ما زال انتشار مثل هذه البورصات محدوداً، وهناك بورصتان نشطتان في الإمارات وإيران.

البعث