السبت , نوفمبر 23 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

بين المازوت، الطعام واللباس .. كيف تتدبر الأسرة السورية أمرها في فصل الشتاء؟

بين المازوت، الطعام واللباس .. كيف تتدبر الأسرة السورية أمرها في فصل الشتاء؟
“يصبح الحال كئيباً مع بدء المدارس وموسم تحضير المونة واقتراب فصل الشتاء وما يتطلبه من تدفئة وملابس وطعام”، كلمات قصيرة تلفظها سلمى (ربّة منزل) بأنفاس منهكة وكأنها تحمل جبلاً على كتفيها.
تضيف سلمى (49عاماً) وتهل دمعة من عينها تأبى السقوط : “مُعيلنا الوحيد في تأمين لقمة العيش مع زوجي وأولادي الخمسة، هي الأرض التي يتفاوت مدخولها تبعاً للطقس مرة وللحظ مرة أخرى”.
حال عائلة سلمى “الكئيب”، يعكس أوضاع معظم الأسر السورية التي تطرق “الحيرة” أبوابها مع قدوم فصل الشتاء، وتتبعثر جهودها بين تأمين احتياجات أولادها المدرسية والجامعية، و”الهم الأكبر” بتوفير مسلتزمات التدفئة التي لا تحل حرارة ألفة العائلة بديلاً عنها في أشهر الشتاء الأكثر برودة.
وتصف سلمى الأوضاع المعيشية لتلفزيون الخبر، بـ”الصعبة جداً” حيث “تشهد الأسواق ارتفاعاً حاداً في معظم المواد، الأمر الذي يدفعها إلى شراء الاحتياجات الضرورية “بالقطَّارة”، علها توفّر منها ثمن مواصلات اثنين من أولادها إلى الجامعة”.
“ألجأ في فصل الشتاء إلى إعداد الطعام الذي يملأ المعدة وحسب، بالاعتماد على ما تمنحه الأرض لنا”، تضيف سلمى ضاحكةً : “اللحم صار حلم، مرة بالأسبوع ويمكن مرة بالشهر، من شو بتشكي الشوربا؟ طيبة كل يوم، منّو بتقوي المناعة ومنّو بتدفينا”.
وبالنسبة للتدفئة التي يتطلبها فصل الشتاء، الذي يترافق كل عام بارتفاع أسعار المازوت والحطب وانقطاع الغاز، تقول سلمى :”نسينا شكل المدافئ على اختلاف أنواعها، وأصبحت وسيلتنا الوحيدة في تخفيف حدة برد الشتاء هي أكياس المياه الساخنة وحسب”.
أوضاع الأسر السورية التي يعمل الأب والأم فيها بمهن مختلفة، ليست أفضلَ حالاً من أولئك الذين تعيلهم الأرض، حيث تقول المهندسة ريم (34 عاماً وأم لأربعة أطفال) : “تنشئة أولادي تتطلب عناية زائدة كونهم صغاراً، خاصة في فصل الشتاء، فالطبابة والغذاء الصحي واللباس المناسب أولويات لا يمكن تجاهلها”.
“راتبي وراتب زوجي يكفينا “على القد”، إلا في حال حصول طارئ مرضي أو مصروف غير مخطط له خارج قائمة الطعام والتدفئة التي أصبحت من الرفاهيات، عندها سنضطر إلى الدين من الأقارب، أي همَّاً جديداً للتفكير فيه”، تضيف ريم.
“أربعة أطفال في المدرسة يعني 4 حقائب و4 أزواج من الأحذية و6 كؤوس شاي على المائدة”، حسابات بسيطة في ظاهرها لكنها تحمل أحلام (موظفة وأم لأربعة أولاد) إلى التفكير فيها بجدية.
تتبع أحلام (33 عاماً) سياسة تدبير منزلي تعينها في تربية أولادها بظل الأوضاع المعيشية الصعبة حيث تعمل على “الاقتصاد في المصروف وشراء الحاجات المنزلية من محال الجملة، و”توريث” ملابس الابن الأكبر إلى أخيه وهكذا دواليك، كون سعر جاكيت واحدة يعادل نصف راتبها”.
أما عن خطة أحلام في التدفئة، فتقول أنها “تشعل المدفأة مرتين، عند الفجر وبعد غياب الشمس”، مضيفة أنها “عند وقت النوم تضع أولادها في الأسرّة بجانب بعضهم وتغطيتهم بأكثر من غطاء”، مبينة بنبرة حائرة بين الجد والمزاح “ما عنا رفاهية مدفأة بكل غرفة”.
و”عملاً بمبدأ الصرصور والنملة” على حد وصفه لتلفزيون الخبر، يدَّخر أبو يوسف (45 عاماً وأب لخمسة أولاد) أقصى ما يمكنه في فصل الصيف، ليحارب فيه أعباء الشتاء.
“أعمل في دوامين لتوفير احتياجات المنزل، علماً أن اثنين من أولادي في الجامعات ويعملان بهدف مساعدتي في المصروف، ورغم ذلك أفكر بأبسط الأمور اعتباراً من وجبة الغداء التي تكَّلف عائلة بعدد أفراد أسرتي نحو 5000 ليرة سورية، وصولاً إلى المظلات”، بحسب أبو يوسف.
أما معلمة المدرسة مريم (38 سنة وأم لـ3 أولاد) فتتذكر طفولتها عندما كانت مع 5 أخوة أخرين، وتقول : “لم أشعر يوماً بأن ثمة شيئاً ينقصنا، ولم نسمع أهلنا يشتكون من القلة رغم أوضاعنا العادية، أما اليوم ومع ارتفاع أسعار المواد الغذائية ونقص مواد التدفئة، أصبحت الحال صعبة”.
“نحرص أنا وزوجي وهو موظف ويعمل أيضاً في محل كهربائيات، على ألا ينقص أولادنا شيئاً”، وتضيف مريم : “ألغيتُ هذه السنة فكرة المونة، وسأحضر كل طبخة بالاعتماد على ما يتوفر في المتاجر”.
“الحال مستورة”، يقولها أبو علي بعدما رفع عينيه إلى السماء، ويضيف : “لدي 4 أولاد وآخر بالجامعة، انتظر بداية كل شهر لتحصيل أجرة محل أملكه، والتي تشكل لي ولأسرتي “طوق النجاة”، فمرتباتي أنا وزوجتي لا تكفي لإطعام “الفيلق” وتوفير احتياجاته”.
ويضيف أبو علي(42 عاماً) : “نشأت وحيداً لأهلي الأمر الذي دفعني إلى تكوين أسرة كبيرة، لكنني لو قرأت المستقبل وعلمت أن واحداً منهم سينقصه قلم رصاص واحد لاكتفيت بعد إنجاب ولدي الأول”، يقولها بصوت متقطع وكأن حبلاً التف حول عنقه.
سلمى، ريم، أحلام، أبو يوسف، مريم وأبو علي تحدثوا عن استعدادتهم “المتواضعة” لاستقبال الشتاء، بينما تصمت أغلبية الأسر السورية الأخرى عملاً بمقولة “خليَّا بالقلب تجرح ولا تطلع برا وتفضح”، علَّ الحال تبقى مستورة مع تطبيق الحكومة مبدأ “أدن من طين وأدن من عجين”.
بتول حجيرة / توفيق بيطار – تلفزيون الخبر