إلى محبي الأفلام الكلاسيكيّة.. 10 أفلام لم تشاهدوها على الأغلب
مثلت الفترة الزمنية بين الخمسينيات والسبعينيات حقبة مختلفة في تاريخ صناعة الأفلام الكلاسيكية، فمع انتهاء الحرب العالمية الثانية، أصبح المشهد السينمائي مفتوحاً على مصراعيه، وأصبح باستطاعة المخرجين من جميع أنحاء العالم استقطاب الجمهور دون الاضطرار إلى التضحية برؤيتهم أو قصتهم الفنية، وفق موقع Taste of Cinema الأمريكي.
10 أفلام كلاسيكية لم تتم مشاهدتها من تلك الحقبة
ومع ذلك، قد لا تكون أفلام هذه القائمة هي الأفلام الأولى التي تتبادر إلى الذهن عند التفكير في الأفلام الكلاسيكية أو أفضل فيلم قدمه مخرج معين.
بعض هذه الأفلام ذات تكلفة إنتاجية ضخمة، والبعض الآخر قد يكون صُوّر في موقع تصوير واحد في اليابان؛ لكن جميعها لديها شيء لتضيفه إلى تاريخ السينما.
فيلم Major Dundee
بعد نجاح فيلمه السابق «Ride the High Country»، حصل سام بكنباه على أول مشروع بميزانية كبيرة من Columbia Pictures لإخراج فيلمه الذي تدور أحداثه في فترة ما بعد الحرب الأهلية الأمريكية حول سلاح الفرسان.
الفيلم من بطولة شارلتون هيستون، الذي يلعب دور قائد جيش مكون من أسرى الحرب، والذي يتوجه لمحاربة مجموعة من شعب الأباتشي وهم من السكان الأمريكيين الأصليين.
بعد إخفاقه في معركة جيتيسبيرغ، يصور هيستون الرائد دندي كرجل باحث عن النصر، وهو على استعداد لفعل أي شيء لإثبات نفسه في أرض المعركة ورد شرفه. يظهر في الفيلم أيضاً أحد الممثلين الذين اعتادوا العمل مع بكنباه، وهو جيمس كوبرن، ويلعب دور إحدى الشخصيات التي تشكل سلاح الفرسان.
بسبب بعض المشاهد الصعبة أو المزعجة، أتى الاصدار النهائي للفيلم من شركة Columbia بعيداً عن تصورات بكنباه، فقد قطعت بعض مشاهد الفيلم لتنخفض مدته الزمنية من 152 دقيقة إلى 123 دقيقة.
وخلال عرضه، كان أداء الفيلم ضعيفاً في دور العرض، مما دفع بكنباه إلى تبني عقلية «مكافحة شركات الإنتاج» وهي الأفكار التي تبناها في ما تلا من مسيرته الفنية.
مع إصدار النسخة الممتدة التي رُمِّمَت حديثاً، حصل الفيلم على المزيد من الإشادة. ومن المؤكد أن حب بكنباه للتصوير في المكسيك ظهر جلياً في هذه النسخة، خاصة في مشهد استيلاء سلاح الفرسان على الإمدادات في إحدى المدن المكسيكية.
وأظهرت مشاهد اجتياح الفرسان لجميع أنحاء نيو مكسيكو ما يمكن لبكنباه فعله بميزانية كبيرة.
وكان بكنباه قد أخرج ببراعة المعركة النهائية بين جيش دندي والفرنسيين، والتي صُوِّرَت بشكل أساسي من فوق صهوة جواد.
ويقدم الفيلم أيضاً قصة درامية يمكن التواصل معها بعيداً عن أجواء المعارك، وهي القصة التي تصور مثلث الحب بين دندي وتيريزا وتايرين، والذي لعب دوره ريتشارد هاريس.
وبسبب التوتر بين أعضاء جيش الفرسان نتيجة لكونهم مزيجاً من جنود الاتحاد والسجناء من المتمردين، يمكننا رؤية أن بكنباه سعى إلى صنع شيء أكثر من مجرد فيلم من نوع الغرب الأمريكي بميزانية كبيرة.
فيلم Lola Montès
في وقت عرضه، كان يمثل أعلى الأفلام كلفة في تاريخ السينما الفرنسية، لكن الجانب المحزن هو أن Lola Montès شهد أيضاً فشلاً هائلاً في شباك التذاكر.
فقد استخدم المخرج الأسطوري ماكس أوفولس تقنية الاسترجاع (Flashback) في رواية الفيلم أكثر مما يمكن للجماهير الفرنسية احتماله.
لقد كانت تقنية استرجاع الماضي هي الوسيلة لإظهار من هي لولا، التي لعبت دورها مارتين كارول، مع التأمل في علاقتها الغرامية الأشهر والأسوأ للسمعة.
أما المشاهد التي تستعرض الزمن الحاضر بالنسبة للفيلم فقد ظهرت فيها لولا كبطلة لاستعراض جانبي لتسلية الرجال في سيرك نيو أورليانز الذي يديره بيتر أوستينوف.
ومع تواصل الاستعراض من جانب وانجراف علاقتها نحو الأسوأ من جانب آخر، تصعد لولا إلى قمة خيمة السيرك لتؤدي القفزة النهائية دون وجود شبكة إنقاذ، وهو مشهد نهاية الفيلم. أما المشاهد خلف ستار المسرح فقد سلطت الضوء على ضعف حالة لولا الذهنية.
فيلم The Young Lions
يظهر أسلوب التمثيل المنهجي جلياً في هذا الفيلم الذي أخرجه إدوارد ديمتريك وتدور أحداثه أثناء الحرب العالمية الثانية
فعلى الجانب الأمريكي، يلعب كل من دين مارتن ومونتغمري كليف دوري جنديين انضما حديثاً إلى الجيش.
ولم يكن لدى مارتن، وهو مغني صالة مشهور، أي نية لخوض الحرب وكان يخطط للخروج في أقرب وقت ممكن؛ في حين يظهر كليف في صورة رجل وديع جداً عليه الدفاع عن نفسه ضد مضايقات زملائه لكونه يهودياً.
في حين ينجح مارلون براندو في لعب دور مدرب تزلج سابق تحول ليصبح ضابطاً من قوات إس إس مع لهجة ألمانية قوية، بينما يستعرض الفيلم صراعه الخاص مع كونه جزءاً من مسعى هتلر الدموي.
اقرأ أيضا: فستان نسرين طافش ونجوى كرم يثير الجدل.. والمصممة توضح
يتنقل ديمتريك ببراعة بين قصص الحلفاء وقصص المحور دون حدوث تفاعل بين مارتن وكليف مع براندو.
وكان مارتن قادراً دائماً على إضافة نوع من التباهي إلى أدائه، على الرغم من أنه عادة يؤدي الدور بتلقائية.
في وقت عرض الفيلم، كان هذا الفيلم يختلف عن أفلام الحرب الأخرى. فعادة ما تكون أفلام الحروب تدور حول المعارك وإطلاق النار. لكن فيلم «The Young Lions» ركز بشكل أكبر على الحياة الشخصية للجنود، وتصوير حالتهم الذهنية في وقت الحرب.
فيلم Trafic
في الظهور الأخير لشخصية مسيو هولو، يستعين المخرج جاك تاتي بمجازاته المعتادة للسخرية من المجتمع الحديث، مع التركيز هذه المرة على صناعة السيارات.
في تلك الأوقات، ربما كانت فكرة صنع فيلم جديد بعد تحفة تاتي السينمائية «Playtime» مهمة صعبة بالنسبة للمخرج.
ومع ميزانية أقل من الفيلم السابق، يظهر هولو في دور مخترع السيارات لدى شركة فرنسية تدعى Altra. مهمة هولو في الفيلم هي نقل سيارة التخييم المصممة حديثاً من باريس إلى أمستردام في الوقت المناسب لعرض سيارة.
يواجه كل من هولو، وسائقه، ورئيس قسم الموارد البشرية التي تدعى ماريا، الكثير من العثرات في جميع أنحاء أوروبا على طول طريقهم.
في «Trafic»، استرسل تاتي في المشاهد التي تصور المواقف الكوميدية، دون إعطاء مغزى واضح لبعض هذه المواقف حتى وقت لاحق من المشهد ذاته. وكان المشهد الذي جمع كشك الرسوم مع مندوب مبيعات التماثيل هو واحد من أفضل هذه المشاهد في الفيلم.
فيلم I Knew Her Well
في اللمحة التي يقدمها أنطونيو بيترانجيلّي عن إيطاليا في الستينيات، تبحث ستيفانيا ساندريلي، التي لعبت دور البطولة، عن النجومية في روما.
ومن خلال الفيلم يمكن أن نتعرف على رحلتها المليئة بلحظات الصعود والهبوط في محاولتها لبلوغ هدفها.
وتتشابه العديد من المشاهد التي تصور الحفلات في الفيلم مع تلك الموجودة في فيلمي «La Dolce Vita» و «8 ½». ومثلت أغاني البوب المتنوعة من فترة الستينيات، والتي تناثرت على طوال الفيلم، لمسة لطيفة من المخرج.
خلال الفيلم، نرى صراع ستيفاني ورغبتها في النجاح في هذا العالم الجديد الذي أصبحت جزءاً منه. هذا الفيلم كلاسيكي، لا يعتمد على القصة، ولكنه يعتمد بشكل أساسي على الإحساس والأسلوب الذي أخرج به، وهو ما يضفي طابعاً فاتناً على الستينيات الإيطالية.
فيلم The Young Girls Of Rochefort
هذه هي ثاني تحفة موسيقية من صنع جاك ديمي والتي لا تزال تلهم الأفلام في يومنا الحالي، مثل فيلم «La La Land» من إنتاج عام 2016.
وبدلاً من تأدية كامل حوار الفيلم عن طريق الغناء، مثل تحفته السابقة «The Umbrellas Of Cherbourg»، الذي قامت ببطولته كاترين دنوف أيضاً، قرر ديمي تأدية بعض المشاهد الحوارية بشكل طبيعي، مما يجعل الفيلم منفتحاً للجمهور.
وأثمر التعاون المعتاد بين ديمي والموزع والملحن ميشيل ليغراند ألحاناً بديعة تناسب الحوار الذي كتبه ديمي عن الفقدان والحب.
إن تواجد الممثل جين كيلي أضاف حقاً لمسة من عالم فيلم «Singin ‘in the Rain» إلى عالم ديمي الغني بالألوان، بل إن أداءه الغنائي والراقص قد تحسن عن تجاربه السابقة.
وقد كان مثيراً للإعجاب أن نرى كيلي يتحدث باللغة الفرنسية بدلاً من أداء دوره باللغة الإنجليزية. أيضاً كانت حقيقة أن دينوف وفرانسواز دورلياك هما شقيقتان في الحياة الحقيقية تعد إضافة إلى الفيلم.
والعديد من الأغاني التي غنوها سوياً، مثل «A Pair Of Twins»، هي بعض من أفضل أغاني الفيلم.
على الرغم من أن الفيلم ليس درامياً مثل «Umbrellas»، احتوى الفيلم فقط على عنصر المتعة والمرح، وهذا ما يجعله قابلاً للمشاهدة مرات عديدة.
يذكر أن المدينة الفرنسية الساحلية، التي يبدو أنها موجودة في كل أفلام ديمي تقريباً ما عدا «Donkey Skin»، هي مرة أخرى خلفية للعديد من قصص الفيلم، والتي تؤدي جميعها إلى الاستعراض النهائي في نهاية الفيلم.
فيلم Johnny Guitar
ربما كان نيكولاس راي هو أكبر معادٍ لأفلام الغرب الأمريكي في كل العصور، حتى إنه عمل على تدمير العديد من المجازات الخاصة بهذا النوع من الأفلام في أفلامه.
فعادة ما كانت القبعة السوداء للأشخاص السيئة والقبعة البيضاء للأشخاص الجيدة، لكن في هذا الفيلم، فإن جميع الشخصيات تقع في المنطقة رمادية اللون.
تلعب دور فيينا الممثلة جوان كروفورد، بينما ذهب دور جوني غيتار إلى ستيرلنغ هايدن، وكلتا الشخصيتين تأتيان من ماضٍ مضطرب، لكنهما تحاولان تحقيق الأفضل لأنفسهما في عالم يريد اختفاءهما. تدير فيينا الحانة التي يتردد عليها العصابة المحلية في كثير من الأحيان، وهو ما يؤدى إلى تصاعد غضب أهل المدينة ضدها بقيادة الممثلة مرسيدس مكامبريدج، والتي تحاول طرد فيينا.
كان هذا فيلماً سابقاً لعصره بالتأكيد. فالشخصيات الأنثوية البطلة في الفيلم ظهرت بشكل ذكوري سواء على مستوى الأداء أو الملابس.
وفي مشهد معين، تلقي مكامبريدج خطاباً مشابهاً لخطاب هتلر عندما تحدثت عن طرد فيينا من المدينة. أيضاً، تعكس طريقة تصوير فيينا في بداية الفيلم صورة هتلر بوضوح. وعلى المستوى التقني، فإن لوح الألوان المستخدمة في الفيلم كانت مذهلة.
كل الألوان زاهية، خاصة شفاه كروفورد الحمراء وزيها الأصفر. ويمهد المشهد الافتتاحي للقصة بشكل مثالي، حيث يقدم كل الشخصيات وصراعاتها.
وشكلت مجموعة من الممثلين العظماء أعضاء عصابة الفتى الراقص أو «Dancin’ Kid’s»، منهم سكوت برادي وإيرنست بورغنين، لإضفاء المزيد من الأجواء الغربية.
فيلم The Merchant of Four Seasons
مثل جميع الفنانين، فالمخرجون أيضاً لديهم فترات مختلفة من حياتهم المهنية يحدثون فيها تغييراً أسلوبياً في أعمالهم الجديدة عن أعمالهم السابقة.
هذا هو أحد آخر أفلام رينر فيرنر فاسبندر في فترته المبكرة قبل التحول لصناعة أفلام ميلودرامية مستوحاة من أعمال المخرج دوغلاس سيرك.
يمثل هذا الفيلم أيضاً تذوق فاسبندر الأول لطعم النجاح العالمي خارج حدود ألمانيا وخارج نطاق جماهير الموجة الألمانية الجديدة.
في معظم أعمال فاسبندر، عادة ما ينشأ صراع عائلي يؤدي إلى أحداث فظيعة تطال أبطال الفيلم. وفي هذا الفيلم يتناول قصة بائع فواكه متجول يتحول لإدمان الخمور مما يفسد دوره الاجتماعي.
وبالتأكيد ينهال فاسبندر بالكثير من المشكلات على رأس شخصية هانز على مدار الفيلم، ولا يعطيه أي فرصة لالتقاط أنفاسه على الإطلاق. لكن هانز أيضاً يقوم باختيارات سيئة على طول الطريق، وهو الأمر الذي يبرر استحقاقه للعقاب.
فيلم Death by Hanging
باستخدام الأسلوب الوثائقي في صناعة الأفلام، تمكن ناغيزا أوشيما من نقلنا إلى غرفة الإعدام، طارحاً على الجمهور سؤالاً واحداً: ماذا يحدث عندما ينجو الشخص من الموت أثناء تنفيذ عقوبة الإعدام؟
في هذه الحالة التي يتناولها أوشيما، يفقد بطل الفيلم المعروف بـ «R» كل ذاكرته الخاصة بجرائم الاغتصاب والقتل التي ارتكبها، مما يدفع قوة الشرطة المرتبكة إلى إعادة تمثيل هذه الجرائم من أجل إنعاش ذاكرة المتهم.
يتبع أوشيما نهجاً هزلياً إلى حد كبير، جاعلاً أسلوب حراس السجن يشبه الرسوم المتحركة إلى حد ما، وذلك من أجل التخفيف من حدة هذا الموضوع الصعب الذي يتناوله.
يذكر أن العديد من أفلام أوشيما المنتمية للموجة اليابانية الجديدة التي ظهرت في تلك الفترة تناولت الاحتلال الياباني لكوريا وإساءة معاملة الكوريين. واستخدم أوشيما تقنيات الكاتب برتولت بريشت، جاعلاً من الفيلم وكأنه مسرحية.
فيلم Marnie
تحفة ألفريد هيتشكوك الأخيرة «Marnie» هو فيلم ينبغي وضعه إلى جانب أفلام هيتشكوك الكلاسيكية الأخرى مثل «The Birds» و «Window Rear».
في هذا الفيلم الذي تلا «The Birds» تعود تيبي هيدرن لتلعب دور مارني، اللصة التي تسرق المال من مختلف أرباب العمل حتى يقبض عليها في نهاية المطاف مارك روتلاند، الذي يلعب دوره شون كونري، والذي يعين مارني لديه على أي حال.
خلال الفيلم، نشاهد تتطور علاقة نفسية جنسية بين الاثنين. ففي نقطة ما من الأحداث يُبقي روتلاند على مارني لديه، لكن الأمر أشبه بوقوعها في الأسر، ويتطور الأمر إلى تعرضها للاغتصاب على يد روتلاند.
في هذا الفيلم كان هيتشكوك بالتأكيد يحاول أن يطأ المناطق المظلمة، وخاصة العنف الجنسي، وهو ما سيستمر في أعماله التالية حتى فيلمه الأخير «Frenzy».
تقدم تيبي هيدرن أداءً مميزاً، مظهرة لنا الصراع الداخلي الذي تعاني منه مارني بسبب ماضيها، والذي يظهر في مشهد مصنوع ببراعة بتقنية الاسترجاع. كونري أيضاً يقدم أداءً قوياً جداً كبطل لأحد أفلام هيتشكوك.
وأظهر كلا الممثلين تناغماً أفضل فيما بينهما من زوج الممثلين اللذين استعان بهما هتشكوك في فيلمه «Torn Curtain».
ويمثل الفيلم أيضاً التعاون الأخير بين الموزع الموسيقي بيرنارد هيرمان وهتشكوك.